السلالمة ـ الهنادى ـ أسرة الشافعى
28 ديسمبر
1995م الصفحة السابعة ـ الأهرام ـ د. يونان لبيب
الأهرام ديوان الحياة
المعاصرة
مركز
تاريخ الأهرام
(111)
ـ معركة
بين السماعنة والمساعيد بسبب قصة
حب
ـ عمدة
الهنادى يهدد بالإرتحال بقبيلته إلى
الاراضى السورية
ـ فلاح
يقتل إعرابيا بعد لجاج حول
الأفضل .. الفلاحون أم
العربان !
ـ الخديو
يكافئ الشيخ لملوم
السعدى بلقب البكوية وخمسة عشر
جنيها شهريا
ـ لملوم ، الباسل، أباظة، من
أسر مشايخ العربان التى إنخرطت
فى الحركة الوطنية
ــ فى
العمل الموسوعى الشهير
الذى قدمه المفكر
المصرى الراحل الدكتور جمال حمدان
تحت عنوان (شخصية
مصر- عبقرية المكان)
قدم
الرجل من الأدلة
على قدرة الوطن
المصرى على إمتصاص
الوافدين وعدم السماح
بنتوءات فى
البنية البشرية الوطنية لوقت طويل
ما لا يحتاج
إلى مزيد .
لعل
النتوء الرئيسى الذى
عرفته مصر خلال
عصورها الحديثة بدا
فى القبائل العربية التى زحفت
إليها من المناطق الصحراوية شرقاً وغرباً وإستمر يسبب
آلاما مبرحة للجسد
المصرى لفترة غير
قصيرة جانب من
هذه الآلام نتج
عن إستمرار غارات
هؤلاء على مناطق
الزراعة على أطراف
الدلتا خصوصاً فى
الشرقية والبحيرة أو
فى أنحاء الصعيد
خاصه الفيوم وبنى
سويف والمنيا الأمر
الذى دعا الدولة
العثمانية إلى أن
تخصص إحدى الفرق
العسكرية السبع المسؤلة عن حماية
مصر وهى فرقة
(العربان) لحماية مناطق
الريف المصرى من
تلك الغارات
الجانب
الآخر بدا فيما
أحدثه هؤلاء من
شرخ عميق فى
قدرة السلطه المركزية المصرية على
مد أيديها لسائر
أنحاء البلاد وهو
مايتناقض مع تاريخ
هذه السلطة ومع
إفرازات عبقرية المكان..
وقد
وصل الأمر فى
هذا الجانب إلى
حد أن نجح
بعض شيوخ تلك
القبائل فى إقامة
كيانات شبه مستقلة
عن تلك السلطه
فيما فعله شيخ
الهوارة همام الفرشوطى فى الصعيد
خلال القرن الثامن
عشر مستغلاً فى
ذلك حالة السلطة
المركزية المهتزة فى
القارة من جراء الصراع بين العثمانيين والمماليك مما
خلق نوعاً من
العلاقة الجدلية بين
قوة العربان وقوة
الدولة وكانت علاقة
عكسية على وجه
اليقين .
يؤكد
ذلك أنه مع
بداية بناء الدولة
الحديثة فى مطلع
القرن التالى التاسع
عشر وتنامى قوة
السلطة المركزية أن
أخذ هذا النتوء فى التآكل ولأسباب عديدة . الإحتكام إلى القوة
إذا وجب السماح
بتملك الأراضى ، تولية المشايخ البارزين للمناصب الكبيرة فيما حدث
لعديدين :
منهم العايدية فى الشرقية ، ويقدم الأباظية الذين كانوا
أشهرأسرها نموذجاً لذلك ، ويجسد
سليمان باشا أباظة ، هذا النموذج ، فقد تولى عدداً من المناصب الكبرى
كان آخرها منصب
مديرالمديرية ، وهو
المنصب الذى كان
مقصوراً على أبناء الأرستقراطية التركية المتحلقين حول الوالى .
بيد
أن القوة والسياسات وحدها لم
تكن كافية لإختفاء النتوء ، مما بدا من
مظاهر عديدة، فحتى
أولئك الذين إستقروا من العربان بقوا يشكلون
مجتمعاً منفصلاً له
تقاليده المتميزة ، ولعل هذه الرواية التى بعث
بها مكاتب الأهرام فى أبو
كبير تقدم الدلالة على ذلك
قال : أرادت إمرأة
من قبيلة السماعنة أن تتزوج
رجلاً من قبيلة
المساعيد فأبى أخوها
أن يزوجها به
فتركته وذهبت مع
خطيبها ترتاد منتجع
عدل وإنصاف من
دهر سلط عليها
شقيقها حرمها خطّاباً
عديدين حتى لقيت
حضرة الشيخ عليوه
الطحاوى فتثبت من
أمر طلاقها وأذن
لها أن تزوج
من أحبها فقامت
قيامة قبيلة السماعنة وبعثت عرائض
الشكوى إلى جميع
جهات الحكومة تزعم
فيها أن المرأة
غير مسرحة سراحاً
جميلاً من زوجها
الأول فأخذ حضرة
مأمورنا هذه المسالة بالحزم وأرسل
المرأة مع زوجها
إلى حضرة قاضينا
الشرعى يصحبها جمهورغفير من رجال
قبيلة السماعنة والمساعيد فحكم حضرته
حكماً فاصلاً وإنقضت
المسألة على خير
وسلام.
وبالطبع فإن
معنى أن تقوم
قيامة قبيلة من
العربان على زواج
أمراة منها من
أحد أبناء قبيلة
أخرى ينم عما
كان يمكن أن
يحدث لو كانت
سعت إلى أن
تتزوج من رجل
من غير العربان أصلاً ، ونرى أن
من الأسباب التى
أدت إلى قوة
هذه النزعة الإستعلائية من جانب
هؤلاء وإستمرار النتوء فى الجسد المصرى
. إن محاولة إزالته
قد تمت من
خلال سياسات حكومية
أكثر مما تمت
نتيجة لتطورات إقتصادية وإجتماعية ، وهى أمور لا
يصنعها إلّا الزمن
وحركة التاريخ هذا
من جانب ، ومن
جانب آخر فإنه
حتى ذلك الوقت
لم تكن حدود
الوطن المصرى قد
تعينت بشكل صارم
يجرم عبورها الأمر
الذى سمح لهذه
القبائل المتجولة أن
تبقى كذلك فى
أطار أراضى الدولة
العثمانية مما تكشف
عنه قصة أخرى
روتها الأهرام : القصة
بعث بها مراسل
الأهرام فى الشرقية وجاء فيها
أن ( محمد أفندى
سلطان وكيل عمدة
قبيلة عرب الهنادى المقيمين بأراضى
الأسدية ) ذهب فى
شكواه من بعض
القوانين التى تصمم
الحكومة على تطبيقها على أبناء القبيلة إلى حد
التهديد ببيع أملاكهم وممتلكاتهم والإرتحال إلى ( ربوع
الديار السورية ليعيشوا آمنين فى
ظل جلالة أميرالمؤمنين ) .
وتشير قراءة الأهرام إلى
أن أواخر القرن
قد عرف قدراً لا
بأس به من
تآكل النتوء مما
تضافرت عليه عوامل
عديدة كان من
أهمها فيما نستنبطه من قراءة الصحيفة ما
أخذ يصيب الوحدة
القبلية من تفكك
صنعته التطورات التاريخية ، فقد أدت
سياسة الحكومة فى
منح الأراضى لمشايخ
القبائل وما تبع
ذلك من إستقرارهم إلى تغير
فى العلاقة بين
هؤلاء وبين
سائرأفراد القبيلة الذين
تحولوا فى الغالب
إلى مزارعين مما
أثر كثيراً فى
وحدة هذه القبائل هذه واحدة ، التطور الثانى تمخض
عن تولى المشايخ للمناصب وما
تبع ذلك من
الإلتزام بتنفيذ السياسات الحكومية الأمرالذى قلل من
هيبتهم وأدى إلى
خروج العديد من
أبناء القبيلة عن
طاعتهم . خاصة وقد
وجد هؤلاء فى
مناطق الريف المجاورة مصادر للرزق
أو للنهب مما
كان مثاراً للشكوى
من الطرفين المشايخ والحكومة ، ولنبدأ بالنهب :
لم
يكد يمرشهر خلال
العقد الأخير من
القرن التاسع عشر
دون أن تنشر
الأهرام حادثة أو
حادثتين من أعمال
الإخلال بالأمن يقوم
بها أبناء العربان وإذا كانت
ثم ملاحظات على
تلك الأعمال فإنها
كانت من ناحية
ذات طابع فردى
وليس قبلياً مما
ينم عما أصاب
القبيلة من تفتت
.
ثم أنها كانت
من ناحية ثانية
تكشف عن قوة
الحكومة التى تجبر
المشايخ على البحث
عن الجناة وتسليمهم بكل ما
ينتج عن ذلك
من أسباب إسقاط
هيبة هؤلاء فى
عيون أتباعهم ، فضلاً عن ذلك
فإنه عند حدوث
عراك قبلى وكثيراً ما كان
يحدث فإن من
كان يحسمه تدخل
رجال الأمن وليس
حكمة المشايخ ، أخيراً وهو الأمر
الذى يثير الدهشة
أنه عندما يحدث
أن يكون طرف
من أطراف العراك
من العربان والطرف
الآخر من الفلاحين فقد كان
عادة ينتهى بإنتصارالأخيرين فهو أمر
إن دل على
شئ فإنما يدل
على أن قوة
العصبية القبلية قد
أخذت فى الضعف
مما أخل بطابع
الغلبة التقليدى الذى
كان للعربان من
قبل ووفر لهؤلاء الظروف التى مهدت
لإندماجهم فى مجتمع
بقية المصريين ، فى الريف وعلى
هوامش المدن ومع
الصيادين على السواحل . لعل هذا
الخبر الذى نشرته
الأهرام فى 16 إبريل
عام 1891م يكشف
عن أكثر من
دلالة من تلك
الدلالات الآنف الإشارة إليها ، الخبر
من الفيوم وجاء فيه ( كثرت الشائعات بإلقاء القبض
على جارد عبدالله اللص المشهور ولكن وجدنا
أن هذه شائعة
جرت على ألسن
العامة ، وقد أوقفت
المديرية مشايخ عربان
البراعصة لأنهم لم
يلقوا القبض على
جارد عبدالله ولم
يخبروا عن محل
وجوده لأنه من
قبيلتهم وعينت غيرهم ،
وإذا
كانت حالة جارد
قد وصلت إلى
حد عزل المشايخ فإنها فى
حالات تحولت إلى
مكافأة المشايخ الذين
أبدوا همة فى
القبض على اللصوص
فيما رواه مكاتب
بنى مزار من
أن سمو الخديو
المعظم قد أنعم
على ( لملوم بك
السعدى شيخ عربان
الفوايد برتبة بك
وخمسة عشر جنيها
كل شهر مكافأة
له على مساعدة
رجال الحكومة فى
القبض على اللصوص ، وكيف
أن آخر من
مشايخ القبائل هو
على عمارالمصرى خرج
مع رجاله وتربصوا بلص من
أبناء القبيلة هو
على حيدر ، حتى
أمسكوه وسلموه للسلطات ويبدو أن
على عمار لم
ينل المكافأة التى
كان يتوقعها مما
دعا الأهرام إلى
التنبيه ( بوجوب مكافأته بما يستحق
تشجيعاً له وترغيباً لغيره .
إستعرضت الصحيفة مع
ذلك أخبارالمعارك التى
كانت تنشب بين
العربان ، فى يوم
16 نوفمبر عام 1891م ساق
مكاتبها فى المنيا
أخبار المعركة بين
عربان البرج وعرب
العدائين التى أطلق
فيها الرصاص وكثر
إستعمال السلاح ولم
يحسمها إلّا تدخل
عمدة المطاهرة ووصول
حضرة الحكمدار وجماعة
من جنده لعمل
المحضر اللازم ، وخبر
آخر من بنى
سويف جاء فيه
أن جماعة من
عرب المعازة تشاجروا مع جماعة
من بنى سليمان
شرقية ، وقد إنجلت
المشاجرة عن جرح
إثنين وضبط الفاعلين والتحقيق جارى ، خبر ثالث من
الزقازيق عن إنعقاد
المحكمة الأهلية للنظر
فى قضية قتل
( حدث فى أثناء خصام عنيف بين
فريق من قبيلة
عربان الهنادى وفريق
آ خر من
عربان أولاد موسى
ومع طرافة الواقعة التى بعث
بها مكاتب الأهرام فى دمنهور
فى 3 يونيو عام
1893م فإنها تقدم
دلالات على ما
أصاب العلاقات بين
العربان والفلاحين من
تغيرات جاء فى
هذه الواقعة :
ـ (حدث بناحية
نديبة أن إعرابياً وفلاحاً كانا يتباحثان أيهما
أفضل العرب أم
الفلاحون وإشتد اللجاج
بينهما فإتصل للمشاتمة ثم إلى
الملاكمة إلى أن
إنتصر الفلاح على
خصمه فقتله وقام
البوليس لضبط الواقعة ) لعل أهم
الدلالات المستخرجة من
تلك الواقعة قبول
فكرة المساواة بين
الفلاحين والعربان إلى
حد المقارنة ، ثم من
جانب آخر أن
يحد ث نزال
ينتصر فيه الفلاح
ولا يكون ثم
حل إلّا تدخل
السلطات للبحث عن
هذا الفلاح دونما
تدخل من القبيلة التى ينتمى
إليها الإعرابى إنما
يدل على ما
أصاب العصبية من
وهن ، ولم تكن
على أي حال
الواقعة الوحيدة التى
تقدم هذه الدلالات ، فقد حفلت
الأهرام بأخبار المعارك بين الجانبين ، مكاتب دمنهور
بعث فى 17 أكتوبر
عام 1895م بخبر
عن حصول مشاجرة
بين العربان والأهالى بناحية مريوط
على سرقة بهائم وأن
الحكومة أرسلت شرذمة
من العساكر لمنع
الخصام .
رسالة
أخرى من كفر
الدوار فى 22 إبريل
عام 1895م عن
حدوث مشاجرة عنيفة
بين فريق من
أهالى العكريشة وفريق
من العرب دار
فيها بينهما ضرب
النبابيت والعصي فأصيب
كثيرين بجراح بعضها
ذات خطر وقد
ضبط الواقعة حضرات
مأمور المركز وعضو
النيابة وأرسل المصابون إلى مستشفى
البلدة لمعالجتهم ، ورسائل أخرى عديدة
تنم عما دخل
على العلاقات بين
الطرفين من تكافؤ
مما نعتبره تمهيداً لإنتهاء عصر الإستعلاء العربانى على الفلاحين وتوطئه لإندماج هؤلاء العربان فى المجتمع الريفى بكل
ما ترتب على
ذلك من إستكمال أسباب التمصير فيما نوه
به الدكتور جمال
حمدان ، فضلاً عن
ذلك فإن بعض
ما عرفته مصر
من تطورات إقتصادية قد أثر
أيما تأثير فى
عملية تمصير العربان ، ويقدم عربان
شرقى الدلتا نموذجاً لذلك . فقد
عرف النصف الأخير
من القرن التاسع
عشر متغيرين مهمين
فى هذه المنطقة ، أولهما إتمام
حفر قناة السويس
وفتحها للملاحة عام
1869م وما
نتج عن ذلك
من وجود هذا
الحاجز المائى الذى
قيد حرية الحركة
بين العربان المقيمين فيما هو
غربيها وبين سائر
العربان فى سيناء .أو
فى شبه الجزيرة مما وفر
عاملاً جبرياً لهم
على الإستقرار. الثانى
نتج عن إختراق
السكك الحديدية لتلك
المناطق ، خاصة الخط
الممتد عبر الزقازيق والتل الكبير
والإسماعيلية إلى بورسعيد ، فقد أوجدت
هذه الخطوط درجة
عالية من التواصل بين مناطق
هؤلاء العربان وبين
بقية الجسد المصرى
مما لم يكن
معه بد . ومع
مرور الوقت من
الإندماج فى بقية هذا
الجسد ، وكان لكل
هذه المتغيرات تأثيراتها على العلاقات القديمة بين
السلطة المركزية وبين
العربان مما شكل
خطوة أخرى أتجاه
مصيرهم ، بينما كانت
سياسات حكومة القاهرة هى العامل
المؤثر الرئيسى فى
أوضاع العربان المصريين خلال النصف
الأول من القرن
التاسع عشر فإن
المتغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية خلال
الربع الأخير من
القرن والتى تركت
بصماتها على أوضاع
هؤلاء هى التى
صاغت سياسات هذه
الحكومة حيالهم مما
تشهد به الأهرام ، من هذه
السياسات ما ترتب
على قيام الحكومة فى العاصمة بواجباتها بحماية
البلاد والعباد مما
مس بشكل ظاهر
توجهاتها حيال العربان . حماية البلاد
تبدت فى تكوين
الجيش الوطنى وما
صحبه من سياسة
تجنيد طالت بأيديها من خلال
نظام القرعة المصريين فى جميع
أنحاء البلاد ومعلوم
أن العربان قد
تمتعوا طول الوقت
بالإعفاء منها فيما
سجله الأمر العالى
الصادر فى 13مارس
عام 1882م والذى
جاء فيه (أنه
مراعاة للإمتيازات الممنوحة للعربان من
القدم رغبة فى
توطنهم وتشويقاً لهم فى رفاهية
معيشتهم تبقى الإمتيازات الممنوحة لهم
على حالتها بأن
يعافوا من القرعة
العسكرية ، أما حماية
العباد فقد تجسدت
فى السياسات التى
كانت تتبعها الحكومة لصيانة الأراضى الزراعية من
إعتداءات فيضان
النيل المبارك ومن
إحتمالات إنهيار جسور
النهر والترع ، وهى
صيانة كان يتولاها أبناء الريف
المصرى من خلال
سخرة عرفت بالعونة ، كان العربان بعيدين عن
يده بحكم أنهم
إستمروا يعيشون على
هامش الأراضى الزراعية ثم أنهم
حتى بعد ما
إستقروا وتملكوا مساحات
من تلك
الأراضى فقد كان
أغلبها بعيداً عن
النهر خاصة
فى الأراضى المستصلحة التى عرفت
بالأبعاديات ، وقد
إستمر العربان المصريون ينظرون إلى
تلك الإعفاءات
بإعتبارها إمتيازات مقررة
لا ينبغى المساس
بها وهو ما
ظلت تعترف به
حكومة القاهرة حتى
أواخر القرن ، فقد
إرتأت أنه مع
تغير الأوضاع يمكن
سحبها ، فيما حاولته
إدارة القرعة العسكرية وكانت الأهرام شاهدة عليه
. تذرعت
السلطة المركزية فى
العاصمة فى سعيها
إلى إلغاء إمتيازات العربان بأكثر
من حجة ،

( لكون بعض مشايخ الفرق والحصص لقبائل العربان صدقوا على جداول تعدادهم بصفة مشايخ قبائل ، وبعض الفلاحين صدقوا عليها عربان أمام اسمائهم ، وعلى صحة وظائفهم وصفتهم من الوارد بالمديريات المختصة بهذا الشأن )
منها
أن كثيرون من
الأهالى يدفعون بعض دريهمات للشيخ
فيثبت للحكومة أنه
من العربان ، وبهذه
الطريقة يتخلص من
القرعة العسكرية وخفارة
النيل وغيرها مما
أعفي منه العربان ، ومنها تجرؤ
(الرعاع من العربان على عدم
الإكتراث بسلطة الحكومة وبلغت الوقاحة من بعضهم
مبلغاً أضحوا معه
يحتقرون كل عظيم
ويسيئون الأدب مع
كل إنسان ) وكان
وجه المؤاخذة للمشايخ هنا أنهم
قد عجزوا عن
الإمساك بشكيمة هؤلاء العربان الرعاع .فإذا
كانت ثمة دلالة
يمكن أن تستخرج
من الذرائع الآنفة
فهى أن عربان
مصر قد إنخرطوا فى المجتمع ريفى أو
حضرى إلى الحد
الذى تراءى معه
لحكومة القاهرة أنه
يمكن أن يخضعوا
لما يمكن أن
يخضع له بقية
المصريين ، لعل الخبر
الذى نشرته الجريدة يوم 25 يوليو
عام 1893م والذى
يفيد بأن حكمدار
المديرية قد توجه
إلى الفيوم لحضور
اللجنة المشكلة من
عمد ومشايخ العربان للنظر فى
إلحاق أنفار كل
قبيلة للمشيخة التابعين لها وجمعهم
فى نقطة ، يكشف
عما أصاب هذه
القبائل من تبعثر
وما رأته السلطات شرود أمن
أبنائها وفيما نراه
إندماجاً فى بقية
الجسد المصرى .
بعد ذلك إلى
الشكوى التى تقدم
بها العربان المقيمون فى جوار
بورسعيد عن منع
السلطات لهم من
الدخول إلى المدينة لمزاولة تجارة
البلح التى إعتادوها فيها ، ومع
أن المحافظ وافق
على دخولهم إلّا
أن ما يعنينا
هنا تلك الصلة
الجديدة مع أبناء المدن التى تحولت
مع مرورالوقت إلى
إستقرار وإندماج وإنفصال عن بقية
القبيلة ،
ونصل أخيراً إلى
الظلامة التى رفعها
مشايخ العربان فى
المطرية على العراقيل التى تبثها
وزارة المالية أمام
أعمالهم فى مصايد
بحيرة المنزلة والذين
ختموها بقولهم ( أنه
لابد أن يجرى
الإنصاف فى مجراه
وإلّا فيصدر مظلوم
باشا منشوراً يعلم فيه القطر
المصرى أنه مادام
ناظراً للمالية فلا
عمل لها إلّا
جباية أموال عباد
الله وهضم حقوقهم
وسلب فقيرهم وضعيفهم والسلام ) الأمر
الذى يقدم دلالة
أخرى على مزيد
من الإندماج فى
المجتمع المصرى وكان
مجتمع الصيادين هذه
المرة .
ونرى
أن هذا الإنخراط قد حدا
بالحكومة المركزية إلى
إعادة صياغة سياساتها تجاه العربان فى جانب
منه بحرمانهم من
إمتيازاتهم ليصبح شأنهم
شأن بقية المصريين وفى
الجانب الآخر بتطبيق
النظم الإدارية التى
تطبق على سائر
المصريين عليهم ، وهو
ما قاومه العربان بشدة ، ومع نجاح
القاهرة فى تنفيذ
جانب من سياساتها الجديدة فإن
تلك المقاومة قد
أدت إلى إرجاء التنفيذ فى جانب
آخر .
الإرجاء حدث بالنسبة إلى
الإعفاء من التجنيد وأعمال خفارة
النيل . النجاح
بدأ فى جملة
من الإجراءات
نفذتها نظارة الداخلية كان منها
ضبط عدد كبيرمن
العربان وتعيين محلات
إقامتهم مما كلف
به مشايخهم ، وما
كان يترتب على
تقاعس أياً منهم
من فقدانه لمنصبه
، وكان
منها إنتهاء النظام
القديم لإختيار مشايخ
العربان الذين أصبح
إنتخابهم يتم من
خلال ( جمعية مؤلفة
من عمد ومشايخ
العربان يجتمعون فى
سراى المديرية برئاسة
سعادة المدير ) يتبعها
أن يلقى هذا
التنبيهات والأوامر المشددة عليهم لحفظ
الأمن فى البلاد
وملاحظة لائحة المتشردين وأصحاب السوابق والإسراع بإخبار
الحكومة فى كل
مايحدث فى جهة
إختصاصاتهم ، ومنه تشكيل
اللجان للنظر فى
( إلحاق أنفار كل
قبيلة للمشيخة التابعين لها وجمعهم
فى نقطة واحدة
) ز
الأهم
من ذلك من
سياسات حكومة القاهرة العملية التنظيمية الواسعة التى
أجرتها فى شتاء عام 1895م والتى
ساقتها الأهرام بالتفصيل فى عددها
الصادر فى 2 ديسمبر
وجاء فيه أن
الحكومة ( حورت نظام
مشيخة العربان وعقدت
جمعيات فى المديريات أنتخب فيها
عمدة أو أكثر
لكل قبيلة وتقرر
أن يكون تحت
رئاسته مشايخ يدعون
مشايخ فرق وقد
نفذ هذا المشروع فى المديريات كلها غير
أن قبيلة أولاد
على النازلة بالبحيرة لم يرض
مشايخها أن يكونوا
مشايخ فرق بعد
أن كانوا مشايخ
قبائل ) ولم يكن
رضائهم أو عدمه
له تأثير كبير ، فى نفس الوقت
عملت نظارة الداخلية على تطبيق
لائحة خفارة العذب
والكفورالمطبقة على سائر
أنحاء الريف المصرى
على العربان الذين
رأوا أنهم بمثابة
( خفراء للقطر على
بعض حدوده فكيف
تقيم الحكومة منهم
عليهم الخفراء ) وقد حدا
ذلك الأهرام فى
تقديم النصيحة بأن
تقوم الحكومة بإستكمال أسباب توطين
العربان فى البيوت
الثابتة وتمليكهم العقارات فيجوز عليهم
ما يجوزعلى سائر
سكان القطر
.
ونظن
أن تطورات التاريخ وسياسات حكومة
القاهرة قد أفلحت
أخيراً فى ضرب
النتوء إلى حد
يمكن القول معه
أنه قد أخذ
فى الإختفاء ولعل أظهر الأدلة
على ذلك أن
عديداً من أسرالمشايخ التى إستقرت
ووليت وظائف حكومية
خلال تلك الفترة
قد إنخرطت فى
العمل الوطنى سواء قبل الحرب الأولى
أو فى ثورة
1919م .لملوم السعدى
رئيس قبيلة الفوايد فى مغاغة ، حمد الباسل عمدة
قبيلة الرماح فى
الفيوم ، الأباظية فى
الشرقية وكان هؤلاء فى طليعة الأحزاب الوفد الوطنى والأحرار الدستوريين ، ونعتقد أن هذا
الإنخراط قدم الإثبات الذى لا
يقبل الجدل على
تمصير العربان
.
قانون إمتياز العربان 1905
المادة () : بعد الإطلاع على الأمر العالي الصادر في 21 مايو سنة
1885 المختص بعمد ومشايخ قبائل العربان. وبناء على ما عرضه علينا ناظر الداخلية
وموافقة رأي مجلس النظار وبعد أخذ رأي مجلس شورى القوانين. أمرنا بما هو آت:
المادة (1) : يكون لكل قبيلة من العربان مركز عمومي بالمديرية أو
المحافظة التي يعينها ناظر الداخلية بقرار يصدر منه.
المادة (2) : تشكل في كل مديرية أو محافظة لجنة محلية للنظر في
مسائل العربان وتتألف من المدير أو وكيله أو المحافظ أو وكيله بصفة رئيس ومن مندوب
من نظارة الداخلية ومن أحد وكلاء النيابة العمومية ومن أربعة من عمد العربان
ينتخبهم المدير أو المحافظ من نفس المديرية أو المحافظة أو من المديريات المجاورة
لها.
المادة (3) : لا تكون مفاوضات اللجان المحلية صحيحة إلّا إذا حضرها
الرئيس ومندوب نظارة الداخلية وإثنان من العمد على الأقل ويكون حضور وكيل النيابة
لازما في الجلسات التأديبية المنصوص عنها في المادة 23 من هذا القانون.
المادة (4) : للمدير أو المحافظ أن يجمع اللجنة المحلية للنظر في
كافة المسائل المتعلقة بعمد العربان أو وكلائهم أو مشايخ الفرق أو مشايخ النقط
التي يرى لزوم عرضها عليها أو للنظر في المسائل التي تقدم إليه من نظارة الداخلية.
المادة (5) : يرأس كل قبيلة عربان عمدة واحد أو أكثر ويكونون
مسؤولين عن حسن سير القبيلة وفي حالة وجود عدة عمد لقبيلة واحدة فتوزع أفراد هذه
القبيلة على هؤلاء العمد بمعرفة اللجنة المحلية للمديرية أو المحافظة الموجود فيها
مركز القبيلة العمومي.
المادة (6) : تعين نظارة الداخلية العمد بناء على طلب اللجنة
المحلية لمسائل عربان المديرية أو المحافظة الكائن فيها مركز القبيلة العمومي.
المادة (7) : يكون لكل عمدة وكيل في كل مديرية أو محافظة يقطنها
زيادة عن خمسين فرداً من قبيلته أو من جزء القبيلة التابع إليه وللمدير أو المحافظ
أن يرخص بتعيين وكيلين أو أكثر لمديرية أو لمحافظة واحدة أو أن يباشر بنفسه هذا
التعيين.
المادة (8) : يعين المدير أو المحافظ وكلاء العمد التابعين
لمديريته أو محافظته بناء على طلب عمدتها.
المادة (9) : يعين المدير أو المحافظ مشايخ الفرق ومشايخ النقط
الموجودة في مديريته أو محافظته الفرقة أو النقطة وذلك بناء على طلب العمدة أو
وكيله التابعين له.
المادة (10) : العمد ووكلاؤهم ومشايخ الفرق ومشايخ النقط المنصبون
الآن يعتبرون كأنهم معينون بمقتضى هذا القانون لحين تعيين عمد ووكلاء ومشايخ جدد.
المادة (11) : لا يجوز تعيين عمد أو وكلاء عمد أو مشايخ فرق أو
مشايخ نقط من الآتي بيانهم:
أولاً - الأشخاص المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة أو
بالسجن والمحكوم عليهم في مواد السرقة والنصب وخيانة الأمانة والتزوير وانتهاك حرمة
الآداب والرشوة.
ثانيا - الأشخاص الذين سبق رفتهم من الوظائف التي كانوا معينين
بها في القبيلة لإهمالهم في واجباتهم أو لإختلاسهم الأموال الأميرية أولإرتكابهم
الرشوة.
ثالثاً - الأشخاص المحكوم عليهم بالإفلاس والمحجورعليهم، وينبغي لمن يعين
عمدة أو وكيل عمدة أن يكون بالغاً من العمر خمساً وعشرين سنة كاملة.
المادة (12) : يجوز لناظر الداخلية رفت العمد من وظائفهم.
المادة (13) : يجوز للمديرأوالمحافظ رفت وكلاء العمد التابعين
لمديريته أو محافظته ويجوز ذلك أيضاً للعمدة التابعين له مع موافقة المدير أو
المحافظ.
المادة (14) : يجوز للمديرأوالمحافظ رفت مشايخ الفرق ومشايخ النقط
الموجودة الفرقة أو النقطة بمديريته أو محافظته ويجوز ذلك أيضاً للعمدة أو وكيله
التابعين له مع موافقة المدير أو المحافظ.
المادة (15) : عمد القبائل ووكلاؤهم مكلفون بضبط كل شخص تابع إليهم
يكون مطلوباً لجهة من جهات الحكومة ذات الإختصاص وتسليمه إليها في ميعاد موافق
ويكون مشايخ الفرق ومشايخ النقط مسؤولين في هذا الشأن أمام العمدة أو وكيله.
المادة (16) : عمدة القبيلة مخير في إنتخاب محل إقامته ولكن يلزمه
الحضور إلى المديريات أو المحافظات كلما طلب إليها.
المادة (17) : يكون محل إقامة وكيل العمدة في نفس المديرية أو
المحافظة التابع لها ويكون دائماً تحت طلب المدير أو المحافظ.
المادة (18) : على عمد القبائل ووكلائهم ومشايخ الفرق ومشايخ النقط
تنفيذ كافة أوامر البوليس المتعلقة بالأماكن التي يمكن للعربان أن يقطنوها وينصبوا
خيامهم فيها.
المادة (19) : يكافأ عمد القبائل على قيامهم بالخدمات المطلوبة منهم
بإعفائهم من دفع الأموال الأميرية عن خمسة أفدنة من أطيانهم التي يعينونها وذلك
مدة وجودهم في وظائفهم.
المادة (20) : في حالة تقصير عمد القبائل ووكلائهم ومشايخ الفرق
ومشايخ النقط يجوز للمدير أو المحافظ أن يحكم عليهم بالجزاءات التأديبية الآتية:
الإنذار أو التوبيخ. الغرامة لحد مائة قرش.
المادة (21) : في الحالة المبينة في المادة السابقة يجوز للمدير أو
المحافظ أن يقرر إيقاف العمد ووكلاء العمد ومشايخ الفرق ومشايخ النقط عن وظائفهم
أثناء تحقيق ما ينسب إليهم. ويجوز للمدير أو المحافظ في حالة الإيقاف أن يعين من
يقوم مقام من يوقفه.
المادة (22) : إذا ظهر أن الأفعال المنسوبة لعمدة القبيلة أو وكيله
أو لشيخ الفرقة أو شيخ النقطة تستوجب جزاء أشد فيحيل المدير أو المحافظ المتهم على
اللجنة المحلية المعينة للنظر في مسائل العربان ويحق لهذه اللجنة بعد سماع دفاع
المتهم أن تحكم عليه بالغرامة لحد خمسمائة قرش وبالحبس لحد ثلاثة أشهر وبالعزل
ويجوز توقيع هذه العقوبات منفردة أو منضمة إلى بعضها.
المادة (23) : تصدر الأحكام السالفة الذكر متى كانت مختصة بالعمد من
المدير أو المحافظ أو من اللجنة المحلية للمديرية أو المحافظة الكائن فيها مركز
القبيلة العمومي ومتى كانت مختصة بوكلاء العمد تصدر من المدير أو المحافظ أو من
اللجنة المحلية للمديرية أو المحافظة التابعين لها ومتى كانت مختصة بمشايخ الفرق
ومشايخ النقط تصدر من المدير أو المحافظ أو من اللجنة المحلية للمديرية أو
المحافظة الكائن فيها الفرقة أو النقطة.
المادة (24) : تعرض الأحكام التأديبية الصادرة من اللجنة على نظارة
الداخلية للتصديق عليها ولها أن تخفف العقوبة أو تبرئ ساحة المحكوم عليه.
المادة (25) : يلغى الأمر العالي الصادر في 21 مايو سنة 1885.
المادة (26) : على ناظر الداخلية تنفيذ هذا القانون.
التوقيع : عباس حلمي -
خديو مصر
ــــــــــ
ـ المؤيد ، العدد 1947 ، 19 أغسطس 1896م ،
الأربعاء 10 ربيع اول 1314هـ ،
إمتياز العربان
دعانا ذكرإمتيازات العربان فى مصر ومناقشتهم
الحكومة فى أمرها هذه الأيام إلى البحث عن أصل هذه الإمتيازات، وقد سألنا الكثير
من كبرائهم عن الخطوط والأوامر الرسمية التى فى أيديهم تمنحهم هذه الإمتيازات ،
فلم يجب سؤالنا فى ذلك حتى الآن سوى حضرة عزتلو/ حمد بك سلطان، شيخ مشايخ قبيلة
الهنادى، فإنه أطلعنا على نفس الأمر الذى بعث به المغفور له محمد على باشا رأس
العائلة الخديوية إلى والده فى سنة 1263هـ،
وهذا الكتاب يعتبرعند العربان من أهم مستنداتهم فى المطالبة بإمتيازاتهم،
وقد أردنا نشره هنا ليطلع عليه قراء المؤيد، ونحن مستعدون لنشر صورة كل كتاب
يوافينا به حضرات مشايخ العربان مما يعتبر أساساً لإمتيازاتهم ، أما الكتاب الذى
نحن بصدده فهذه صورته بالحرف الواحد :
ـ المكرم محمود سلطان شيخ نصف قبيلة الهنادى
بعموم وجه قبلى، إنه كما هو معلوم من مدة صارت الهمّة فى تعداد نفوس أهالى الأقطار
المصرية ولحد الآن قد تكامل تعدادها على قدر الإمكان ، وسيصير الوقوف على الحقيقة
بإحتياط بعض البلاد أحيانا ، وإعادة التعداد على أهاليها بالثانى ليتضح حقيقة هذا
التعداد إن كان صحيحاً أم لا ، وحينئذ إذا كان يوجد أنفارمخفيّة فيصير التعداد بالثانى على الصحة ، وتصير المجازاة فى حق من تجاسروا بإخفاء الأنفار
بالجزاء الشديد .
فنحن مقصدنا فى هذه المادة أولاً :
هو أن الأنفار التى ترتبت إلى العمليات
والأشغال الخيرية الصائرإنشاؤها تخصص بالعدالة على واقع كثرة وقلة الأنفاربكل بلد،
وبذلك نحصل على رؤية الأشغال بوقتها وزمانها .
ثانيا :
من كون إن البلاد العامرة
التى دخلت التربية أهاليها محسوبة ومعدودة وفى كل سنة جارى عنها المحاسبة، وصائرإعلان
مقدارها وتقدر لكل مملكة قدر وقيمة على حسب كثرة وقلة نفوسها ، فنريد نحن أيضا أن نعلن إلى العالم قيمة وطننا
هذا من حيث القوة ، فمقصودنا ها هو عبارة عما ذكر ، فأنتم منذ سنوات عديدة مقيمون
ومتوطنون فى هذا الوطن العزيز تستفيدون من
زروعاته وتتمتعون بسائر فوائده كمثل الأهالى وحائزون على إمتيازات زيادة عنهم ،
فبحسب ما ذكر مقتضى أنكم أنتم أيضاً تبادرون بالشوق والغيرة للدخول فى التعداد وكما
أنه معفي عنكم من الفردة والأشغال منذ القديم، فكذلك من الآن فصاعداً تبقوا
بإمتيازاتكم القديمة على ما أنتم .
إنما فقط فى أيام الحرب إذا لزم الحال لطلب
عسكر منكم فيصرف لكم مرتبكم بوقته على أصوله القديمة، وتطلعوا إلى الحرب وهذه
الكيفية جاريه بحقكم من القديم ، والغاية أنه لم يصر التكليف لكم بشئ غير هذه
الوظيفة الشريفة التى هى المحاربة عند الإقتضاء ، والمقصود بإدخالكم التعداد هو
فقط لأجل بيان قوة مصر وليعلم عند الغير أن بها عساكر عربان خيّالة مقدار كذا وكذا
خلاف قوتها النظامية المركبة من عساكرها الجهادية فمن أجل ذلك أصدرت لكم أمرى هذا
بوجه العموم لكى تبادروا أنتم أيضاً بتعداد أنفاركم على الصحيح وتحاذروا من إخفاء
أنفارعن التعداد ، ومن حيث أنه بعد التعداد إذا ظهرعندكم أنتم أيضاً زيادة عن العدد
نعاملكم بحق القانونامة ، أي نجرى عليكم الجزاء المترتب بها ، ومن أجل ذلك يقتضى
أن دفاتر التعداد تكتبوها على صحة وتسرعوا بتقديمها إلى دواوين المديريات التى أنتم تابعين لها وإنما يكون ذلك لغاية 15
شوال الحاضر كما هو مطلوبى
ـ الإسكندرية فى 24 ن 1263
(محل الختم)
محمد على
ـــــــ
* مقطعين من جرنان المؤيد توضح ماكانت عليه الأمور قبل عام 1900 فى شأن إختلاط ودخول من هم من خارج القبائل إليها ويوضح المقطعين أساليب عدة أدت لذلك وقد حرصت إدارة الموقع التاريخى على أن تضع زائر الموقع فى الصورة الواضحة لهذا الموضوع .
ـ المؤيد ، العدد 1953 ، 26 أغسطس 1896م ، الأربعاء 17 ربيع اول 1314هـ ،
مسألة العربان ، الرسالة الثانية .
العربى سهل الإنقياد لين المراس إذ لم
يعامل بالقسوة والشمم ، وعقلاء العربان
وعمدهم فى إمكانهم تذليل كل الصعوبات والعثرات ، أقول صعوبات وعثرات لأن فى الأمر
أسراراً لا يدركها إلّا من عرف البلاد الريفية خصوصاً مديريتي البحيرة والشرقية
حيث كثرت هناك جموع العربان ولأن كثيرين من الفلاحين النازحين عن أوطانهم إما لديون
عليهم أو لجرائم إرتكبوها أو لفقر مدقع أو هرباً من الجندية إلى غير ذلك قد لجأوا
إلى العرب وتفيأوا بظل حمايتهم فإستعربوا وليسوا بالعرب ، ثم إن ألوفاً من
الفلاحين قد نالوا الشهادات من هؤلاء العربان بأنهم منهم وأصّلوهم وفصّلوهم حسبما
قضت به الذمة ليتخلصوا من الجندية والسخرة (الملغاة) وخفارة جسورالنيل وذلك مقابل
ما نقدوه إلى العربي الذى سعى لهم ، فتعداد النفوس والبحث المدقق يوصل إلى معرفة
هذا الغش الذى أضر بالبلاد والأهالى معاً وهو أمر معروف لا مراء ...
ــــــــــــــ
ـ المؤيد ، العدد 1955 ، 29 اعسطس 1896م ،20 ربيع اول 1314هـ ، مسألة العربان
، الرسالة الخامسة .
إن العربان نظراً لنفوذهم وإنفرادهم عن الأهالى بنجوعهم وكفورهم وأمنهم على أنفسهم
من الجندية ومن تفتيش محلاتهم ، نشروا لواء الحماية لأولي الجرائم والمعاصي
الملتجئين إليهم هرباً من قصاص الحكومة وفتحوا صدورهم الرحبة لقبول الفلاحين فى
قبائلهم حماية لهم من العسكرية والخفارة والسخرة فيعطوهم الشهادات الدالة على أنهم
من القبيلة الفلانية مقابل جُعل يتقاضونه منهم ، أما الفلاح فيقع فى شرعمله لأن
الحكومة تتقاضاه العسكرية مرة واحدة ، والعربان يتقاضونه العطاء كل عام مادام حياً
وأعقابه من بعده ، وقد أكد لى الخبيرون أننا لو تحرينا فرز الأصل العربي لما بقي
من جموعهم العظيمة الآن إلّا عشرة فى المائة والتسعون الباقية فلاحون إستعربوا
بالمال والحماية