الفصل الثاني
النواحي الإقتصادية عند عربان الهنادي
الحصول على خدمات حكومية بمقابل النقل ، خدمات الحج ، الديون ( الديون الداخلية بين بعضهم وبعض - الديون مع الأهالي - الديون مع السلطات - الديون مع الأجانب ) ، مشكلة الهروب عند الهنادي ، المرتبات التي يحصلون عليها من السلطات
* الحصول على خدمات حكومية بمقابل النقل : لقد قام عربان الهنادي بإستخدام جمالهم في عمليات النقل لصالح السلطات وكانوا يحصلون على خدمات من جانب السلطة في مقابل ذلك فكانوا يحصلون على الكسوة وهى عبارة عن ملابس خاصة بالعربان كما كانوا يحصلون على الأعلاف اللازمة لدوابهم . وفى ذلك يقول نعمان كاشف (1) السورنكلى الذي جعل حاكماً على مشايخ عربان الهنادي الذين هم في مأموريات الشرقية والقليوبية . " إن العربان تعهدوا بأن يبذلوا جهدهم في الخدمة المطلوبة منهم وطلبوا أن يعطوا باقي كساهم المرتبة لهم إحساناً من لدن سعادة أفندينا ولى النعم (2) وكانت الأعلاف التي تصرف لمواشي العربان وكذلك الطعام الذي كان يصرف للعربان أنفسهم القائمين بعملية النقل ، كانت تخصم من مستحقات هؤلاء العربان . ففي عهد محمد على نجد أنه كان يأمر بذلك ـ إن إرادة ولى النعم تقتضى بصرف مائة وخمسين إردباً من الشعير والفول والحنطة من الشونات الكائنة لحسين أغا ناظر عربان الهنادي بالشرقية لطعام مواشيه ورجاله على أن يخصم ثمنها من إستحقاقه وبإشعار الخزينة بذلك(3) . كما قامت السلطات بنقل الحطب الخاص بمطابخ الدائرة السنية على ظهور جمال العربان . التنبيه على مشايخ عربان هنادى وهتيم بنقل الحطب الخاص بالدائرة السنية من الجبل على ظهور الجمال لأنه يتعلق بمطابخ الدائرة (4) . وفى محاولة هروب الشيخ فإنه كانت تمنع عنه الكسوة ويتم تعيين شيخان بدلاً منه وتعطى له الكسوة ، مثلما حدث عندما منعت الكسوة من على بركات أحد عربان الهنادي فقد حدثت إشاعة بأنه هرب وتم منع الكسوة عنه ولكن في الحقيقة تبين أنه كان في مأمورية ما ولم يهرب ولذلك تم إصدار الأوامر بصرف الكسوة لعلى بركات بعد ذلك (5) ولم يكتف العربان بعمليات النقل الداخلي فقط بل قاموا بعمليات النقل إلى أقطار عربية أخرى . فلقد قامت السلطات في عهد محمد على بالتفاوض مع العربان من أجل نقل خمسة عشر ألف أردب غلال إلى الحجاز بطريق السويس وذلك تفريجاً لضائقة أهل الحرمين والعساكر الموجودين هناك (6) . كما قام العربان بنقل البريد على ظهور جمالهم من مصر إلى الحجاز وكانت هناك نقاط محددة يتم التسليم فيها بين مشايخ العربان وذلك على حسب قدره الجمال على المسير ، كما قاموا أيضاً بنقل المرتبات المخصصة للأقطار الحجازية من قنا إلى القصير ومن هناك ترسل إلى الحجاز(7).
* خدمات الحج : بالإضافة إلى نقل الغلال والمؤن للديار الحجازية ، قام العربان أيضاً وبخاصة عربان الهنادي بتقديم جمالهم للمحمل الشريف (8) . فكان يتم تكليف مشايخ عربان الهنادي بتقديم الجمال المعتاد تقديمها للمحمل الشريف (9) .
* الديون : وترجع أسباب هذه الديون عامة إلى عدم قدرتهم على دفع الأموال المقررة على الأطيان الزراعية التي تحت أيديهم . وربما ترجع هذه الديون إلى عادة العربان في جميع الدول العربية بكثرة الإستدانة ، ويتباهون بذلك أمام الآخرين ، ويعتقدون بأن ذلك دليل على كثرة العطاء والسخاء .
- الديون الداخلية بين بعضهم وبعض : ويتضح من خلال دراسة الوثائق التي تختص بهذه الفترة أن الديون بين عربان الهنادي بعضهم وبعض قليلة جداً ، وربما يرجع ذلك إلى عادات وتقاليد خاصة بهم تمنعهم من مثل هذه الديون .
- الديون مع الأهالي : كانت ديون العربان مع الأهالي أقل من ديونهم مع الحكومة والأجانب وربما يرجع ذلك إلى المشاكل الكثيرة التي كانت تقع بين العربان وبين الأهالي ، وكانت أغلب الوثائق التي تشير إلى ديونهم كانت مع التجار . وفى حالة تأخر العربان عن تأدية ما عليهم من ديون للتجار ، كان التجار يلجأون إلى الحكومة للحصول على مستحقاتهم . فعندما تعسر بعض أفراد من عربان الهنادي في تأدية ما عليهم من ديون ، كانت السلطات تقوم بحصر ممتلكاتهم لقضاء هذه الديون (10) . فعلى سبيل المثال نجد أن أحد عربان الهنادي وهم الجيزاوي موسى وحسين صالح وواكد أخيه كانوا مديونين لأحد التجار ولم يأدوا ما عليهم من ديون ، فلجأ هؤلاء التجار إلى السلطات التي قامت بدورها بإستدعاء التجار والعربان وإستدعاء الضامنين الذين تعهدوا بضمانتهم لهؤلاء العربان في تسديد ما عليهم وذلك لكي يحصل التجار على مستحقاتهم (11) . كما كانت السلطات تقوم بمسائلة شيوخ العربان عن الأشخاص المديونين طرفهم لتقديم معلومات عن هؤلاء وكيفية التحصيل منهم لصالح الدائنين . فقد تم سؤال شناف بخيت من مشايخ الهنادي عند بعض الأفراد ويسمى رشوان سالم البدوى وكان مديون لبعض التجار(12) . ويبدو أن ديون هؤلاء العربان مع التجار كانت بمبالغ كبيرة بدليل أن شخص يسمى موسى عمر من عربان الهنادي قد إستدان من بعض التجار في مبلغ 4900 قرش بخلاف مبلغ آخر 7431 قرش وذلك بضمان سالم أبو شناف من الهنادي ، ولذلك لجأ التجار إلى السلطات للحصول على ديونهم (13) . وكذلك نجد شخص أيضاً من عربان الهنادي ويسمى صالح خليفة كان مديون في مبلغ 13233 قرش وكذلك مبلغ 2489 قرش لصالح التجار وكان الضامن له هو الشيخ ماضي يادم من مشايخ عربان الهنادي (14) .
- الديون مع السلطات : لقد كانت ديون الهنادي والطحاوية كثيرة مع السلطات وتوضح العديد من الوثائق كيف كانت علاقتهم بالسلطات نتيجة هذه الديون المستحقة على الأطيان التي في حوزتهم . ففي عهد عباس باشا الأول تأخر سليمان الطحاوي في سداد تقسيط الأموال المقررة عليه وعلى أخيه عامر الطحاوي بمديرية الشرقية ، وتأخر هذا التقسيط إلى القسط الثالث ، مما جعل عباس باشا الأول يهددهم بنزع هذه الأطيان منهم في حالة عدم السداد (15) . وقد تسببت هذه الديون في هروب العربان إلى أماكن أخرى نتيجة عدم قدرتهم على سداد المبالغ المطلوبة منهم ، ولذلك كانت السلطات تطلب العربان الهاربين إلى مديريات أخرى وذلك لعودتهم إلى أماكنهم الأصلية وتسديد ما عليهم من ديون . فنجد طلب بعودة عربان الهنادي الهاربين الى مديريات أخرى وعودتهم إلى مديرية الشرقية لإقامتهم مع شيخهم وزراعة أطيانهم المخصصة عليهم وسداد الأموال المطلوبة منهم (16) . كما تتبعت السلطات هؤلاء العربان الذين ينتمون إلى شياخات الهنادي والطحاوية وقائمين في مديريات أخرى بإلزام المسئولين في هذه المديريات بإرجاع هؤلاء العربان إلى شيوخهم بالشرقية من أجل تسديد المبالغ المطلوبة منهم ، وعلى سبيل المثال كانت هناك مبالغ مطلوبة من بعض هؤلاء العربان التابعين للطحاوية ، مثل إسماعيل مريكب وكان المبلغ المطلوب منه 3256 قرش و10 بارة وكذلك إبراهيم زيدان والمبلغ المطلوب منه 15212 قرش و20 بارة وكانوا مقيمين بمديرية الغربية ( 17) . ويبدو أن الطحاوية كانوا يتأخرون في سداد ما عليهم من الديون ، ولذلك كان يتم التأكيد من جانب السلطات عليهم بعملية السداد . ففي عهد الخديوي إسماعيل تشير الوثائق إلى ذلك ، ومنها أنه وردت إفادة بتحصيل مبلغ 27848 قرش و25 بارة المطلوب تحصيلها منهم سنة 1286هـ/1870م ، بالإضافة إلى المبالغ المطلوبة منهم لعام 1287هـ/1870م ، وقد إعترض راغب الطحاوي على ذلك وقال بأنهم لهم أموال يجب خصمها من هذه المبالغ وقد إستجابت السلطات لذلك وأمرت بخصم هذه الأموال وتسديد الأموال الباقية عليهم (18) . ولم تكن هذه الديون على أطيان خاصة بالهنادى في أماكن واحدة فقط ، وإنما كانت لأطيان أخرى ، مما يعنى إمتلاك الهنادي أطيان في أماكن أخرى بمديرية الشرقية . فقد وردت إفادة بخصوص مبالغ مطلوبة من عركى سعد من الهنادي وقيمتها 5891 قرش و25 بارة بالإضافة إلى مبلغ آخر كان متبقي عليه وقيمته 999 قرش و27 بارة خاصة بجفلك طوخ (19) . وهناك بعض المشايخ كانوا يطلبون هذه الأطيان من الأفراد التابعين لهم فى مديريات أخرى لتسديد هذه الأموال لصالح الحكومة قبل أن تطلبها منهم الحكومة مثلما حدث عندما طلب زين الفقار الرمي من مشايخ عربان الهنادي ومطالبته بمبلغ 2530 قرش من العربان التابعين له بمديرية الدقهلية (20) . كما طلب يوسف واعر من مشايخ عربان الهنادي مبلغ 108 قرش و21 باره من العربان التابعين بمديرية الدقهلية من أجل تسديد ما عليهم من أموال لصالح السلطات (21) . أما بالنسبة لماضي يادم من مشايخ الهنادي فقد طلب مبلغ 1390 قرش من العربان التابعين له بمديرية الغربية وذلك لتسديد ما عليهم من ديون على الأطيان التى معهم (22) . وفى بعض الأحيان كانت تمتنع الطحاوية عن سداد المطلوب منهم مما يتسبب في تراكم الديون عليهم وتضطر السلطات الى التأكيد على تحصيل هذه الأموال منهم والتحقيق في مثل هذه الأمور . بخصوص التوقف الواقع من الطحاوية في سداد مبلغ 32793 قرش و20 بارة عشور ومصاريف العمليات ومرغوباً التأكيد بسداد ما على المذكورين (23) . وقد تعددت الأوامر الصادرة بخصوص توقف الطحاوية عن السداد فقد ذكر معاون التفتيش المختص بتحصيل هذه الأموال من الطحاوية أنهم متوقفين عن سداد المبالغ الآتية بالنسبة لماضي يادم فعليه مبلغ 2832 قرش أما عبد الهادي عامر الطحاوي فعليه مبلغ 2241 قرش و8 بارة أما منازع عامر الطحاوي فعليه مبلغ 1476 قرش و21 بارة أما راغب سليمان فعليه مبلغ 1300 قرش و34 باره (24) . ولم تكتف السلطات بطلب هذه الديون من الهنادي والطحاوية وإنما قامت بعمل تحريات عن الأفراد المديونين منهم والتأكد من حسن نواياهم سواء كانوا قادرين على سدادها ويماطلون في ذلك أم لا ، فإن ثبت أنهم قادرين على الدفع ويماطلون فى ذلك كانت تقوم بالحجز على ممتلكاتهم للحصول على هذه الديون وإن لم يكونوا قادرين على الدفع كانت تقوم بإحضار الضامن لتسوية هذه الأمور . فقد كان أحد عربان الهنادي من ضمن شياخة موسى درويش ويدعى حمد سلومة مدان للسلطات بمبلغ 205670 قرش و14 بارة وكذلك مبلغ 1628 قرش مطلوبة من عبد القادر إبراهيم وإبراهيم سعيد بضمانته أيضاً وعندما طلب منه السداد تعهد بتسديد جزء منه سنوياً مما إضطر السلطات إلى التحري عنه ومعرفة مدى مقدرته على السداد (25) . وبالإضافة إلى الأموال التي كانت تأخذها السلطات من العربان نتيجة لإستفادتهم من الأرض الزراعية ، كانت تأخذ منهم أيضاً أموال عن المواشي التي تحت أيديهم . وكانت تطالبهم بتعداد هذه المواشي لكي يتم حصرها وتقدير الأموال اللازم دفعها عنها . ولما كان يعترض عربان الهنادي على هذا التعداد ويتوقفون عنه كانت السلطات تصدر أوامرها بإحضار الممتنعين منهم عن هذا التعداد من أجل إجبارهم على تعدادها وتسديد ما عليها من أموال . إن عربان الهنادي وعربان الفرجان متوقفين فى تعداد مواشيهم الخاصة بالزراعة مع كونه لهم زروعات ولذا مشيراً إستحضار المتوقفين بالمأمورية ويجرى تعداد مواشيهم وحصر وسداد عوايدهم (26) . وبذلك نجد أن ديون الهنادي والطحاوية كانت كثيرة ، وفى أحيان كثيرة كانوا يتوقفون عن سداد هذه الديون ، ولكن الحكومة كانت تطالبهم بتسديد هذه الديون وتحذرهم من التأخير ، ولكن ليس بنفس المعاملة التي كانت تعامل بها الأهالي عندما يتأخرون عن التسديد ، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على مكانة عربان الهنادي الطحاوية في هذه الفترة وعلو شأنهم .
- الديون مع الأجانب : كانت ديون عربان الهنادي والطحاوية كثيرة مع الأجانب مثلما كانت مع الحكومة ، ولذلك تعددت الوثائق التي توضح هذه الديون ، وعندما كانوا يتأخرون في سدادها ، كان يلجأ هؤلاء الأجانب إلى السلطات للحصول على مستحقاتهم . فعندما كان يتعثر أحد هؤلاء العربان في السداد ، كانت السلطات تبعث على الفور إلى ضامنة في هذا المبلغ الذي يوضح لهم بدوره كيفية السداد وغالباً ما يكون هؤلاء الضامنين من مشايخ العربان . فنجد على سبيل المثال عندما تعثر أحد عربان الهنادي بالشرقية ويسمى عبد البارى سيد أحمد ، وكان مديون في مبلغ 6850 قرشاً للخواجة سفوكلى من تجار الزقازيق ، قام ضامنه ويسمى الجيزاوي موسى ببيع أملاكه الذي بلغت قيمتها ثلاثون جنيها أفرنكي وأعطاهم للخواجه سفوكلى ، كما تم إستدعاء الضامن من قبل السلطات للنظر في المبلغ المتبقي على عبد الباري سيد أحمد وكيفية سداده (27) . وفى حالة كثرة المبالغ التي على العربان للأجانب ، كان يقوم الدائنين بتقسيطها لهم على عدة سنوات ، ولكن أيضاً بوجود الضامن لهذا المبلغ ، وفى حالة التوقف عن السداد ، كان يلجأ الدائنون إلى السلطات للحصول على مستحقاتهم . فقد قام الخواجة يوسف يعقوب بشكوى لدى السلطات ، وذلك بخصوص مبلغ 18845 قرش كانت ديون له على موسى رواش البدوي من عربان الهنادي ، وتعهد الضامن في هذا المبلغ بأن يكون السداد عن طريق أقساط سنوية وتسدد على سبع سنوات ، وعندما حدث تأخير من موسى رواش في السداد ، قام الخواجة بتقديم شكوى لدى السلطات في ذلك الأمر التى قامت بدورها بإستدعاء الضامن للإستفسار عن ذلك (28) . وعندما كان يقوم الأجانب بشكوى ضد أحد العربان بسبب تأخرهم فى سداد ما عليهم من ديون ، كان يتم التحرى عنهم من جانب السلطات لمعرفة أحوالهم المالية مع السلطات أيضاً . فقد وجد بعض الأشخاص مديونين للحكومة والأجانب فى وقت واحد ، وفى هذه الحالة يتم مطالبتهم بديون الحكومة وديون الأجانب . وهذا هو من أهم أسباب هروب العربان من مديرياتهم إلى مديريات أخرى . فعندما طالب الخواجة بطرس بديون له بمبلغ 9058 قرشاً على إبراهيم عبد السميع من عربان الهنادي المقيم بناحية إنشاص الرمل ، وكانت هذه الديون مقسطة عليه على خمس سنوات ولم يسدد ما عليه إلا مبلغ 160 قرش و28 باره فقط إتضح أنه مديون كذلك للسلطات بمبلغ 872 قرشا و2 باره ، ولذلك تم مطالبته بديون السلطات والأجانب في وقت واحد (29) . وفى حالة هروب أحد العربان المديونون إلى مديريات أخرى بسبب هذه الديون مع الأجانب ، كانت السلطات تلجأ إلى شيوخهم وإلزامهم بإحضار هؤلاء العربان لتسديد ديونهم . فعندما هرب إبراهيم نصر الله من عربان الهنادي بالشرقية إلى ناحية طوخ ولم يسدد المبلغ المديون به للخواجة ديمتري أمرت السلطات شيخه على حرنور البدوي بإحضاره وتحصيل منه مبلغ 918 قرش المديون بهم للخواجة ديمتري (30) . كما تدخلت قناصل الدول الأجنبية الأخرى للحصول على مستحقات مواطنيهم بناء على رغبة مواطنيهم بالتدخل للحصول على ديونهم . فقد طالب مأمور دولة إيران بالزقازيق بحضور عبد الحميد درويش من عربان الهنادي ، وذلك لمطالبته بمبلغ 3540 قرش المديون بهم للخواجة أعزار أرمان مع الأمر بحضور رسلان وغضبان أولاد أخو حلفاية عبد الله الضامنين إلى إبراهيم أبو فراج وإلزامهم بحضور عبد الحميد درويش وبتحصيل منه مبلغ 3300 قرش المطلوبين للخواجة (31) . كما كثرت هذه الديون أيضاً على مشايخ قبائل الهنادي بالشرقية وكانت مع الأجانب والتجار أيضاً في وقت واحد . فنجد أن منصور سلطان المقيم بناحية الحجاجية (32) ، وأبو بكر صالح من الهنادي المقيم بناحية البيروم وعبد الجليل أبو بكر من الهنادي والسعداوى صالح من الهنادي بناحية البيروم (33) ، كانوا أيضاً مديونين للخواجة ديمتري تريند فيلد وكذلك للتجار ، مما يوحى أيضاً بتراكم الديون على المشايخ وبالتالي يؤدى إلى هروبهم إلى أماكن أخرى وما يترتب عليه من تعيين مشايخ آخرين وإلزام السلطات للمشايخ الجدد بحضور المشايخ الهاربين وإلزامهم بتسديد ما عليهم سواء للأجانب أو للسلطات (34) . كما طالب الخواجة حنا السمان كلا من بشارة يونس الطحاوي وسعود أخيه بمبلغ 12510 قرش ، كانت ديون عليهم (35) . وعندما تكثر الديون على أحد العربان ، ويكون مديون للسلطات ، ولأكثر من فرد من الأجانب ، تطالب السلطات بتسديد بعض من هذه الديون وتترك البعض الأخر لحين جني محصوله وبيعه وتسديد ما تبقى عليه من ديون . فعندما كثرت الديون على عبد القادر إبراهيم البدوي ، وكان مديون للسلطات وللخواجة خربلاوس وللخواجة حنا السمان ، أمرته السلطات بتسديدها وتسديد الخواجة خربلاوس أما الخواجة حنا السمان فيصير تسديده بعد جني محصوله الصيفي وبيعه (36) .
يتضح من خلال دراسة هذه الديون التي تراكمت على عربان الهنادي أنها كانت السبب الرئيسي وراء هروب هؤلاء العربان إلى مديريات أخرى
* مشكلة الهروب عند الهنادي : ومن أسباب هذه الظاهرة أو ما عرف من خلال الوثائق بظاهرة تسحب العربان، هو عدم تسديد الديون التي عليهم . فمثلاً نجد هروب عربان من طرف الشيخ سليمان الطحاوي من مديرية الشرقية إلى مديرية الغربية وصدور أمر من المعية الى مديرية الغربية لإرجاع هؤلاء العربان لطرف شيخهم سليمان الطحاوي وذلك لتسديد المبالغ المطلوبة منهم (37) . وكانت السلطات تقصد في ذلك مشايخ القبائل لإرجاع الهاربين إلى مديريتهم . كما صدرت أوامر من المعية إلى مديرية الغربية لإرسال خمسة أفراد من عربان من جماعة عبد الله الشطيري التابع لقبيلة الهنادي لإرسالهم إلى شيخ مشايخ الهنادي بالشرقية (38) .
المرتبات التي يحصلون عليها : فقد ذكرناها في الفصل الأول عند تصنيفهم إلى بدو عمال وموظفين حيث أنهم كانوا يتقاضون هذه المرتبات نتيجة قيامهم بأعمال سواء خاصة بالسلطات أو أعمال أخرى خاصة بالخفارة أو خاصة بالجيش أو بالسكة الحديد ، أو أعمال إدارية خاصة بقبائلهم .
وبذلك يتضح لنا الدور الإقتصادي لعربان الهنادي والطحاوية في القرن التاسع عشر سواء من أعمال يساهمون بها في هذه المديرية أو علاقاتهم مع غيرهم من الأهالي والتجار والأجانب والسلطات ومدى تأثير هذه العلاقات في الناحية الإقتصادية للعربان .
* ( الهوامش ) :
(1) كان من أهم إختصاصات الكاشف هو حماية الزراع من عبث الأعراب وأغرى على تأديبهم بمنحه ما يغنمه منهم كما جعلوا العزل عقابه إذ تهاون في تأديبهم . حسن يوسف نصار : المرجع السابق ، ص 27 .
(2) دار الوثائق القومية : الوقاائع المصرية ، محفظة رقم 14 ، عدد رقم 384 ، 1247هـ/1831م .
(3) دار الوثائق القومية : أدراج الدار ، درج رقم 276 ، دفتر رقم 729 تركي (ديوان خديوي) وثيقة رقم 400 ، من الديوان الخديوي إلى تيمور أغا مأمور نظام قسمي أول ورابع الشرقية ، 1241هـ/1825م .
(4) دار الوثائق القومية : أدراج الدار ، درج رقم 276 ، دفتر رقم 25 معية تركي وثيقة رقم 226 ، من الجناب العالي إلى حسين أغا ناظر عربان الهنادي بالشرقية ، 1242هـ/1826م .
(5) دار الوثائق القومية : الوقائع المصرية : محفظة رقم 14 ، 1248هـ/1832م ، ص221 .
(6) دار الوثائق القومية : أدراج الدار ، المرجع السابق ، دفتر رقم 70 معية تركي ، وثيقة رقم 397 ، أمر من الجناب العالي إلى مديرية الشرقية ، 1252هـ/1836م .
(7) إيمان عبد المنعم عامر : المرجع السابق ، ص 189 .
(8) إيمان عبد المنعم عامر : ص 189 .
(9) دار الوثائق القومية : أدراج الدار ، درج رقم 276 ، دفتر رقم 38 معية تركي ، وثيقة رقم 649 ، من الجناب العالي إلى صالح أفندي مأمور ميت غمر ، 1245هـ/1829م.
(10) دار الوثائق القومية : مال الوارد من مديرية الشرقية أفرنكية ، ل/15/64/2 ، وثيقة رقم 31 بتاريخ 17ب ، 1287هـ/1870م ، ص 16 .
(11) دار الوثائق القومية : الوارد من مدرية الشرقية أفرنكية ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 8 بتاريخ 4 جماد أول 1287هـ/1870م ، ص 16
(12) دار الوثائق القومية : مديرية الشرقية ، صادر مأمورية العربان بالوجه البحري ، ل/15/78/1 ، وثيقة رقم 3 بتاريخ 5 جماد أول 1287 هـ/1870 م . ص 16 .
(13) دار الوثائق القومية : ل/15/64/1 ، المرجع السابق ، وثيقة رقم 16 بتاريخ 25 جماد أول 1287هـ/1870م ، ص 16 .
(14) دار الوثائق القومية : ل/15/64/2 ، المرجع السابق ، وثيقة رقم 6 بتاريخ 22 جماد ثان 1287هـ/1870م ، ص4 .
(15) وائل بيومي : المرجع السابق ، ص 85 .
(16) دار الوثائق القومية : أدراج الدار / درج رقم 277 ، دفتر رقم 59 ، معية عربي ، من المعية إلى مديرية المنوفية ، وثيقة رقم 76 ، عام 1267هـ /1850م ، ص 220 .
(17) دار الوثائق القومية : أدراج الدار ، درج رقم 277 ، دفتر رقم 49 ، من المعية إلى مديرية الغربية ، وثيقة رقم 32 ، بتاريخ 1266 هـ/1849م ، ص 65 .
(18) دار الوثائق القومية : قيد الصادر بمأمورية عربان بحري بمديرية الشرقية ، وثيقة رقم 17 بتاريخ 1287هـم1870م ، ص 39 .
(19) دار الوثائق القومية : مال الوارد من مديرية الشرقية عموم ، ل/15/64/2 ، وثيقة رقم 42 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص 14 .
(20) دار الوثائق القومية : صادر مأمورية العربان بالوجه البحري ، عن الصادر لمديرية الدقهلية عموم ، ل/15/78/1 ، وثيقة رقم 3 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص 3 .
(21) دار الوثائق القومية : المرجع السابق ، وثيقة رقم 4 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص3 .
(22) دار الوثائق القومية : المرجع السابق ، عن الصادر لمديرية الغربية ، وثيقة رقم 10 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص 4 .
(23)دار الوثائق القومية : مال الوارد من مديرية الشرقية عموم ، ل/15/64/2، وثيقة رقم 20 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص13 .
(24) دار الوثائق القومية : مال الوارد من مديرية الشرقية عموم ، ل/15/64/2 ، وثيقة رقم 20 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص13 .
(25)دار الوثائق القومية : الوارد عن النمرة السايرة ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 69 بتاريخ 1287هـم1870م ، ص 17 .
(26) دار الوثائق القومية : المرجع السابق ، وثيقة رقم 2 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص12 .
(27) دار الوثائق القومية : مال الوارد من جهات سايرة ، ل/15/14/2 ، وثيقة رقم 147 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص 6 .
(28) دار الوثائق القومية : مال الوارد من الشرقية أفرنكية ، ل/15/64/2 ، وثيقة رقم 16 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص 9 .
(29) دار الوثائق القومية : الوارد من مديرية الشرقية أفرنك ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 4 عام 1287هـ/1870م ، ص12 .
(30) دار الوثائق القومية : مال الوارد من الشرقية أفرنكية ، ل/15/64/2 ، وثيقة رقم 16 بتاريخ 1287هـ/1870م ، ص 9 .
(31) دار الوثائق القومية : الوارد من مديرية الشرقية أفرنك ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 4 عام 1287هـ/1870م ، ص12 .
(32) دارالوثائق القومية : المرجع السابق ، وثيقة رقم 3 ، عام 1287هـ/1870م ، ص 12 .
(33) دار الوثائق القومية : الوارد من مديرية الشرقية أفرنكية ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 22 عام 1287هـ/1870م ، ص 24 .
(34) دار الوثائق القومية : المرجع السابق ، وثيقة رقم 12 عام 1287هـ/1870م ، ص16 .
(35) الحجاجية : هي من القرى القديمة وردت في قوانين ابن مماتي مع منزل نعيم لأنها كانت مشتركة معها في الزمام فى ذلك الوقت ، وفى الروك الناصري فصلت عنها فوردت فى التحفة ناحية قائمة بذاتها من أعمال الشرقية ، وتعرف عند أهلها بإسم بني صالح وهى تابعة لمركز فاقوس . محمد رمزي : المرجع السابق ، ص 112 .
(36) البيروم : هي من القرى القديمة وردت فى قوانين ابن مماتى وفى تحفة الإرشاد من أعمال الشرقية ووردت في التحفة البيروم وهى البيرمونين من أعمال الشرقية . محمد رمزى : المرجع السابق ، ص 111 .
(37) دار الوثائق القومية : الوارد من مديرية الشرقية إفرنكية ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 25 عام 1287هـ/1872م، ص 24 .
(38) دار الوثائق القومية : الوارد من مديرية الشرقية إفرنكية ، ل/15/64/2 ، وثيقة رقم 43 عام 1287هـ/1870م ،ص 27 .
(39) دار الوثائق القومية : الوارد من مديرية الشرقية أفرنكية ، ل/15/64/1 ، وثيقة رقم 5، عام 1287هـ/1870م ، ص12 .
(40) دار الوثائق القومية : بطاقات الدار ، درج رقم 277 ، 1266هـ/1849م .
(41) دار الوثائق القومية : المرجع السابق ، من المعية إلى مديرية البحيرة ، دفتر رقم 59 معية عربي عام 1287هـ/ 1870م .
تابع باقى الموضوع فى الصفحات التالية