ضابط المانى يلجأ للطحاوية
HANS GANTH
ولدنا فى منتصف القرن الماضى وجزيرة سعود مسقط
رأسنا ، هى تتبع مركزالحسينية فى محافظة الشرقية ، ومن قبل كانت تتبع مركزفاقوس،
وذكرت فى الأوراق الرسمية جغرافياً إمتداداً لصحراء الصالحية ، عند دخولك هذه
الجزيزة ـ من عين القرن الماضى نتخيل
ونكتب ـ تجدها علاوى كثيرة وبينها منخفضات ، هذه لسعود
وهذه لمازن وتلك لمنازع وأخرى لرسلان وتلك أيضاً إلى غومة راجح ، وإن إبتعدت
قليلاً ستجد عالية جزيرة برد لصميدة ومن هنا جزيرة عليوه وهذه عن بعد تجد بشارة
والسعدى ، كل البيوت طينية تربطها مدقَّات ، والأرض ترابية رمال صفراء، على الدوام
يقابلك من يركب فرساً وآخر يحمل صقراً والكلاب السلوقى أمام البوابات فى عراك مع
الجحوش وكلاب غيرفصيلتها ، بعض السرايات وأشجارالكافور فى كل مكان ، كانت العقود
الزمنية تمربسلاسة ورتابة والأيام تطوي ناس ويولد غيرهم ، والحزن يملأ القلب ،
والفرح يرفرف بالقلب، وقت كان الصيف صيفاً والشتاء شتاءً ، النوَّات المناخية تأتى
فى موعدها ولا تخلف ، ومن منخر فرس إلى كُم عباية ننتظرإنتهاء شهرأبيب ، وإنتهاء أربعينية
الشتاء ، وكما قال الله فى كتابه العزيزالليل لباساً والنهارمعاشاً، كان الكبيركبيراً والصغيرصغيراً ، ولكل مقام مقال ، ولكل حادث حديث ، ومياة الشرب كانت تأتى من مصدرين
وأعلى مكان فى جزيرة سعود يرتفع نحو 24 متراً عن محطة مياه الحسينية الآن :
المصدرالأول : أنابيب مياه إسمنتية (سبوستس)
تأتى من محطة رفع مقرها العباسة فى مركز أبوحماد تبعد نحو 80 كم عن هذه الجزيرة
وتنتهى فروعها إلى حنفيات إسمنتية لا تأتيها المياة إلًا ليلاً وعلى إستحياء ، وبعد
ثلاثين عاماً إكتشفت الدولة أن الأنابيب الإسمنتية تشكل ضرراً بالغاً على صحة
الإنسان فتم تبديلها بأنابيب بلاستيكية تدريجياً .
والمصدرالثانى : مياة النهرتُحمل فى جرارمن النحاس على ظهورالحمير وتُفرَّغ فى حنفيات نحاسية ذات الرقبة العالية داخل البيوت ، أوتفُرَّغ هذه الجرارفى أوانى فخارية (الزير) لينضح لنا مياه نقية (نقع) فى ماعون فخاري أصغر (الجرة) وهنيئا مريئاً ، أما الأنعام الموجودة فى البيوت من خيول وبهائم وغيرها فكانت تُسحب إلى النهر مرتان كل يوم ، مرة الضحى والأخرى العصر، وبعض النجوع التى كانت سكناها فى أطراف الجزيرة فى أماكن منخفضة كانوا يعتمدون بالإضافة إلى ما سبق من مصادر يعتمدون على طلمبات مياة إرتوازية وليست عميقة حيث أن عمقها مابين 5ـــ12 م حيث أنها تمتص رشح الأراضى الزراعية التى فى مستوى الطلمبة ، فكانت تكفيهم وتكفى دوابهم بمساعدة تلك المصادر، والكهرباء لم تصل سعود إلاّعام 1979 ، وتأخرت عن هذا التاريخ فى توابعها ، ورغم ذلك جُل ما ننشره على صفحتنا وصفحات الموقع ولقاءاتنا هوعن أحداث جميعها ترشح (ثقافة وتاريخ) حدثت فى القرن الماضى مع ظروفه الموضحة.
الصور الثلاث لضيوف يفحصون الخيل ومعهم الشيخ سليمان زيدان والشيخ سعد فرجانى والحاج عامرالباز الطحاوى
موسم جني القطن
الرسالة
ـ عام 1977 وفى أحد الأيام والحال هكذا فى هذه الجزيرة تحرك حسين البوسطجى ساعى
بريد مكتب جزيرة سعود ، تحرك بدراجته البدائية متجهاً إلى نجع مازن الطحاوى ، طريقه
رمال غزيرة فترة يركب الدراجة وفترات يسحبها وكان مسيره صعوداً ، بقي على هذا
الحال حتى وصل مضيفة نجع الشيخ مازن الطحاوى ووقف عندها وسأل عن الشيخ / سليمان
زيدان فرجانى مازن ، وعلى الفور قاموا من كانوا بالمضيفة بتوصيله للشيخ سليمان
وسلمه خطاب وطلب منه توقيع على أوراقه التى تفيد أنه إستلم الخطاب ، قام الشيخ
سليمان بفض الخطاب ووجد به رسالة مطوَّلة باللغة الإنجليزية وصورة شخص وإبنته ، إشتعلت
ذاكرة الشيخ سليمان فى شخصية هذه الرجل ولكن لابد من ترجمة هذه الرسالة ، فذهب إلى
المرحوم الأستاذ / محمود أبوزيد شفيق ضاهرمجلى الطحاوى ، وهذا الشاب كان دائم
السفرللخارج وخاصة ألمانيا إذاً هو الآن معه لغة ويستطيع قراءة هذه الرسالة ، إكتفى
العرب الملتفين حول الشاب محمود وهو يترجم الرسالة بصوت مسموع وهكذا هم عرفوا
المضمون ولكنهم لم يحتفظوا بنص مكتوب لترجمة الرسالة ولا تحقيق إسم الضابط ولم يتم ترجمتها مرة أخرى ، وتركت الرسالة طوال
هذا التاريخ ، فقط عندما نتذكر هذا الموضوع نسمع تواترت ناتجه عما سمعوه من الشاب
محمود عام 1977 ، أي لم يتم عمل تحقيق لهذه الرسالة وهذا ما نقوم به الآن ، على الفور
بات مضمون الرسالة مع الشيخ سليمان .
ـ الرسالة : من كندا .
ـ الراسل : صديق قديم للشيخ سليمان ضابط المانى .
ـ الأشخاص الذين فى الصورة : بنت الضابط وتدرس الطب فى كندا ووالدها الضابط
الألمانى .
من يكون الضابط وما قصته ؟
فى نهاية الحرب العالمية الثانية (1939/1945)
سقطت طائرة المانية فى صحراء الصالحية ، وقد نجا قائدها وإثنان معه ، وتجمع حولهم
المواطنون وإصطحبوهم إلى العمدة الموجود بالمنطقة ، فلم يتفهم العمدة موضوعهم كاملاً
فأشارعليه من حوله بإرسالهم إلى الطحاوية ، من جانب يُخلى مسؤليته ومن جانب آخرالطحاوية
لديهم بيك ومستوى ثقافى كبير ربما يقدمون لهم المساعدة ، كان قائدهم فى
الثلاثينيات من العمر ، طلب رفيقا القائد أن يسلما أنفسهم وهو بقى فى نجع مازن عامرالطحاوى بجزيرة سعود فأقام عند شيخ
العرب / زيدان فرجانى مازن الطحاوى ، إستقبله وأحسن وفادته وأسكنه المضيفة ، وكلف
من يقوم على خدمته وتقديم وجبات الطعام له فى مواعيدها وأيضاً خصص له مصروف معين
يعطيه إياه بإنتظام ، بعد مرور يومان وقد إستفاق الضابط طلب من الشيخ زيدان
الحماية والأمان بصفته (لاجئ ـ طالب الحماية) حتى ينظر فى أمره ، على الرحب والسعة
، مكث هذا الضابط الذى يعود إلى سلاح الطيران الألمانى نحوعامين نعم عامين وربما
أكثر، بقي على هذا الحال وتمسك به العرب فكلما هم بالإنصراف تمسكوا به ، فشاركهم
العادات والتقاليد وكل شئ ولم يتركوه حتى دخل الدين الإسلامى هذا بعد أن أجروا له
عملية (ختان) وعزموا على تزويجه وأسموه إبراهيم زيدان الطحاوى ، فقد إعتبر نفسه إبن
الشيخ زيدان وشقيق أبناءه وكان يحضرحلقات الذكرالتى كانت تقام إسبوعياً فى المضيفة
، كثير من المفارقات نتجت أثناء وجود هذا الضيف عند الطحاوية ، وقد سافر بعد مضي
هذه المده ، توطدت علاقته بالشيخ سليمان زيدان فرجانى وكان أقرب صديق له .
لمن كان لجوء الضابط هانس
شيخ العرب / سليمان زيدان فرجانى مازن الطحاوى
حديث بين الشيخ سليمان زيدان واللواء عبدالسلام خفاجة محافظ الشرقية الأسبق فى متحف الشرقية القومى بقرية هرية عام 1963
وكان الشيخ سليمان رئيساً لجمعية منتجى الخيول
العربية وصاحب مربط خيل كبيروكان المضيف للمهرجانات التى كانت تتم فى سعود من
مزادات وإجتماعات تتعلق بالخيل وقبله للعديد من الصحفيين والزوار والكثير من الأسرالأرستقراطية
وكذلك الشيخ/ نايف بن عبدالعزيز ألَّ سعود وغيرهم الكثير، وكان للشيخ سليمان أثراً
واضحاً فى توثيق عرى الصداقة بين العائلة العريقة عائلة شداد مصاهرة وصداقة ، ومن العاءلات العريقة الطيبة التى تربتط بالطحاوية الأسرة الأباظية
وكثير من الأسر العريقة .
https://www.facebook.com/media/set/?vanity=eltahawi.saoud&set=a.254370906
تصريح لممارسة هواية الصيد فى سيناء عام 1940 ويوضح التصريح أن الشيخ إستأجر أرض فى سيناء لغرض الهواية
حُجَّة الفرس إدهمة عامر فرس الشيخ زيدان موقع عليها من شيخ عشيرة إسبعة الشيخ ركان المرشد عام 1935
ـ وسيَة الشيخ زيدان فرجانى مازن الطحاوى (1895/1965) كانت من أكبرالوسايا فى الطحاوية فى القرن الماضى ، مترامية الأطراف سواءً السُكنى أوالأرض الزراعية ، مساحات واسعة قام بإصلاحها قطعة وراء قطعة وشق الخلجان والمصارف لها وإشترى الآلات الزراعية التى تساعده فى هذه النهضة الزراعية وكانت وسيته تتسع لعدد ضخم من العاملين ، كما أنه كان صاحب مربط خيل عظيم حافل بالنشاط ، وذُكرأنه (صوَّم) الفرسات عامين فى إنتظار هدودة يرضى عنه وبالفعل سافرالشام وإشترى الطلائق المناسبة كما كان يزوره شيوخ قبيلة عنزة المعروفة بالشام والجزيرة العربية ومعهم كثيرمن صورالخيل ـ مرحلة ما قبل الشراء ـ وحُجَج الخيل ، وقد ربط الطيب من الأرسان منها : المعنقية ، وعُبيَة أبوجريس ، وكحيلة عجوز ، ودهمة عامر كما موضح فى حُجَّتها المرفقة ، وبالعودة إلى مذكرت الليدى آن بلنت (1837/1917) المودعة في المكتبة البريطانية بلندن نجد في تدوينها عن مزرعتها بمصرالمعروفة بمزرعة الشيخ عبيد أنها أشارت إلى أنها إشترت فرس من رسن كُحيلة عجوزمن الشيخ/ مازن عامرالطحاوى عام 1891 وأن مصدرها من قبيلة رولِا من عنزة وأبوها معنقى سبيلى حصان الشيخ / سعود يونس الطحاوى ، فكان موقع الشيخ زيدان عامربالنشاط والحركة كما كان لإسمه رنك عالً فى الشرقية وكان أيضاً صاحب حملة قنص ويستأجرأرضاً فى سيناء لممارسة هواية الصيد بها كل عام .
صفحات من كالندر سباق الخيل تبدأ من عام 1914 توضح وجود الشيخ زيدان فرجانى والشيخ عبدالرحن عليوة والشيخ فريد راجح والشيخ محارب رسلان الطحاوى
ـ المصدر : الشيخ عوبد : عبدالستار سليمان
زيدان فرجانى مازن عامرالشافعى الطحاوى ، هذا الشيخ عُرف عنه منذ نعومة أظفاره إرتباطه
بهواية صيد الصقور وكذلك صيد البرك (سرحات الصيد) ، خبير بأنواع السلاح المستخدم
فى الصيد والخرطوش ، ومعظم أوقاته فى الصحارى وهو خبير بدروبها وفيها يمارس هواياته المفضله ،
كما أنه صاحب مقعد وموجود وسط أهله بحضوره الدائم فى كل المناسبات التى تخص الأسرة
، وليس الأسرة فحسب ولكن القبيلة ، فهو موجود أيضاً فى مناسبات لم الشمل التى سادت
مؤخراً ، معروف بقوميته وحنكته ، ومعروف بعلاقاته المختلفة بشيوخ دول الخليج والعلاقات
التى أساسها تلاقى الهواية والقائمة على الإحترام المتبادل والثقة ، ، فقد فتح لنا
صدره وحزانته لننقل لصفحتنا وروادنا ما وجدناه داخل هذا المقبرة التراثية الثقافية
التى لم تفتح من قبل فهنيئا لزائر الصفحة .