يوم فى مكتبة الإسكندرية

El-Tahawy Saoud

 

     يوم فى مكتبة الإسكندرية        


 يوم جميل فى محفل ثقافى عظيم بارك الله فيمن شارك ومن ساعد فى إتمام هذه الإحتفالية 


 تقدير وتكريم وشرف نلناه فى رحاب هذه النافذة العالمية .. لله الحمد 

بمعيَّة وحرص الرجل الفاضل الأستاذ الدكتور/ حاتم الطحاوى كانت هذه الزيارة :

نظم متحف الآثار التابع لقطاع التواصل الثقافي ملتقاه الثقافي السنوي الثامن تراثنا الأثري رؤية للمستقبل بعنوان: "محافظة الشرقية: تراثها ومكانتها التاريخية"، بالتعاون مع الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بمحافظة الشرقية؛ يومي 12، 13 يونيو 2025

اليوم الأول: تضمن ندوة بقاعة الوفود بمركز المؤتمرات، منقسمة إلى جلستين، الجلسة الأولى ضمت ثلاث أطروحات دارت حول محور شرقية الحضارة: مدن خالدة مواقع شاهدة عن أهم مدن المحافظة ومكانتها الدينية والتاريخية على مر العصور، ومن تانيس: جوانب من ممارسات إعادة استخدام في جبانة الأسرة 21، وملامح التحول في العصرين البطلمي والروماني في تل بسطا وتانيس.

عقب ذلك تفضل الأستاذ الدكتور/ محمد سليمان قائم بأعمال نائب مدير مكتبة الإسكندرية ورئيس قطاع التواصل الثقافي بافتتاح معرضا توثيقيا بالصور بالتعاون مع نادي كاميرا بالإسكندرية، لموقعي منطقة آثار تل بسطا، وصان الحجر (تانيس)، وذلك بمدخل المكتبة أمام قاعة الأوديتوريوم، ويستمر حتى يوم 15/6/2025، ثم يتم نقل عرضه بعد ذلك أمام متحف الآثار.

وبعده افتتاح معرضا للحرف التراثية والمنتجات اليدوية التي تميز محافظة الشرقية وفن رسم البورتريه بتنسيق بين الهيئة الإقليمية لتنشيط السياحة بالشرقية مع مؤسستي الفن والحياة والأسر المنتجة، بساحة الحضارات كتقديم للجلسة الثانية من الندوة، والذي كان له صدى وأثر كبير لدي الحضور وجميع رواد المكتبة.

ودارات الجلسة الثانية حول محور قراءة في تراث الشرقية من صناعات متميزة وحرف مثل البردي والنسيج وغيرها، بالإضافة إلى تأصيل الخيل بمحافظة الشرقية والتي لها الصدارة فيها، كذلك التراث القبطي وتحويل مسار العائلة المقدسة إلى مشروع، ثم تم عقد المناقشات حول ما تم تناوله، والتي خرج عنها توصيات الندوة وهي:

- ضرورة الاهتمام بالبحث العلمى الأثري عن محافظة الشرقية وتراثها خاصة فى الفترات التى نفتقر فيها الموارد والمصادر مثل ما يحدث عند التعرض لدراسة التراث القبطي.

- ضرورة رفع المشروعات المقدمة من محافظة الشرقية مثل وضع القراموص على الخريطة السياحية (مثلما نراه مع دول العالم إذ أننا نجد بعض التسويق عن مصر يكون من خلال دراسات أجنبية)، بالإضافة إلى مشروع مسار العائلة المقدسة.

- التعاون مع هيئات متنوعة مثل هيئة تنشيط السياحة بالشرقية وقرنائها بالإسكندرية للترويج المتبادل.

- وبصفة عامة ضرورة الاهتمام بأن تجوب في مدن ومحافظات مصر لإلقاء الثقافة والوعي والتوعية بتراث وحضارة هذه المدن والمحافظات التي تحتاج الدعم.

وانتهت الندوة بتكريم الأساتذة المشاركين بأوراق بحثية بالندوة، وأعضاء نادي كاميرا المشاركين بمعرض الصور والتقطت صورة مجمعة للحضور.

اليوم الثاني: 13/6/205، زيارة ميدانية وحضور ورشة عمل صناعة البردي وزيارة موقع أثري:

تُعد قرية القراموص من أهم مراكز إنتاج البردي التقليدي في دلتا مصر حيث تتصدر زراعة وتصنيع ورق البردي. تعرّف المشاركون على مراحل صناعة البردي بداية من زراعته وتقطيعه، مرورًا بعمليات الضغط والتجفيف، وصولًا إلى إنتاج الورق المزخرف يدويًا. وذلك بعرض كل من الطريقة التقليدية القديمة منذ الحضارة المصرية القديمة، وطريقة بها تحديث في بعض الخطوات.

كما شملت الزيارة موقع تل بسطة الأثري (Per‑Bastet)، أحد أبرز مراكز عبادة المعبودة باستت، حيث شاهد المشاركون بقايا المعابد القديمة وتمثال الملكة مريت آمون، إلى جانب زيارة متحف تل بسطة الذي يضم مجموعة مميزة من القطع الأثرية المرتبطة بتاريخ الموقع

الملخص

محافظة الشرقية ودورها فى تأصيل الخيل والمحافظة عليها

علينا أن نعرف أن الشرقية وسيناء كانا إقليماً واحداً وعاصمته بلبيس ، وكان ذلك قبل أن يتم حفرقناة السويس وقبل أن تكون هناك مُدن القناة ، بالتالى الشرقية شرق مصر ، ومن بوابة مصرالشرقية دخلت جحافل جيوش المسلمين حاملين راية الإسلام لنشرالدعوة الإسلامية وتعميق اللغة العربية وكثيرمن المكارم والأخلاق النبيلة ، وتوالت القتوحات وكثرالنازحين وإختلط سكان مصرمن هذه البوابة  ، علاوة على أن مصرعبرالعصور كانت مقصداً لكثير من هجرات القبائل العربية وممن يبحثون عن الرعى والحياة العذبة فى بلاد النيل ، وكانت مرتعاً خصباً وإمتداداً لجغرافية الرعى بالنسبة  لقبائل بوادى الشام ، ومرتعاً لأنعامها وخاصة الخيول ، فى القرن الثالث عشر الميلادى كان من أجلَّ الهوايات عند السلطان الناصر محمد بن قلاوون هى إرتباط الخيل وإعتمد فى أصدق معاملاته على شيوخ البدو من آلَّ مُهنَّا وآل فضل والمعروفين بالموالى ويعودون إلى قبيلة طيَّىء العريقة ، وفى عصر محمد على وفى القرن التاسع عشر ، تكررت هذه الهواية مع الخديوى عباس الأوَّل حيث  ولد وترعرع مع والده طوسون باشا فى بوادى الجزيرة العربية فخبر الصحراء والبدو وعشق الخيل ، وعندما ولى الحكم 1848 عمل على توطيد علاقته بالبدو والإستعانة بهم فى جلب الخيول العربية الأصيلة من بوادى الجزيرة العربية والشام معتمداً على خبرة شيوخ البدو متزامناً ذلك مع وجود قبيلة الطحاوية فى شرق مصرمنذ عام 1812م ، والتى إعتمد عليها أيضاً والده أحمد طوسون باشا وعمه إبراهيم وجده محمد على فى كل فتوحاته ، فأسَّس مربطاً عظيماً فى الصحراء الشرقية وإستمر إنتاجه وسلالاته حتى وقتنا الحالى ، وكان إرتباط  الطحاوية للخيل لا ينقطع متزامناً مع إستمرار سلالات خيول عباس باشا ، كان لهذا النشاط أثره البالغ على محافظة الشرقية بالإضافة إلى العادات والتقاليد الخاصة بقبيلة الطحاوية مثل رياضة صيد الصقور وتدريبها وصيد الغزال بها بواسطة الكلاب السلوقى ، وكانت العلاقة بين قبيلة الطحاوية وأسرة محمد على لا تنقطع ودائماً كلاهما فى حاجة للآخر ، إتخذت محافظة الشرقية  الحصان رمزاً وعلماً لها وكانت مراكز الحسينية وأبوحماد وبلبيس مراكز تجمع قبيلة الطحاوية كانت هذه المراكز أماكن تجمع لأكبر إنتاج للخيول العربية فى مصر حتى وقتنا الحالى وقبلة سياحية للمحافظة ومن ثم لمصر نا الحبيبة .

المشاركة




الشرقية وسيناء كانا إقليماً واحداً وعاصمته بلبيس ، وهما بوابة مصر الشرقية ، ومن هذه البوابة دخلت جحافل جيوش الرسالة والدعوة فاتحين ناشرين الدين الإسلامى ، وأيضاً دخل العديد من القبائل العربية قادمة من الجزيرة العربية وبلاد الشام فى شكل نزوح أوبحث عن مراعى أوغيرها ، وكذلك قوافل تجارية عدة ، وهذه البقاع أيضاً كانت آخرمراعى كثير من القبائل بالشام ، أيضاً كانت الشرقية محطات للأجانب المارِّين بها وهم فى طريقهم  إلى القدس حاجِّين .

إعتمد محمد على على البدومُذ توليه الحكم وكوَّن منهم  جيشاً لمساعدته فى فتوحاته ، وأتى ببعض القبائل العربية من البحيرة لحاجته لهم ،  فهو بهذا لم يستقدم محاربين فحسب ولكن جلب شعوباً وفرساناً يحملون كثير من الفروسية والفزعه والعديد من الثقافات والموروثات ، فضلاً عن إرتباطهم للخيول العربية الأصيلة ، فكانت من هذه القبائل قبيلة الهنادى والتى منها الطحاوية التى نزحت إلى الشرقية عام 1812 برغبة من محمد على نفسه وكانوا أصدقاء أسرة محمد على  ومن خَلفَه فى الحكم حتى إنتهاء عصره ،وأيضاً فى عصره كانت تأتى قوافل مثل العُقيلات وغيرها ومعها الخيول وتخيِّم فى بلبيس المحطة الثانية عند دخول مصربعد العريش حيث كان يقام هناك سوقاً كبيراً للجمال والخيل .

ـ فى 1839 وصلت رسالة من خورشيد باشا أحد قواد محمد على فى الجزيرة العربية إلى محمد علي،  حول الخيول النجدية وشدَّة الإقبال على شرائها من إنجلترا والبلاد الأخرى تفيد : إن خيل نجد أصيلة ومعلومة الجنس، فإنه يأتيها تجُّارمن إنجلترا ومن بلاد أخرى يشترونها).



 الرجل الفاضل الأستاذ الدكتور / عبدالرحمن على بشير بركات 

بعد وفاة محمد على ونجله إبراهيم باشا ولي الحكم عباس باشا عام 1848 ، وهو إبن أحمد طوسن باشا وجده محمد على باشا ، ولد من أم بدوية حجازية وترعرع فى الحجازأثناء قيام والده بالفتوحات المذكورة فى الجزيرة العربية ، فنشأ نشأة بدوية وعلَق بالبدو والبداوة وتزوج من إحدى بنات البدوأيضاً وكان يحب الخيل  ، فعندما ولي حكم مصر  كانت علاقته ببدو نجد قوية وقام بتوطيد علاقته ببدو مصر وقرَّب قبيلة الطحاوية إليه لمعرفتهم بالخيول العربية وفراستها فى هذا الأمر ، فأحضر عدداً كبيراً من أصايل الخيل من نجد وبلاد الشام معتمدأ على خبرات بدو الشام وكذلك مصر، وأسَّس إسطبلاً كبيراً فى الصحراء الشرقية أسماه الدار البيضاء ، وفى نفس الوقت كانت قبيلة الطحاوية تؤسَّس مرابطها للخيول من نفس المصدر، وإستمرتنامى وتبادل الخيل هنا وهناك ، وقد إستعان بهم الخديو إسماعيل فى إحتفالات إفتتاح قناة السويس عام 1869 لممارسة كثير من هواياتهم وإشراكهم فى سباق للخيل أقيم لهذه المناسبة وكان يتباهى بهم أمام ضيوفه ، وكان يتم دعوتهم لممارسة هواياتهم بالخيل أو الصيد بالصقورعند قدوم ضيف إلى مصر كما حدث عند مرور ولي عهد الإمبراطورية النمساوية الأمير رودلف وهو ماراً متجهاً إلى القدس عام 1881م.

هذه الهوايات وممارستها أعطت الشرقية شكلآ سياحياً تختلف فيه عن باقى المحافظات فضلاًعن ما كتب عنها فى الصحافة الأجنبية والمحلية وبقى شاهداً لوقتنا الحالى ، ولذا إتخذت محافظة الشرقية الحصان العربى شعاراً وعَلماً لها ، وكانت تقام معارض سنوية فى إستاد الزقازيق وتشترك فيها الخيول ، وفى فبراير 1967 قامت محافظة الشرقية بتنظيم مهرجان خاص للخيول وكان يقام فى استاد الزقازيق ثم إنتقل إلى صحراء بلبيس وتحدد موعده مع تاريخ العيد القومى لمحافظة الشرقية شهرسبتمبر من كل عام ،  وفى بعض السنوات كان يقام فى قرية بنى جرى مركز أبوحماد بإشراف الطحاوية منطقة تجمع لهم ، 

                           


 حشد كبير من شيوخ قبيلة الطحاوية يتوسطهم السيد المحافظ / يسرى الشامى فى قرية بنى جرى ، تسعينيات القرن الماضى حيث وجود تجمع كبير من قبيلة الطحاوية وكان ذلك بإشراف الرجل الهُمام الراحل الأستاذ / عبدالعظيم شهوان الطحاوى 


وفى مركز بلبيس كانت زيارة سعد باشا زغلول عام  1925 ، وفى بني جرى كانت زيارة دولة رئيس الوزراء محمد محمود باشا عام  1935  ،وفى جزيرة سعود أيضاً كانت زيارة الخديو عباس حلمى الأول عام 1908   ، وكانت تقام الكثيرمن مزادات الخيل التى تشرف عليها جمعية منتجى الخيول العربية بالقاهرة ، وكانت هذه المناسبات تجذب كثير من الضيوف من الدول العربية مثل أفراد من الأسرة المالكة بالسعودية الأميرالشاعرعبدالله الفيصل والأمير نايف بن عبدالعزيزوالشريف ناصر بن جميل خال الملك حسين بن طلال والشيخ مثقال الفايز شيخ بنى صخر بالأردن الشقيق وكثيرمن الفنانين ، وقد حفلت الشرقية أيضاً بكثير من المأثور الشعبى وأشكال عدة من التراث المادى واللامادى .

 ـ تأسَّست محطة الزهراء على  خليط من خيول الطحاوية وما تبقى من خيول عباس باشا ، فالفرس من هذا الخليط عندما يتأكد نسبها ويتحقق فهى دُرَّة من أنفس الدُرَر، وإنتشر نتاج المحطة ليعم العالم ، ومنها أعداداً كبيرة خرجت من مصر فى شكل هدايا ملكية ومنها ما كان ينتشر فى العالم لتحسين النتاج فى الدول المُهدىَ إليها وتنامت مرابط الطحاوية بهذا التوازى ، نحن نرى والشرقية خاصَّة أننا  شركاء عباس باشا فى تراث مصرفى الخيول العربية ، وذلك لوجود مخطوطة عباس باشا عن الخيل هذا من جانب  وتوفر هذه الثقافة عند قبيلة الطحاوية وطرق التربية والتدريب والمعلومات الكافية فى الأنساب وكذلك كمَّاً كبيراً من الحُجَجْ والوثائق التى توضح تراث هذه الأسرة مع الحكام .

ـ عملية الحصول على الخيل من الشام أو نجد كانت تتم بالشراء ولابد أن يتحقق النسب وتكتب حُجَّة بها عُمرالحصان ولونه وأوصافة (ورسنه ـ  سلالته) ويوقع عليها شيوخ القبائل هناك وتُحفظ الحُجَّة عند المشترى ، وقبل الحُجَّة كان النسب محفوظاً فى الصدورومُصاناً ، والحُجَجْ التى كانت تأتى فى بداية القرن الماضى جميعها معنونة مصر ـ الصالحية ، والخيول بيوت كما البشر ، ومنها الكديش ومنها الأصيل.

من كتاب أنساب الخيل فى الجاهلية والإسلام لإبن الكلبى : أن سليمان بن داوود أهدى قبيلة الأزد حصاناً يكون عوناً لهم فى رحلة عودتهم من عنده،  وأثناء عودتهم جاعوا  فركب الحصان فارساً منهم وطرد به حيواناً وحشياً فرماه وعاد الحصان  بصيد ثمين وأحضره لهم ريثما تشتعل نارهم ، كان الحصان سريعًا شُجاعًا لم يأخذ وقتًا طويلًا حتى عاد بالصيد الثمين، هذا ما كان من الحصان، وتكررهذا فى رحلة عودتهم  فسموه: (زاد الراكب)؛ فهو كان (زُوَّادة الطريق) بالنسبة لهم، فكان لهذا الحصان الذِكرالطيِّب نتيجة للفعل الطيِّب، فلمَّا سَمِعَتْ به بنو تغلب جاءوهم فإستطرقوا؛ أي: شبّوا (زاد الراكب) على فرسهم، فجاءت بحصان أسموه: (الهُجَيْس)، فكان أجود من أبيه (زاد الراكب)، فلما سَمِعَتْ بكر بن وائل جاءوهم فاستطرقوا من (الهُجَيْس) على فرَسهم، فجاء (الدَّيناريّ) فكان أجود من (الهُجَيْس)، و(الدِّيناريّ) أنتج (أعوج) وهكذا ...، على أيِّ أساس كان أجود؟ كان على السُّرعة والشجاعة وسهولة الإنطياع وقوة التحمل ؛ إذًا هذا هو الفعل، ولماذا جاءت القبائل الأخرى تستطرق منه هكذا؟ :بحثًا عن الفعل، ولمَّا كان الفعل متسلسلًا متحدّرًا؛ إذًا هذه صفات تحدَّرت؛ إذًا هذا أصل؛ ولذا حرص العرب على هذه السلالة من مبدأ الحفاظ على الأصل الذي نتج عن الفعل، ولو قفزنا للأمام عدَّة قرون حتى وصلنا القرن التاسع عشر، ومِن خلال ما جاء على لسان البدو في كتاب (أصول الخيل) ؛ إذْ يقول أحد الشيوخ: (أمّها كانت تسبِق بالغارات؛ ومن أجل ذلك أخذنا بنتها، هنا تحدَّر الفعل الذي نتج عنه البحث عن الأصل، فالأصالة فى الخيل بنيت على الفعل).

وعندما وصلنا إلى أن الأصل فى الخيل ناتج عن تسلسل النسب ، فهذا الذى يجب تحرِّيه عند الشراء ، أن يكون نسباً صافياَ خالياً من أي دماء غريبة غير معروفة النسب ، وهذا يأخذنا إلى عراب الخيل وعِتاقها  .

فالعتق في الخيل هو نتاج سلالة واحدة ويجمعهم جد واحد وهذه السلالة  يتمَّ خلطها ببعضها لأجيال طويلة والحفاظ على هذا التسلسل، وقد يكون لذلك أثرُه الصحي على السلالة، إلَّا أنه خيار من خيار، وهو ما يطلقون عليه في بني البشر: إبن الجَمل والنَّاقة ، هنا نعود إلى ما سمعناه (مثلًا) يستخدم بيننا ، ولا بد أنه موجود في سائرالمجتمعات القبلية هذا لمن يتذكر، يُقال: رَدّ رَدّ (رديد ـ ردود)، فصار مثلًا يُطلق على مَن كان تسلسُل نسبه جَدًّا واحدًا وإستمر لأجيال قد تتخطى السبعَة جدود مثلًا، فيطلق عليه هذا المثل، ويوصَف به جماعةٌ إقتربَ بينهم النسبُ وتكرَّر فأضعفَهم جينيًّا ، ولكننا سنستلم فى نهاية الأمركائناً فريداً يصبح نموذجاً يحتذى به .

ويحضرُنا هنا قول في حديثٍ مرفوعٍ لحضرتِه صلواتُ الله وسلامُه عليه وآله: «اغْتَرِبوا لا تضَوُوا»، نظرتِ السيدة عائشة إلى كتف النبيِّ - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم- حين كان يخيطُ قميصَه فأعجبَها كتفُه الشريف في حُسن مَنْظره وقوَّته، فقالت: كأنَّ أبا كبير الهزليِّ كان يقصدُك حينَ قال:

فتى لم تلده بنت عم قريبة فتضوى *** وقد يضوى رديد الأقارب

وقال آخر:

تجاوزتُ بنتَ العمِّ وهي حبيبةٌ فتضوى *** مَخافةَ أنْ يُضوَى عليَّ سليلي

فالذي أمُّه وأبوه وكذلك أجدادُه من بيتٍ واحد يُقال له: (رَدّ في رَدّ)، فهو إبن الجمل والناقة؛ لأنَّ الإبلَ الأصيلة تصفّي لسابعِ جَد، فيُقال له: (هَجِين صُفّي) فشبَّه العرب أبناءهم به لنقاء عِرْقه،  وهذا ما سمعته من أبى ومِن كثير من العائلة.

ـ يقول مؤلِّفُ كتاب (الحيوان): «الفَرَسُ من طبعه الزَّهو في المشي، ويحبُّ سائسه، ويعجبه راكبه، ولا يحبُّ الأولاد، وهو غيور، ويعـرف المصيبة»،

ومن عاداتنا عندما يموت شيخ كبير وكانت لديه خيل عِتاق ، فنسحب أعزَّ الخيل لديه في جنازته حتى أوَّل المقابر ، ليشارك في الجنازة، ومن الخيل التى تشللي ثم تموت بعد وفاة صاحبها ، ومعنى تشللى ونقول عليها الندَّابة ، أن تحرك الفرس رأسها يميناً ويساراً  طوال النهار مثل الدراويش في حلقات الذكر حزناً على صاحبها .

وذَكَرَ الأصمعيُّ أنَّ رجلًا معتوهًا جاء إلى عمرو بن العلاء، فقال: يا عمرو، لمَ سُمِّيت الخيل خيلًا؟ فبَقِيَ أبو عمرو وليس عنده جواب، فقال: لا أدري! قال الرجل: لكني أدري! فقال: علِّمْنا نعلم! قال: لاختيالها في المشي، فقال أبو عمرو لأصحابه بعدما ولَّى الرجل: اكتبوا الحكمةَ وارْووها عن معتوه.

ـ عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : جعل الله الرحمة مئة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً ، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً ، فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها  خشيِّة أن تصيبه ، رواه البخارى .

وضع الخيل الآن ومهرجاناتها

ما نشاهده الآن من نهضة فى عالم الخيل والعديد من المهرجانات والمسابقات والأرقام الهيستيرية  التى نسمع بها ، كل ذلك يعود إلى ما حفل به القرن التاسع عشر بكثيرمن الإهتمام بالخيل من خلال الرحَّاله الأجانب والمستشرقين الذين راحوا يصنفوا الخيل ويتحرَّون أنسابها ويفصلَّون ويأصلَّون فيها  ، من خلالهم تم توجيه نظر البدو أصحاب الخيل إلى ما أسَّسوه هؤلاء الغُرباء من صفات لهذه الخيول وسارت عليها الأمور فى السنوات التالية حتى وقتنا الحالى .

 وعلى هذا الأساس قام الفنانين مثل كارل فيرمنت وغيره برسم لوحات للخيل من واقع هذه المعايير التى وضعها هؤلاء الرحالة مثل ديكسون  وروجر ابتون وكارل رسوان والليدى بلنت وغيرهم الكثير.



 وكانت هذه اللوحات تخليداً لهذه الصفات ومعياراً لمن يبحث عن الخيل فيما بعد، وهذا ساعد وبقوة فى إختفاء الشكل الأصلى لخيول الصحراء ، وقد ساعد فى ذلك أيضاً برامج التوليد الموجهه لصفات معينة فى جسم الحصان ، وتغيرت المصطلحات العربية التى كانت لصيقة بالخيل من العصرالجاهلى وأصبحت مصطلحات هجين لا معنى لها، بالتالى تدخَّل العلم جينياً لتطويع بعض أجزاء جسم الحصان للتتوائم مع الحاجة ومن ثم المسابقات والثراء وهكذا أصبحت صناعة وتجارة لا هواية.

ـ فى عام 1970 أنشأت منظمة الواهو العالمية لتسجيل ما نتج عن هذه الخيول التى إنتشرت فى العالم والتى خرجت من الجزيرة العربية وبلاد الشام والتى أتت إلى مصرفى القرنين الماضيين ثم خرجت من مصر والتى أفرد لها أصحابها سجلات ، فقامت بتجميعها تحت مظلتها وأصبحت تشرف عليها وتصدرلها الشهادات وتصدِّق على المبايعات وطرق الإنتاج ، وأيضاً تضع المعايير التى تسيرعليها المسابقات والأغراض التى من شأنها يتم الفوز فى المسابقات ومن ثم البيع ، وللأسف إنتقل الإنتاج الراقى من تسلسل وأصاله إلى صناعة تحقق أرباحاً .



ـ يعود الفضل فى وجود سلالة الثوربريد العالمية  إلى الحصان العربى ففي عام 1703م نقل أوَّل جواد عربي سوري أصيل إلى إنكلترا وُسمي الجواد دارلي أرابيان وكانت تملكه عشيرة الفدعان السورية بحلب وهو من رسن المعنقي حدرجى ، ثم تم نقل ثلاثة جياد من أصل عربى تم إستيرادها من الشرق في منتصف القرن الثامن عشرهي: بيرلي و دارليو وغودلفين .

وفي عام 1814م إستوردت ألمانيا من سورية الجواد (أمير) من قبيلة ولد علي من عنزة ثم إستوردت (مملوك) رسن كُحيلان عجوز وبيرقدار من رسن صقلاوي جدران والذي أصبح أشهر جواد نزو في أوروبا وسلالته تزخر بها ألمانيا وأوروبا وسُجلت في الستود بوك الألماني، ولدينا بهذا الصدد الكثير، فلابد أن نعلم أن الحصان العربى مركب تحسين دائم لكل سلالات الخيل ، وللسلالة المصرية كل الإحترام على مستوى العالم والتى بدأت بما جمعه عباس باشا بمعاونة الطحاوية وما تم بيعه من هذه الخيول بمزاد عالمى بعد وفاة عباس باشا .


ـ  وقد تعلق نابليون بونابرت بالجواد العربي، وقد وصف ذلك نيروجلي في كتاب "الحصان" قائلاً:
"إن الجواد العربي المدهش في كل شيء ساهم في أسرع وأشجع الفتوحات العربية، ففي سنة واحدة 711م دخل إلى إسبانيا وإجتاز نهر الهندوس على بعد ستة آلاف كيلومتر شرقاً بعد أن إجتاح إمبراطورية أكبر بأربع مرات من الإمبراطورية الرومانية".

ـ وتقول الليدي آن بلنت: "لا شك أن الجواد العربي الأصيل يتمتع بقدرة جبارة على تحمل المتاعب والمشقات، وهكذا يمكن لصاحبه أن يركبه يوماً بعد يوم خلال رحلاته الطويلة مكتفياً بأن يقدم له الكلأ، ورغم ذلك فإنه لا يفقد شجاعته أو حماسه بأن يبقى دائماً على أتم إستعداد للركض إلى أن تنتهي الرحلة، وهذا أمر لم نعهده في خيلنا ولم نطالبها به في أي وقت مضى.





 

#buttons=(قبول!) #days=(20)

موقعنا يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتعزيز تجربتك. المزيد
Accept !