ادب الخيل فى مصر بين البرجاس والتأصيل

El-Tahawy Saoud

 

أدب الخيل فى مصر بين البرجاس والتأصيل

Camel Race. "Minieh، Février 20، 1914". Photograph album of an important camel racing and

horsemanship event.THE ARABIAN HORSE VENNA AUSTRIA 2021 Minya، Upper Egypt، 1914.

.لا أحد يستطيع أن يغفل  وجود الخيل ومكانتها فى قلوب كثير من الناس لأن الله سبحانه وتعالى حببها للناس وزينها لهم ، فدائماً تجد من يهتم بها ويحافظ عليها ويدللها كل الدلال ، لا أحد يغفل أيضاً هذا الظهور الطاغى لمهرجانات الخيل سواء الخيول العربية الأصيلة المسجلة أوغيرها مما يرتبطه الناس بمصر ، ومن المؤكد إن تلك المهرجانات والمسابقات التى عمَّت البلاد ما بين جمال وأدب أثرَت المجتمع المصرى بثقافة تربية الخيل والإهتمام بتراثها وأحياءها ، وأخيراً إهتمام الدولة اللافت بالفروسية وتراث الخيل ، والبرجاس إحدى رياضات الخيل عند البدو وتحدث عنها كثيرمن الرحالة الأجانب وكذلك كتاب وصف مصر فى القرن الماضى وفى فترة المماليك  ، ويسمح لعموم الشعب المصرى التعبيرعن سعادتهم  فى هذه الإحتفلات بما يملكونه من مهارات وعادات وتقاليد من فنونهم ورياضاتهم   المختلفة  .


                                فارس من الطحاوية ، الشيخ عبدالدايم راجح الطحاوى 1940


فارس من الطحاوية ،المؤلف 1978


فارس من هوارة

على بك ابو جازية ، ممتطياً الحصان العربى إبن بنت عبية من تربية الجمعية الزراعية الملكية 1935

ـ لعلك سمعت مرة شاعرالربابة وهو يعزف ويتمايل ويغنى : أوَّل ما نبدى اليوم نصلى على النبى
... نبى عربى سيد ولد عدنان.. ولا كل من لبس العمامة يزينها.. ولا كل من ركب الحصان خيَّال ، ليالى العُربان وأفراحهم كانت كلها حلقات يتفرجون على لعبة البرجاس ، يجرى الفارس الأوَّل على حصانه وإذا لحقه الثانى ألهب ظهره بعصا فى يده ، ويجرى الثالث ليلحق بالثانى وهكذا .. والمغلوب يعود دائماً وقد حنى رأسه خجلاً ويقابله شاعرالربابة ساخراً ولا كل من لبس العمامة يزينها ولا كل من ركب الحصان خيَّال  .

وعرفت مصر لعبة البرجاس من العُربان المنتشرين فى الصحراء وكان أوَّل من تعلَّق بها أعيان الريف من العُربان المتوطنين وهم وحدهم القادرون على إمتلاك الخيول الأصيلة ، ولكن البرجاس إنقلب فى الريف وعلى الأخص فى الصعيد إلى أداة للإنتقام فتكررت حوادث وقوع الفرسان من فوق الخيل ووفاتهم ، وكان المتهم الأوَّل فى كل حادثة ذلك الفارس الثانى الذى لا يكتفى بضرب الأوَّل على ظهره ، وفى هذه الحالات كان شاعرالربابة يقابل الفائز بكل إشمئزازوهو يقول : ولا كل من ركب الحصان خيَّال .









بنات الريح ، هذه المجموعة من البوم يوثق مهرجان الهجن بالمنيا عام 1914

ـ منذ خمسة وأربعين عاماً وفى عام  1904فكر إثنان من هواة الخيول  من أعيان البحيرة إلى تحويل رياضة البرجاس إلى رياضة أخرى هما : المرحوم على بك أبو جازية وعبدالله بك الجيار، فكرا فى هواية تعليم الخيل وتأديبها حتى تفعل كل ما يقال لها ، وبدأ أبو مُرَّة زعيم قبيلة عربية فى البحيرة يدرب الخيل ، علمها أن تسلَّم وأن تركع وأن تسيرعلى خط مستقيم لا تحيد عنه ، وإنتشرت هواية تعليم الخيل من أبو جازية والجيار إلى جميع أنحاء القطر، ثم إستطاع أبومُرَّة أن يعلِّم الحصان كيف يحرك رجليه الخلفيتين على أنغام موسيقى الطبل البلدى ، وكان ذلك حدثاً كبيراً عندما بدأ الحصان يرقص ويتمايل على الأنغام ، ثم بعد ذلك برع من أسرة أبو جازية فرسان كثيرون ، وفى العائلة الآن طفل فى السادسة من عمره يستطيع أن يركب الحصان وحده ليرقص به ، لقد شهد عالم الخيول المؤدبة أسماءً لمعت وأخرى لا تزال لامعه ، غندور... الذى عاش خمسة وعشرين عاماً وكان يتكلم يسأله صاحبة فيجيب على كل سؤال بلغة مخصوصة يستطيع أي شخص أن يفهم مدلولها ، سيد الخيل ... كسب خمسة عشرجائزة متوالية وكان أجمل حصان فى مصر، والأرضاوى ... هو الآخر عاش خمسة وعشرين عاماً وكان يصعد وحده إلى ثالث دورثم يطل من الشرفة ويعود ، وكان إذا رقص على بساط وأرد أن يقضى حاجته زَعَق فيحضرالخادم وفى يده كيس خاص من الجلد ، ومن الأسماء التى لاتزال لامعه الحصان مشهور... ومشهورلا يدخل حلبة الرقص إذا أغضبه أحد وإذا دخلها فإنه يحنى رأسه للجماهير يحييها كما لوكان ممثلاًعلى المسرح ، وسعدنى ... الحصان المدلل لا يرقص إلَّا إذا أكل السكر، ومسعد ومصباح وفايزوعايدة ... كل واحد منهما يستطيع أن يمربين صفوف المتفرجين دون أن يحرك شعرة من ذيله ، ويملك فؤاد سراج الدين باشا فرساً سمينة تجيد الرقص .



الصور الثلاث من مهرجان للخيول فى الصعيد فى أربعينيات القرن الماضى وحضره شيخ العرب محمد فرجانى مازن الطحاوى

صور من الصحافة القديمة توضح ممارسة قبائل البدو رياضاتهم من ادب الخيل فى إحتفالات زواج الملك فاروق والملكة فريدة يناير 1938

هدايا الشرق :

وإشترك السودان كما شارك بعض دول الشرق في تقديم الهدايا إلى جلالة الملك ونرى في الصورة الأولى : هدايا النادى السودانى وهى مؤلفة من مروحة من ريش النعام بعضها من الذهب الخالص وزهرية وتمثال غزال من سن الفيل  وهدايا اخرى تعبر عن نماذج الفنون السودانية الجميلة ومرصعاته الدقيقة وفى الصورة الثانية :إحدى الهديتين التى قدمتهما الجمعية الإسلامية الصينية وهى قصيدة في مدح جلالة الملك باللغة الصينية مطرزة على الحرير  الخالص وفى الصورة الثالثة : الحصان العربى الأصيل الذى أهداه سمو الأمير عبدالله امير شرق الأردن وفى الصورة الرابعة : الجياد العربية الأصيلة التى اهداها جلالة الملك عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية وقد توسط الصورة محافظ جدة ، وفى الصورة الخامسة : هدية الصين الثانية وهى صورة لبعض مناظر الصين وجيادها وعملت من خيوط الحرير الصينى الخالص .

في عابدين :

ولم يكن حظ ساحة عابدين من البهجة السابقة اقل من ساحة قصرالقبة ، فقد وفد إليهم الألوف من أنحاء القطرالمختلفة ، وهناك كانت تذداد بهم نشوة الإبتهاج والسرورفيأخذون في لعب العصى وإرقاص الخيل والناس مصطفين في كل مكان ، وفى الصورة الأولى : منظر الجماهير المصطفة في ساحة عابدين أمام السريا الملكية لمشاهدة العاب التحطيب والرقص على الخيل ، وفى الصورة الثانية : بعض أبناء الصعيد يلعبون بالعصا وحولهم الجموع المبتهجة .

إبتهاج الشعب :

وقد عم السرور أنحاء القطر وقصدت القاهرة وفود الأقاليم حتى غصَّت بهم الدور والفنادق والشوارع ، وكان لفرسان العرب أكبر قسط في الإحتفال بزواج المليك ، إذ كانوا يجولون بخيولهم في طرقات القاهرة ويهيمون في الميادين يقيمون حفلات الرقص والبرجاس  ونرى في الصورى الأولى :فارساً عربيا يرقص بجواده أمام سراى القبة وفى الصورة الثانية : أحد مناظر البرجاس التى اقيمت امام السرادق وفى الصورة الثالثة : الجماهير تشاهد العاب الفروسية امام سراى العروس بمصر الجديدة

1938 بمناسبة زواج الملك فاروق والملكة فريدة 

وفد عرب الشرقية فى عابدين ، الطحاوية

 كان من أظهرالمهرجانات التى أقامها العرب فى القاهرة إبتهاجاً بالزفاف الملكى السعيد ، مهرجان الفرسان الذى أقامه عرب الطحاوية بمديرية الشرقية ، فقد تألف فرسانهم من نحو 300 فارس  ، فأظهروا براعة الفروسية العربية مما أثارالإعجاب . وقد تولت لجنة منهم برئاسة الشيخ عبد الحميد راجح الطحاوى تنظيم هذا المهرجان . وقصدت هذه اللجنة أمس إلى قصرعابدين العامر ، وقابل أعضاؤها صاحبي القوة إسماعيل تيموربك  وسميرذوالفقار بك ، معربين لهما بالنيابة عن عرب مديرية الشرقية جميعاً عن عظيم إخلاصهم ، ورجوا أن يرفعا آيات الإخلاص إلى مقام الملك فشكرا لهم إخلاصهم ، وكان فى مقدمة أعضاء اللجنة حضرات مشايخ العرب الطحاوية عدا الذين ظهرت صورتهم ، المشايخ محمد أبوعبد المجيد ، وفريد راجح ، ومحمد سعود بك ، وعبد الرحمن عبد السلام ، وشهوان عبد المجيد ، وخليل عبد المجيد ، وعبد الحميد محجوب ، ومسلم خالد ، وزيدان فرجانى ، وعبد السلام الشافعى ، وعلام غومة .

ـ صحيفة الأهرام ص 14 ، 22 / 1/ 1938م


 وثيقة الموضوع المنشور أخر ساعة 1949
ـ نجلس لنستمع إلى سلامة أبو مُرَّة وهو حفيد أبو مُرَّة أوَّل من أدَّب الخيول يقول سلامة : أنه درَّب حوالى ألف حصان لم يلمع منها سوى عدد بسيط ، إن طعام الحصان يتكلف خمسين قرشاً فى اليوم الواحد ، قدح شعير فى الصباح وثلاثة فى العشاء والحصان المؤدَّب لا يتناول الغداء حتى لا تفسد صحته ، ويتكلف سرج الحصان الواحد مائة وسبعين جنيهاً وهو سرج مُطَعَّم بالفضة المطليَة بالذهب ومُطرز بالترتر .

رياضة باهظه .. إن أدب الخيل رياضه لم  تفقها رياضة أخرى فى النفقات ، رياضة أدَّت بثلاثة من أعيان مصر إلى الإفلاس ، وفى كل عام تنتقل أسرة أبو جازية إلى مولد دميانة فى بلقاس ليرقصوا على خيولهم عشرة أيام ينفقون فيها أكثر من  خمسمائة جنيه .

ـ آخر ساعة ، العدد 755،  13 ابريل 1949 .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

#buttons=(قبول!) #days=(20)

موقعنا يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتعزيز تجربتك. المزيد
Accept !