تراث
وتاريخ
زيارة الأمير الشاعرعبدالله الفيصل للطحاوية
إن حديث الهوية عاد
إلى الظهور بكثافة فى أدبيات المرحلة الأخيرة إبتداءً من تسعينيات القرن العشرين ،
أي مع إتضاح إتجاه العولمة وسياساتها الآيلة إلى الهيمنة ، وكان ذلك يقتضى التدخل
بمصائر الشعوب وأوضاعها التاريخية وخصوصياتها بغية خلق مجتمع دولى جديد يتراجع فيه
القبض على الهوية ، وتتقدم فيه ذهنية الإلغاء للكيانات والنطاقات المحددة لكل دولة
، وأبرز الوجوه فى ذلك : الثقافة التى غدت هدفاً من الأهداف العولمية
وأصبحت العولمة الثقافية فى سلم الأولويات التى تنبهت لها الشعوب وعاجلت إلى
الإمساك بما لديها ، بل وشهرت سلاح الدفاع عن كل ماتمتلكه من خصوصيات ، ولقد جهدت
العولمة الثقافية ( لتقوم بتعميم أزمة الهوية حيث يتضائل مع تزايد الثقافات الأقوى
فى فضاء مفتوح وزن الثقافات الوطنية ونفوذها ) .
العلاقة بين أسرة الطحاوية بشرق مصر والأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية ليست وليدة اللحظة ، ولكنها متجذِّرة ، فتعود الأسرة الطحاوية إلى قبيلة الهنادى إحدى القبائل القيسية من بنى سُلِيم الذين نزحوا من نجد في متصف القرن الخامس الهجرى إلى مصر، ومن ثم إلى المغرب العربى في مهمة أدًّوها بنجاح ، وبعد أن غابوا عن الجزيرة العربية قروناً طويلة ، عادوا إلى مصر في شكل إحدى قبائل سُليم (الهنادى) ، وسكنت إقليم الشرقية ثم إلى الجزيرة العربية عوداً محموداً.
ـ فى القرنين الماضيين لاح فى الأفق وعلا نجم الأسرة العلوية (أسرة محمد على باشا) بدءً من عام 1805 إلى نهاية تاريخ حكم أعقابهم الملك فاروق عام 1952م وما تركه من أثر على المجتمع المصرى ، حتى تخطى قرنان من الزمان والشعب المصرى لايزال يشيد بعصره وإنجازاته ، وخلال هذان القرنان كانت الأحداث الجِسام ، معارك وفتوحات وأساطيل وولاة وخديوات وسلاطين والباب العالى وقادة وقصور وأغوات وبكوات وعُمَد ومشايخ وحصر وأرانيك ودفترخانة وبيمارستان وقبائل كبيرة ، كثير مما تركه الفرنساوية وما تركه المماليك من أثر وعادات وسلوكيات ثنَى عليها عصر محمد على بفكر آخر وسياسات مختلفة فيها من الترغيب والترهيب ، فيها من النهضة والعلم الذى جعل من مصر قلعة الفكر والعلم وفى مقدمه شعوب أمتها ، كان الطحاوية من الأُسر المقرَّبة من الحاكم ، وكان شأنهم شأن كل عُربان مصر جنود محمد على في كل فتوحاته بل في كل مهماته العسكرية ، فكان يصطفى منهم حرساً خاصّا به وجنوداً خُلصاء يكلفهم بأهم المهام ، فتوطدت العلاقة بينهما وترك ذلك أثره على من خلف محمد على في الحكم وكأنه ورَّث هذه العلاقة لأبناءه فدامت وترعرت .
ـ من عباس باشا، نمرة 18(
1266/ 1850) ([1])
(السَّرْج اليدوي المخصوص لركوبي غير موافق
لفرسي، فإني أخذتُ سرجَ حصان يونس، أخِ عامر الطحاوي, الذي جاء موافقًا لفَرسي،
وأرسلت السَّرْج الذي جاء به الجابي إلى طرفكم لكي تراه بعينكم كيف صنعوه، فالأملُ
أن تأمرَ لصُنع السَّرْج من جديد كي يكون موافقًا للفرس، وأرْسِلوه إلى طرفنا
عاجلًا حسب المطلوب).
عندما كانوا قادة وسرايا إستطلاع فى مقدمة جيوشه فى الحجاز والشام والسودان وغيرها هكذا عادوا إلى أرض النشأة وإندمجوا فى بواديها ولكن فى شكل قوات متنفذة وعادت العلاقات من جديد وإشتروا أرضاً فى سوريا وبنوا عليها دوراً وعادت العلاقات بينهم وبين شيوخ قبيلة رولا ومن ثم عنزة .
فى النصف الأوَّل من القرن العشرين كانت أسرة الملك عبدالعزيز على رأس الحكم فى وكانت المملكة العربية السعودية ، وكانت مصر مستقرة وقلعة للفكروالثقافة والإقتصاد فكانت قبلة الزوَّار والمراجعات الصحية والدراسة فى المدارس والجامعات المصرية ، وكثير من الأمور التى تتم بين الدول الشقيقة ، ففى يناير عام 1946 كانت زيارة جلالة الملك عبدالعزيرإلى شقيقه الملك فاروق ملك مصر، فإنبرى عرب الطحاوية بمشاركة عرب الحويطات فى إنشاء سرادق ضخم فى منطقة إنشاص (الخاصة الملكية) لإستقبال ضيف مصر العظيم وإبتهاجاً بزيارته لمصر، وأخذوا معهم الصقور والكلاب السلوقى وأهدوا جلالة الملك منها وكان إحتفالاً مهيباً ، وقد أثنى جلالة الملك عبدالعزيز على هذه الحفاوة وسنترك الحديث فى هذا للرابط التالى :
كانت سباقات الخيل بمصر
قد أنشأت قبل عام 1900م وكانت هذه الهواية أيضاً فريدة فى الوطن العرب وبلغت أوجها
بمصر مما جذب إنتباه إخواننا فى المملكة العربية السعودية فقد كان لهم حضوراً فى
سباقات الخيل ، كما جمعهم من قبل سوق واحد عندما كانوا يربطون أصايل الخيل فهذه حُجَّة
خاصة بعرب الطحاوية وضح فيها أن جلالة الملك إبن سعود والطحاوية كانوا يشترون
الخيل من مصدرواحد من سوق واحد وفى ذات الوقت وبأسعار واحدة وهكذا عاد
الإلتحام من جديد وكان سببه هذه المرة الهواية (الخيول العربية) والتى هى أهم
ركيزة فى بداوة الشيخ البدوى .
حُجَّة خيول الطحاوية والملك عبدالعزيز 1937
والحقيقة كان الشيخ فوزان السابق وجماعته من العقيلات القاسم المشترك بين الطحاويه وإخوانهم السعوديون ، الشيخ فوزان السابق كان أوَّل قنصل سعودى فى مصر وكان خيالآ له حضور قوى فى السباق وأخيه الشيخ عبدالعزيز والشيخ محمد فكان الشيخ فوزان شيخ عقيلات مصر وقد قام هذا الشيخ بدور فارق فى هذه الحقبة حيث من خلاله كان الطريق مفتوحاً على مصراعية بين مصر والسعودية وكانت الأوراق السياسية وأوراق التجنيس قد إنتشرت فى مدة وجوده فى القنصلية ( أقصد قام بتجنيس) كثير من العرب المترددين بين مصر والسعودية وخاصة جماعته وأيضاَ الحويطات والمعازة وكان يمنح أوراق توصيَة للمسافرين للحج ، هذا الشيخ كان علامة فارقة وهذا أمر حقيقى لا يُنكر.
وكما تحدثنا عن الشيخ فوزان يجب أن نذكرالشيخ
(محمود ـ أحمود) المُطلق العقيلى ، كان لزُمرة العقيلات فى شأن الخيل والسباق عامة
أهمية كبرى بل دور بارز ، فقد سمعت من الوالد رحمة الله عليه الكثير والكثير من
الثناء على أمانتهم وخبراتهم فى الخيل وكذلك تنسيق المعاملات ووجودهم الدائم بين البائع
المشترى فى دور دبلوماسى أنيق ومهارتهم الفائقة فى التدريب وكما ذكر الشيخ طحاوى
سعيد مجلى أن الحاج احمود المطلق كان يأتى عن طريقه العقال المقصب وكان أيضاً صاحب
توقيع على حُجَّة الفرس معلومة الشهيرة فرس الشيخ عباس محمد مجلى الطحاوى التى
سافرت أمريكا عام 1925، فكان منهم الشيخ عبدالله أبوالخيل وأخويه صالح وعيدان
وجماعة الحجيلان والمرزوقى والحليسى وصعب صالح ومحمد عيسى ومحمد المُطلق هذا على
سبيل المثال مما نذكرهم وسكنوا صحراء عين شمس والمطرية وكان لهم آبار لسقيا الخيل
، والكلام أمانه كانوا علامة بارزة فى العلاقات المحترمة .
الشاهد أن رياضة سباق
الخيل وإرتباطها إستمرت مع الطحاوية نحو قرن ونصف بعلاقاتها وتنوعها سواءً مع السياسيين
مثل المندوب السامى أوالبرنسات والليدى آن بلنت، من الأسرة الحاكمة فى مصر أو رجال
الأعمال فى مصر مثل عبود باشا وصيدناوى وغيرهم وغيرهم أوأبناء فلدتنا من السعودية ومن أسرة
الملك عبدالعزيز أو جماعة العقيلات وكذلك الفنانين وأيضاً العديد من الأخوة الشوام
والعراقيين الذين أتوا للميادين المصريه بخيولهم وأيضاً الشريف ناصر والشيخ جدعان
بن مهيد والأمير منصور بن سعود والعديد من وجهاء المجتمع المصرى حاضرته وريفه .
منصة ميدان سباق الخيل هليوبوليس
موسم سباق عام 1959/1960
فازالحصان أبوتمام بإسم الأمير طلال سعود .
وفى نفس الموسم الحصان داريه للأميرعبدالله بن عبدالعزيز آل سعود
فازت الفرس حسنة للأميرعبدالله الفيصل آل سعود
باقى صور الزيارة عام 1947
زيارة الأمير محمد بن سعود الكبير 1977
الأمير مشعل

ـ العمدة عبدالكريم عبدالحفيظ حافظ راغب الطحاوى رحمه الله ، عُين عمدة عام 1970 خلفاً لوالده العمدة عبدالحفيظ ، كان رجلاً بدوياً كريماً مثقفاً نشيطاً محب لأهلة وللمجتمع وعلى يديه قضيت أموراً كثيرمما يحتاجها الناس ، كان ممن حضروا إحتفال الملك عبدالعزيز عام 1946 ورسخ الإحتفال فى ذهنه طويلاً ولم ينس هذه الذكريات التى علقت فى ذهنه وخياله حتى أطَّرها من جديد وعمل مبكراً على التواصل مع أسرة الملك عبدالعزيز فى العقود الأخيرة من القرن الماضى وتوطدت علاقته بالأمير مشعل بن عبدالعزيز، ولما كانتا لميول الهوايات واحده فقد نقل الكثير من الخيول من أهلة بمنشية راغب وجزيرة سعود وأيضاً صقوراً احراراً إلى الأمير مشعل وما كان ذلك إلَّا لما توسم فيه الأمير كل الخير وإعتمد على خبرته فى كل ذلك ، وأود هنا أن اشير إلى أن التواصل هكذا دائم ومستمر .
ـ أفاد الشيخ بركات وهو من شيوخ الطحاوية المعروفين والمهتمين بتراث الأسرة الطحاوية وله الباع الطويل فيه كما عاصر الكثير من الجدود ونقل عنهم الكثير والكثير من تاريخ وتواترات ونحن اليوم ننقل عنه وبكل فخر ، يقول : نقلاً عن الشيخ مسلم عبدالقادر راغب أن الشيخ ركان إبن حثلين شيخ العجمان بالجزيرة العربية نزل ضيفاً على الشيخ سعد راغب الطحاوى فى أربعينيات القرن الماضى ومكث عنده نحو عام تقريباً وكان ذلك لظروف إضطرته لذلك .
الأمير والطيرالحُرَّ وشيخ العرب عبدالمنعم محمد طايل غومة راجح الطحاوى
ـ وجاء وقت الدكتور / عبدالحكيم عامر طايل غومة راجح الطحاوى ، أستاذ التاريخ والعلاقات الدولية جامعة الزقازيق ، فقد إستهواه مبكراً تاريخ الأسرة الحافل والمتنوع وقد حفظ منه الكثير حتى وصل بعلمه وثقافته المملكة العربية السعودىة ، فتنقل فى جامعاتها وبواديها يصل الماضى بالحاضر بالعلم والتاريخ والتراث حتى صار أحد أبناء جزيزة العرب وهو فى الأصل نجدى ، فكانت لعلاقاته الأثرالطيب ، كما كان منزله قبلة لكثيرمن العلماء والزوار ، كما كان له مكانته المرموقة بين أهله ومجتمعه ، فقد توج علاقاته بأسرة الملك عبدالعزيز جميعهم وفى عام 2016 قام بدعوة الأمير تركى الفيصل لزيارة الأسرة الطحاوية فكانت الزيارة ناجحة بكل المقاييس وإستمراراً للعلاقات المستمرة التى لم تنقطع ولن .
لازال لدينا الكثير
فى مارس 2009 دشنَّا الموقع التاريخى لأسرة الطحاوى ولم يمضِ وقتاً طويلاً حتى توالت الرسائل الداعمة والمرحبة وتطلب الإستمرار، وليس هذا فحسب ولكن موضوعات الموقع حركت موضوعات كثيرة لنا منتشرة فى العالم والجميع بدأ يستفسر ونتبادل معاً الثقافة والتراث والتوثيق ، فكان منها الأخ الباحث البلجيكى بيرند رادتيك والذى من خلاله بدأ مشروع توثيق خيول الطحاوية القديمة وعمل كتاب عنهم ، وكذلك الأخ إدوارد الدحداح الذى راح يضيف إلى مدونته حقائق تاريخية فى الخيل وغيرها بدأت تظهر للمهتمين على موقع الطحاوية ، ثم كان الأخ بدرالوهيبى التميمى العقيلى رئيس نادى الهجن والفروسية بالقصيم بالمملكة العربية السعودىة ، فكان الهوى واحد بيننا وهو يوثق لتاريخ العقيلات ، فحدث تعاون ثقافى بيننا وقام بزيارتنا فى مايو 2015 ، وكررالزيارة عام 2017 وزودنا بكتبه وإصدارته المتنوعة فى تاريخ العقيلات .
[1] ـ الأمير محمد علي توفيق، مجموعة خطابات وأوامر خاصَّة بالمغفورله عباس
باشا الأوَّل، وجدت أثناءَ مراجعة أوراق الدائرة الإلهامية نسبة إلى إبراهيم
إلهامي باشا نجل عباس باشا الأوَّل (1848 / 1854) جملة خطابات تختص بعباس
باشا1930ص 120 .