قراءة في ماورد في كتاب فيلكس مانجان بخصوص العُربان
تاريخ مصر في عهد محمد على
1823
جاء مانجان إلى مصر، مثله مثل كثير من العلماء، صحبة حملة
نابليون، وبقي فيها بعد إنسحاب الحملة، وشغل منصباً سياسياً في الوكالة الفرنسية
التي بقيت نشيطة وفعَّالة وذات علاقة متينة مع محمد علي وحكومته.
لقد كان مانجان شاهد عيان على كثير من الأحداث السياسية
والعسكرية وغيرها التي شهدتها مصر على الصعيدين المحلي والخارجي، وكان مانجان
مشاركاً في صنع أو توجيه بعض القضايا السياسية والعلمية، وقد سجل كل هذا وأكثر في
كتابه المشهور: (تاريخ مصر في عهد محمد علي) وهو كتاب، على أهميته لمصر وغيرها من
البلاد العربية وخاصة المملكة العربية السعودية، لم يتم نقله للغة العربية.
كان مانجان يحتفظ بمصداقية قوية مع محمد علي، وكان بين
الإثنين إعجاب متبادل، ولا يتوانى أحدهما في مد يد العون للآخر، مثل هذا حدث إبان
تململ الجيش من تأخر الرواتب، فقد ذكر إدوار جوان في كتابه: (مصر في القرن التاسع
عشر) أن محمد علي إقترض من مانجان عام 1805م مبلغ 2500فرنك فرنسي لدفع رواتب الجند
المتأخرة.
كان مانجان مشاركاً في الحياة العلمية والثقافية، وكان
يدلي برأيه في كثير من القضايا السياسية، نجد مصداقاً لذلك في ثنايا كتبه الثلاثة:
(الأول: مميزات الاعتراف بإستقلال مصر في عهد محمد علي، طبع في مرسيليا عام 1939م.
والثاني: تاريخ مصر في عهد محمد علي، وهو سرد للأحداث السياسية والعسكرية التي
حدثت منذ خروج الفرنسيين من مصر حتى عام 1823م، وقد راجع حواشي الكتاب وأضاف إليها
السيد لانغلي والسيد جومار، وكتب مقدمته السيد أغواب، وألحق بالكتاب أطلس، وصدرالكتاب
في باريس عام 1828م، والثالث: مختصر لتاريخ مصر في عهد محمد علي، وهو سرد تاريخي
للحوادث الرئيسة التي وقعت منذ عام 1823م وحتى عام 1838م، وشمل الكتاب مقدمة ضافية
ودراسات جغرافية وتاريخية عن الجزيرة العربية، وخرائط لمواقع في الجزيرة العربية
كل هذا بقلم الجغرافي الفرنسي المشهور جومار، وصدر الكتاب في باريس عام 1839م.
إحتفظ مانجان بصداقة علماء من مصر وفرنسا وخاصة الذين
يزورون مصر لأغراض أو مهمات علمية أو سياسية،ولا أستبعد أنه ضمن مداولات العلماء
الفرنسيين الذين كتبوا السفرالضخم:(وصف مصر Description de IصEgypte). وقد رافق مانجان خلال وجوده في مصر الكاتب والسياسي
الفرنسي وزيرالدولة للشؤون الخارجية: الفيكونت دوشاتوبريان M. Ie Viconte صاحب كتاب: (الرحلة من باريس إلى أورشليم) .
https://www.alriyadh.com/28806
فى الجزء الثانى ص 299 ــ 310 تحدث عن العرب فى مصر (البدو)
ـ دأبنا نحن أبناء قبيلة الهنادى داخل مصرى معتمدين
من الناحية التاريخية للقبيلة على التواترات وما تبقى من أوراق لم تخضع للبحث
والتدقيق حتى الآن ، ومبتورة ، مأخوذة من
نصف الكتاب ، أي أوراق تبحث عن بداية ونهاية ، والكثير منا عاش فى ظل الروايه ويُقسم
على صحتها حتى لوكان مضى عليها قرن من الزمان لأن عمى فلان قال كده ، ودائماً تتجه العيون إلى الأسرة الطحاوية
لإحتفاظهم بالعادات والتقاليد وإعتقاد الجميع أن تاريخ القبيلة لديهم ، وهناك أجيالاً
ولدت وماتت على التواترات المنقوصة هذا من جانب ، ومن جانب آخر بعد تغيرالأوضاع
السياسية فى مصر بعد عام 1952 ، كان وضع العُربان بكامله وأوراقه وإمتيازاته هدفاً
من أهداف الإستقلال لرجال الدولة ، فساد الصمت لأكثر من خمسين عاماً عن هذه
المواضيع لئلا تعرض نفسك للمسائلة القانونية فى الوقت الذى كان موجوداً فيه بعض
الشيوخ ـ مشايخ الفرق ـ وبواقى إدارة العُربان الذين كان من الممكن أن نستوضح منهم
بعض الأمور ، ولكن لعدم إنتشارالتعليم فى ذاك الوقت فى كثير من البيوت والصمت الذى
ساد، غابت عنا كثير من الأمور التى نبحث عنها الآن وننقب ، فكلما وجدنا ورقة تؤيد
التواترصفقنا وكلما وجدنا ما يخالف التواتر تشنجنا ، ولا أحد يطور من نفسه ، هذا
بالإضافة إلى الظروف الإجتماعية التى تعرض لها أغلب سكان مصر من تفتت الملكيات
والتوسعات الجغرافية والتنقل وإنهيار بيت العائلة وتحويله إلى بيوت متناثرة
والتنقل من مديرية لأخرى ومن مركز لآخر وتنازع الأسرعلى الكبارة وحق الأخ الأكبر
وعصبية كبار السن وتمسكهم بالماضى وإحتضان المعلومة وتقديسها والبخل بها والتغيرات
الإقتصادية كل ذلك لا مكان فيه للتراث أو ممارسة هواية أو بحث فى أوراق الماضى ،
بالمرَّة لم يلتفت أحداً لما نبحث عنه الآن فأصبح غاية فى الصعوبة .
ـ بخصوص بيت الطحاوية كان أوفر حظاً من هذا الجانب ، حيث وجود عُمد عرب فى كل تجمعاتهم فى مركز بلبيس وأبوحماد والحسينية ، وأيضاً العمدة محمد بك سعود تلقى تقريره عُمدة العرب 1904 وبقي على هذا الحال حتى توفاه الله عام 1955 ، فقد خلف كثير من المعلومات الشفاهية والمكتوبة وعاش حوله عدد كبير من مشايخ الفرق هذا أولاً ، والثقافة المبكرة التى ظهرت فى أجيالهم فى عشرينيات القرن الماضى وعلاقاتهم المختلفة مع رجال الدولة والأجانب فى شأن الخيل والصقور وصيد البرك وقربهم من جلالة الملك فاروق ومن قبله ، وثانياً وجود نجوع الطحاوية متراصَّة مجاورة لبعضها البعض لم تتغير أو تنزح لأكثرمن 120عاماً حافظ على التراث وكل الموروث الثقافى الإجتماعى الجغرافي وديموغرافية السكان أيضاً ، فكانت هذه النجوع مركز إشعاع ثقافى للصحافة المحلية والدولية .
من هذه الأجواء المفعمة بالتراث والأصالة إنطلق
الموقع التاريخى وإنتشرفى العالم العربى وكل العالم وكانت مادته نادرة ومطلوبة وخصبة
للعالم الآخر لفقدان التوثيق والأصالة وإنتشار الروايه بل ورواجها أيضاً ، أدى الموقع
إلى تقليب الكثير والكثير من المعلومات فى شكل صور ووثائق وأصدقاء على مستوى
العالم ، فقد كانوا يحوزون تحت أيديهم معلومات وصورتبحث عن أصحابها ولكن لم يجدوا
من يبحث عنها أو يطلبها .
هذا مع ما وفرته الصحافة المصرية على صفحاتها
مثل جريدة الهلال والبلاغ والمصرى والمقطم والمقتطف والمؤيد والوقائع المصرية والمصوروآخر
ساعه نتاج زيارات قامت بها هذه الصحف لتوثق عادات وتقاليد فى الخيل والصقور وأشكال
الحياة الإجتماعية المختلفة .
ثم
ما وجد داخل مستخرجات دارالوثائق القومية المصرية ، سواءً موسوعة المحفوظات
المليكة المصرية , ورسائل علمية بحث وماجستير ودكتوراه للدكتور بكر يحى سليمان أهديناها
للكثير لتساعدهم فى البحث فهذه رسائل بقيت مكانها لم تنشر فى شكل كتاب وغيرها ، ثم
تقويم النيل والأوامر الصادرة للدكتور رؤوف عباس ، ثم من وثائق الجزيرة العربية فى
عصر محمد على للدكتور عبدالرحيم عبدالرحمن عبدالرحيم ، وكتاب الدكتورعبدالوهاب بكرحقائق
الأخبار عن دول البحار ، وكتاب أبناء إسماعيل ـ جون مورى ـ وكل ما كتب عن تغريبة
بنى هلال وكتاب وصف أفريقيا ، وكم كبير من
الخرائط المساحية الكثير والكثير نُخرج خلاصته ونضعها نصب أعين قراءنا الأعزاء ، ومضت
سنون والقراء كما هم .
ـ عدم قراءة الموضوع كاملاً جيداً .
ـ التعجل بالرد قبل الإنتهاء من قراءة
الموضوع .
ـ إذ لم يجد فى الموضوع ما يشير له فهو باطل
.
ـ يعتقد البعض أننا نحتفظ بتاريخ القبيلة
كلها ولم يسألوا أنفسهم كيف .
ـ إستخدام الصوروالوثائق الصادرة عن الموقع
فى غير محلها بعد كشط إسم الموقع من عليها مما يوقعهم تحت طائلة القانون وهم لا
يدرون .
وكان دورالموقع التاريخى داعماً قوياً يسطرالطريق
لمن يبحث ويتحدث ، فيجمع ويسكَّن الوثائق على أحجامها حتى لو إضطرته الظروف للسفر
إلى مكان به أجهزة أحدث وتنقيح الأوراق ووضعها مكانها المحترم وسط الموضوعات ،
بشكلاً حضارىاً ، ولم يمض كثيرمن الوقت حتى
نجد هذه المعلومات والوثائق تسربت وأخذت شكلاً آخر وذهبت منحى مخالف دون النظر
بالمرَّة أن كل صورة لها موضوع يشرحها ـ فكان الغرض تثقيفى توثيقى فكانت النتائج
بعد مرور 15 عاماً على تدشين الموقع وصفحات تلملم المواضيع الصغيرة ، فكانت
النتائج بين متابعينا كما هى وكانت الثقافة على المحك ، فبات من المؤكد لنا أننا
نسطر للأجيال القادمة وأعاننا الله ، وها نحن فى نهاية العقد السابع من العمر فأحمد
الله إننى تيقنت أن هذا المجهود للأجيال القادمة ، قطع مبتورة من هنا وهناك لن تستقيم أبدأً ، والمتلقى
فاغر فاهه وينظر وكأن السماء تمطر أصاله وتاريخ ويلهث وراء كل من إجتهد أوسلب وقدم
إسمه بمؤرخ .
ما ذكر فى كتاب مانجين عن العرب بعد تنقيحه
ـ الصفحات من 299 ــ 306 ، قامت بترجمتها من اللغة الفرنسية القديمة إلى العربية د. دينا أستاذ علوم إعلام بجامعة عين شمس بتوجيه كريم من شيخ العرب الحاج / أحمد إسماعيل فضل مالك سعود الطحاوى .
ـ العرب في مصرطبقتان : المزارعون والبدو، ، البدو الذين يسكنون بيوت الشعر التي يعيشون تحتها بإستمرار، والمزارعون هؤلاء عرب الحيط ، أي من سكنوا المنازل الطينية ، لأنهم تركوا حياة الترحال ليستقروا في القرى ، والبدو يحتقرون من سكنوا فى المنازل الطينية (الحيط) وأحيانا لا يأخذون برأيهم حتى فى الشهادة على كثير من الأمور ، كانت هذه القبائل فى عهد المماليك تعيش على السطو وإبتزاز وإحتقار الفلاحين وإرتكاب العديد من الجرائم ، عشت في القاهرة إثنتين وعشرين عاماً ولم أسمع قط عن مصري يرتكب إحدى هذه الجرائم، وبدا أنها كانت موجهة للمماليك كما هي الآن مخصصة للأتراك .
وفى عصر محمد
على عمل على جمعهم وتوطينهم ونحن مدينين لمحمد على بذلك ، وأثار بينهم الغيرة وزرع
الفرقة بينهم ، وينصر البعض منهم على حساب
الآخر، وأخذ منهم في حملاته العسكرية ، وقد نصحه المماليك فى أن يأخذ خيولهم والتى
تشكل قوتهم ، وبالتالى يصبح من الصعب عليهم
الإنتشار في الريف، لأنه لا خوف من العربي الراجل ، ويصبح البدوى مُجبرعلى أن يعيش
أسلوب حياة لا يناسب أخلاقه ، وهو ما إضطرته الضرورة إلى إتباعه فيجد نفسه غير سعيد،
لأن الحرب وحدها تناسب مصالحه عندها يثري نفسه بغنائم المهزومين ، وبدأوا يتاجرون بمنتجات
قطعانهم ، ويستخدم البعض جمالهم في القوافل لنقل البضائع .
قواتهم خفيفة يمكنها
الهجوم والإنسحاب بنفس السرعة على أرض غير مستوية مليئة بالشقوق العميقة والتي تعرف
أفراسهم كيفية تجنبها بمهارة لا تصدق ، يتمتع العربي بطبيعة الحال بجو من الفخر وسعادته
بإستقلالية حياته ، إنه ليس مخذولاً مثل الفلاح
، مشيته فى عزةً وعيناه مفعمتان بالحيوية والنظرة الثاقبة ، مرض الرمد لا يعرف طريق القبائل ولا نرى هناك عميانًا ولا مقعدين
، يركب العربي جواده في الصباح، ويعود إلى
بيته عند غروب الشمس، ويتغذى أثناء النهار على التمر وخبز الذرة ، ويرعى فرسه بعض الأعشاب
البرية ، وفي المساء عندما ينزل عن فرسه تقدم له زوجته إناءً مملوءًا بالحليب، وينتظر
تحضير وجبة العشاء ، إعتاد العربي على البقاء تحت السماء بإستمرار، ونادراً ما يتردد
على المدن ، يشعر بالحرج عندما يكون تحت سقف من المبانى الطينية ، ويشعر أن المنزل
الطينى لا يسعه ، لا يُعرف سوى القليل عن الأمراض التي يعاني منها هؤلاء البدو:
فروسيتهم وحياتهم المنظمة تبعد عنهم الكثير من الأمراض ، فالدم الذي يجري في عروقهم نقي كالهواء
الذي يتنفسونه ، المرأة العربية لا تغطي وجهها إلَا أمام الغرباء، بناتهم بيضاوات وذوات
طول متناسب بشكل عام، لديهم عيون كبيرة وحواجب مقوسة وملامح مفتوحة ولا نرى بينهم عاهرات
، ومن عرف عارها تهلك على يد والديها.
والنساء هن اللاتي
يغزلن الصوف ويصنعن شُقق بيوت الشعر، يقمن بإعداد الطعام، وهن مسؤلات عن حلب القطعان،
ولتسهيل هذه العملية يضعن أغنامهن في الصواميل (الربِق) ، وهو حبل كبير مشدود تربط
به الأغنام على مسافات ، له أربطة ذات عُقد، تمر بها أقدام الغنم، وتمسك بها حتى تحلب
وتفرغ ضروعها، وأحياناً نرى خمسين نعجة مربوطة بهذه الطريقة بينما النساء مشغولات بحلبها.
عندما يريد شاب
عربي الزواج، يتعرّف أهل الفتاة التي طلبها على شجاعته ومهارته في ركوب الخيل. من بين
هذه الجحافل المنتشرة فى البيداء ، تعد الشجاعة إحدى الفضائل الرئيسية ، والحكم
هنا لشيخ القبيلة الذي يتسلم المهرالذي أحضره الزوج، والد الفتاة غير مطالب بإعطاء
أي شيء، وإذا طلب الزوج الطلاق لاحقاً، تحصل الزوجة على كامل هذا المهر، أما إذا كانت
هي التي سببت التفريق، فلا تستحق إلّا النصف.
العرب لا يزوجون
بناتهم لغيرالعرب ، مثل هذا التحالف سيكون غيرشريف بالنسبة لهم، هؤلاء الرجال من الصحراء
لا يقبلون ، والمهر يتكون من المال والإبل والماشية، في الآونة الأخيرة حدث لفتاة من
قبيلة أمدايم، التي كانت تخيم بالقرب من بني عدي، فرصة وجودها في الريف مع فلاح شاب
من هذه القرية ، لقد كان وقت الحصاد، فراودها عن نفسها ، إنها تعلم أنها لا تستطيع الزواج
منه ، فضعفت لهذا الأمر وسلمت نفسها له ، وعندما عادت إلى بيتها لاحظت أمها ما بدا
عليها من توتر فأخذت تستجوبها وإعترفت الفتاه بخطيئتها ، وعلى الفور ركض الأهل برفقة
بعض زعماء القبيلة نحوشيخ البلاد من بني عدي، ويطالبونه بالخلاص من هذه الإهانة الجسيمة
التي تعرضوا لها، ويعتقد الشيخ أن الزواج هو السبيل الوحيد لتصحيح هذا الخطأ، والد
الفتاة إعترض على ذلك فأخلاقه وعاداته لا تسمح يتزويج إبنته لفلاح ، تم رفع الشكوى
إلى قائد المنطقة، الذي أودع الجاني السجن وألزمه بدفع 500 قرش مقدمًا، في هذه الأثناء
تتكرر عروض الزواج، لا يريد أهل الفتاة سماع أي تسهيلات من هذا النوع ، وأخيراً وبعد
الكثير من الجدل، أمرت المحكمة الفلاح بدفع 1500 قرش للوالدين ومع ذلك ، لم تتمكن الفتاة
من العيش في الخيمة في هذه الحالة من العارالذي تعيشه أسرتها: لقد كانت وصمة عار لا
تمحى وفي إحدى الأمسيات أخذها إخوتها جانبًا وطعنوها، ويتم تسجيل مثل هذا اليوم في
تاريخ القبيلة.
وفي القبائل تشكل
كل عائلة متحدة مع جميع أقاربها، ما يسميه العرب الفريق (البدنه) ، تكون بيوت
الشعر منفصلة عن بعضها، راعي واحد يرعى الغنم ورجل واحد فقط يراقب الجمال، في القبائل
الكبيرة يصل عددها إلى أربعين فريقاً ، تكثر جرائم القتل والكراهية بين هذه الفرق ،
أو من قبيلة إلى قبيلة، هذه الكراهية موجودة حتى يطفئها الدم، العرب لا يعرفون الصفح
مثل الفلاحين، سيكون من العارعليهم أن يكفروا عن الدم .
تعصب سكان المدن
والأرياف الذين كانوا يعيشون تحت نيرالشيوخ ، أحوالهم الدينية غير مكتمله ، إنهم يصلون
فقط ببطء، ولا يحرمون على أنفسم أي محرمات دينية ، كما نراهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر والمسكرات.،
إنهم لا يدخنون التبغ ولكن كيفهم (المضغة ـ أوراق الدخان) يمضغونها ممزوجة بالنطرون
الجبلي، ثم يبصقونها ، هكذا يحمون أنفسهم من مرض الإسقربوط ، ويحافظون على نظافة أفواههم
وتبقى أسنانهم بيضاء.
عندما نريد تزاوج
الإبل، نجعل الجمل يرقد كما لوأردنا تحميله ، يقوم بدوى بتقريبه من الأنثى ويمسكه بمقود
، ويلقي بطانية كبيرة على ظهره، ولولا هذا
الإحتياط لما تم الإنجازوكأن للحياء في هذه الحيوانات تأثيراً، ويستريح الجمل، ثم يبدأ
من جديد مرة ثانية ثم ثالثة، حتى يظهرالجمل
ضجره بالصياح.
عندما تكون الفرس
جاهزة للولادة، يجتمع العرب ليستقبلوا مهرها بين أذرعهم، يمسكونه بالتناوب لعدة ساعات، حتى تصبح قدميه ثابتة
وقادرة على تحمل صلابة الأرض: ثم يتركونه لأمه ويزعم العرب أن الحصان الذي يُمسك عند
ولادته بهذه الطريقة لا يتعثر ولا يسقط أبدًا.
يقوم العرب بتضميد
جروح الطلقات النارية بالملح المسحوق مع البصل المطحون يتم وضع بضع قطرات على الجرح
الذي يتم لفه بقطعة قماش مغلفة بهذه المكونات. عندما ، يتم التقيح نقوم بوضع علاج آخرمن دهن القطط لجذب
القيح للخارج، يستخدم (بلسم مكة) بنجاح في جروح الطعنات .
إنتهت الترجمة
ـ إنتهى حديث الخواجة فليكس مع الأخذ فى
الإعتبارأن جميع من كتب عن العرب فى مصر أوغيرها من الأجانب أياً كانت مكانتهم
وعلمهم ، لن يكون منصفاً وعلينا توخى الحذرعند النقل عنهم ، أو إستدعاء رأي
إجتماعى يشرح طبيعة البدوى وتكوينه النفسى المرتبط بالبادية وما تفرضه عليه
البادية من ضروريات قد تبدو للعامة سلوك عدوانى
ـ الكاتب والعالم فليكس منجين فى الجداول المرفقة لم يدقق أسماء القبائل وشيوخها فجائت غير صحيحة فى بعضها
ــــــ
فى مجلة الهلال ج6 السنة الخامسة عشر
1 مارس (اذار) سنة 1907 و 15 محرم سنة 1325
ص 362 ـــ 368
تبين أن المحررقد تطرق للحديث عن البدو فى
مصر ، ولما كانت قريحته وذاكرته خاوية إستعان بهذا الموضوع وذكر أنها فذلكة من
عنده ، ولكن هو الآخر قد وقع فيما وقع فيه الخواجة فليكس ، فهو لم يكلف نفسه عناء
البحث والتدقيق فى أسماء القبائل وشيوخها بل ذهب يترجم الخطأ ليظهر لنا خطأ أكبر ،
فكان علينا أن نجتهد نحن من جانبا لنصحح الخطأين ، وقد وضح ذلك محررمجلة الهلال
فى الجداول التى تصاحب موضوعه وما جاء من طرفنا هو غاية جهدنا .
بدوالقطرالمصرى أوالعربان
يتحدث الناس اليوم بطلب الحكومة المصرية إلى
بدوالقطر المصرى أن يبينوا أنسابهم ويثبتوا
إتصالها بأنساب عرب الحجاز أو اليمن ، وقد كتب إلينا غير واحد يسألنا عن أصل هؤلاء
البدو وسبب مجيئهم إلى وادى النيل ومتى جاءوا ، والجواب على ذلك أن بدو هذا القطر
ليسوا قبيلة واحدة ولا جاءوا فى وقت واحد وقلما يحفظون أنسابهم على عادة عرب
البادية ، فتحقيق أصل كل قبيلة وزمن نزولها هذا الوادى من أغمض نقط التاريخ ، لا يتيسر
الوصول إليها إلَّا بالدرس الطويل وإنما نأتى على فذلكة فى أصولهم وبعض أحوالهم
على سبيل المثال :
( من جانبا نحن الذين تحدث عنهم محررالهلال
نجيب : إننا نعلم علم اليقين تسلسل نسبنا وتاريخ القبيلة وتحركها من الجزيرة
العربية ودخولها مصر ودخولها بلاد المغرب وعودتها من بلاد المغرب حتى سكنت الشرقية
، وهذا ما أقوله يتوفرعند قبائل السعادى والسلالمة ) .
يقيم بدو القطر المصرى فى البوادى التى تحيط بوادى النيل أعلاه وأسفله ولا يقتربون من ضفافه أو ينزلون القرى أو المدن إلاَّ لحاجة وقتية من بيع أو شراء أو ليزرعوا أرضاً لهم يستغلونها ، وهم نحوستين قبيلة يقسمون بإعتبار أصولهم إلى عرب ومغاربة وبإعتبار طرق معائشهم رُحَّل ومقيمين ، فالرُحَّل لا يزيدون على مئة ألف نفس وأكثرهم بدو المغرب (البربر) ، وأما المقيمون أو المستأهلون فأكثرهم من أصل عدنانى أو قحطانى عربى وعددهم نحو نصف مليون نفس ، وجملة ذلك نحو 600،000 نفس أي نحو عدد الأقباط أصحاب هذه البلاد الأصليين ، وهم متفرقون فى القطر المصرى بإعتبار أقسامه الإدارية حسب تعداد سنة 1897 على هذه النسبة :
ويمتاز البدو المغاربة عن البدو العرب أن
المغاربة شديدوا سُمرة الوجه جُعد الشعر كثيراً خفيفوا اللحىَ ، والعرب قمحيوا
اللون إلَّا الذين لوَّحتهم الشمس ، عيونهم سود وشعورهم مرسلة أو قليلة التجعد ،
إذا أرسلوا لحاهم طالت وكان شعرها كثيفاً ، أسنانهم ناصعة البياض متناسقة الوضع ،
ملامحهم جميلة وفيها نشاط وحلاوة ، أعناقهم مستديرة وأكتافهم عريضة وصدورهم بارزة
، ويغلب فيهم المزاج العصبى وخفة الظل ومتوسطي القامة بين خمس أقدام وعقدتين وخمس
أقدام وأربع عقد .
أما نزوح أولئك البدو إلى وادى النيل فأقدمه
متصل بصدرالإسلام فقد جاء عمرو بن العاص مصر سنة 18 للهجرة ومعه أخلاط من قبائل
العرب ، ولما فتحها وإختط الفسطاط ، أمر بالفصل بين القبائل ، فإتخذ كل جماعة خطاً
أو حارة عرفت بإسم قبيلتهم ومنها خطط مهرة وغافق ولخم ومذحج وكندة ويحصب والمعافر ورعين
ووعلان وذى الكلاع ومراد ووائل ، غيرخطط من كان معه من الفرس أو اليهود وغيرها من
أقام بالبادية على إثر ذلك .
ولما إستبد بنوأمية بالأمر وحدث ما حدث من
الرجوع إلى عصبية النسب وتضاربت القبائل بعضها ببعض أصاب مصر حظ كبير من ذلك فكان
أمراء مصر إذا تولى أحدهم وخاف على سلطانه من أمير لآخر ذى عصبية غيرعصبيته
وإستقدم جماعة من قبيلته أو ممن ينتمون إليه بالحلف ونحوه وأسكنهم ضواحى مصر ليستنصرهم
عند الحاجة ، فيطلق لهم المرعى ويفرض لهم العطاء كما حدث بولاية الوليد بن عقبة فى
خلافة هشام بن عبدالملك ، وكان هشام يقرِّب قبيلة قيس لأنهم نصروه وأيدوا خلافته
ولم يكن منهم فى مصر إلاَّ بعض البطون ، وقيس قبيلة كبيرة تحتها عدة قبائل وبطون
وأفخاذ ، وأول من نبه هشاماً إلى نقلهم هو إبن الحبحاب فإنه وفد عليه فسأله أن
ينقل إلى مصر منهم بيوتاً فأذن له فى إلحاق ثلاثة آلاف منهم وتحويل ديوانهم إلى
مصر أي أن يقبضوا رواتبهم من حكومة مصر على أن لا ينزلهم فى الفسطاط ، فأنزلهم فى
الحوف الشرقى (الشرقية والدقهلية) ولا سيما بلبيس وأمرهم بالزرع ثم تقاطروا
وتكاثروا فيها ، وقس على ذلك نزوح قبائل
أخرى فى أزمنة أخرى ، وكثيراً ماكان الخلفاء يستقدمون قبائل البادية ويحضرونها
فراراً من شرها ، وأشهر القبائل التى إستقدمت إلى مصر لهذا الغرض بنوسُليم وبنو
هلال وهما بطنان من مُضر من العدنانية إستقدمهم العزيز بالله الفاطمى وأنزلهم
الصعيد فى العدوة الشرقية من بحر النيل فأقاموا هناك وكان لهم أضراراً فى البلاد
والخلفاء يدارونهم ويبحثون عن وسيلة يتخلصون بها منهم ، فإتفق بعد سنين أن عامل
الفاطميين فى شمال أفريقيا (إبن باديس) شق عصا الطاعة وبايع الدولة العباسية وقطع إسم
الخليفة الفاطمى من الخطبة والطراز والرايات ، فعظم الأمر على الخليفة بالقاهرة
وهو يومئذ المستنصر بالله ، فأشار عليه وزيره الحسن بن على اليازورى أن يقرِّب
إليه أحياء هلال وسُليم المذكورين ويصطنع مشائخهم ويوليهم أعمال أفريقيا ويرسلهم
لإستلام أمورها ، فإذا فازوا كانت إحدى الحسنيين ، وإلَّا فإنه يتخلص من شرهم ،
فبعث الخليفة وزيره إلى هذه الأحياء 441 هـ وحرضهم على الذهاب إلى المغرب وتملكه
ففرحوا وأجازوا النيل وساروا إلى برقة ففتحوها .
وكان نزوح القبائل العربية إلى مصر أو منها
يتكررعند كل إنقلاب سياسى ، فإعتبر ما كان من الإنقلابات فى زمن الفاطميين والأيوبيين
والسلاطين المماليك ثم الأمراء المماليك على عهد الدولة العثمانية ولا سيما فى أيام
على بك الكبير وغيره ، سبباً لمن جاء أليها وخرج منها فى أثناء ذلك من قبائل عديدة
لا يمكن حصرها ، وكان الحكام يُرَّغبون البدو بالرحلة إليهم ليستعينوا بهم فى حروبهم
على أهل المدن المجاورة لهم إستنجاداً بالبداوة على الحضارة سنة الله فى خلقه من
أوائل العمران ، وعلى هذا النمط كان الروم والفُرس يستعين كل واحد على صاحبه بعرب
البادية الغساسنة فى الشام والمناذرة فى العراق .
وأعتبر ذلك أيضاً فى من نزح من قبائل المغرب ، فإن قبيلة يقال لها الهنادى نزحت من طرابلس الغرب ونزلت مصر 1812 وذكروا سبب نزولها أن حاكم طرابلس سمع بجمال إمرأة شيخها فطلبها من زوجها فإستمهله الشيخ إلى الصباح وفرَّ بها وبسائر رجال قبيلته إلى الصحراء ، وعلم الحاكم بفراره فتعقبه فلم يرَ وسيلة للنجاة خيراً من الإلتجاء إلى مصر فجاؤها وأقاموا فيها فأكرمهم محمد على ترغيباً لسواهم فى الرحلة إليه للإستعانة بهم فى حروبه لأنه كان يظهر عزمه على إنشاء دولة عربية ، فجاءه جماعات من جزيرة العرب وبلاد المغرب ومن الشام والسودان وغيرها ، وبعد أن كانت تلك القبائل فى زمن الحملة الفرنسية لا يزيد عددها على بضعة وعشرين قبيلة أصبحت فى أواسط أيام محمد على سنة (1830 ) نحو ستين قبيلة هذه أشهرها مع منازلها وأسماء رؤساءها فى ذلك العهد وعدد فرسانها ومُشاتها :