المرأة
مرة أخرى ومن جديد مع الأستاذ /
عادل عقيل ، وسطوره هذه المرة عن المرأة ودورها فى البيت الطحاوى
ومجتمعه . فالمرأة الطحاوية ( البدوية ) لاشك أنها تعـرضت لكثير من عنصرية الرجل
وتجاهل لكينونتها وأحياناً جاهليته . وإن كن البعض منهن تقبل وبرضا كل
ذلك ودون تذمر إيماناً
وإليكم حديث الأستاذ / عادل عقيل راغب الطحاوى
مكانة المرأة ودورها فى المجتمع الطحاوي
1925
بقى أن أتحدث إليكم وعلى صفحات الموقع التاريخي للطحاوية عن
الجانب الرقيق فى حياة الطحاوي ، وعن النصف الحلو منه ،
والذى يعطى للحياة معناها وجمالها ، سكنها وأنُسها
، إسقرارها مودتها ورحمتها ، ألا وهوالمرأة التى خُـلقت من ضلعه
وكيف يعاملها وكيف هى تعامله ، فأنا أرى من الأهمية بمكان تغطية هذا
الجانب الهام فى حياة الطحاوية ، والتعرف على المرأة ودورها الأجتماعى
، ومكانتها داخل هذا المجتمع الطحاوي ذو الأصالة والعراقة
والقيم
والأخلاق الكريمة ، فالكلام عن هذا الموضوع من الممكن جداً أن يكون
هداية وإرشاد للآخرين ، خصوصاً وإن عـرب الطحاوية جميعهم رجالاً كانوا
أو نساءً ، هم فى الأصل قدوة لكل البشر ، وفيهم من القيم
والمبادىء والأخلاق الكريمة والسلوك الطيب ما يؤهلهم بزاتهم على مـر السنين
ليكونوا داعين للإسلام ديناً ودنيا ، بهذه الأخلاق الكـريمة وهذا
السلوك الطيب والذى له أصل فى الإسلام ، نجد أن الطحاوي فى
معاملته للمراة يصونها ويحافظ عليها ويحملها على أكـُف الراحة ويلفها بثياب من التقـُى
والعفا ف ، ويلقى عليها من عـطفه وحبه وحنانه ، وكل همه
فى البيت الطحاوى أن يسعدها ويرضيها على الدوام أياً كان موقع المـرأة
بالنسبة له ، سواء كانت أمه أو زوجته إبنته أو أخته عمته
أو خالته أوما ملكت يمينه ، وسأ تكلم عن هذه العلاقة كلً على حدة .
1930
* علاقة الطحاوى بأمه : أمه هى كل شيء فى
حياته ، لا يستغنى عن الجلوس إلى جوارها يغرف من نبع حنانها الفياض
، كما كان فى بداية عهده بها ، فالأم صادقة فى مشاعـرها
مع إبنها تفرح بصدق لفرحه وتحزن أيضًا وبصدق لحـزنه ، فهى أول من يحكى
لها عن نجاحاته ويفضفض لها بما يقابله فى النهار من عثرا ت ، فتدعى له
وتـربت على كتفه وتشد من إزره وتحكى له كثير من قصص الكفاح التى مـرت بها وسمعتها
وعاشتها مع والده ، وهو يصغى إليها بإهتمام ، هنا الصدق
والنصح السديد . يبقى طوال حياته يحترمها ويقدرها ويقدسها أيضا ، فهى نبع
الخيـر له وتحس مابه من عينيه سعيداً كان أو مهتماً . ويبذل قصارى جهده فى
إسعادها وطاعتها وهو أمر يحث عليه الدين ، فنجد أن الله سبحانه وتعالى
قد قرن طاعته بطاعة الوالدين .
* علاقة الطحاوى بزوجته : هى الحبيبة التى
إختارها قلبه وإقتنع بها عقله ، والتى من أجلها إنطلق المارد العاطفى
العملاق الكامن فى حنايا قلبه ، فهى قنديل البيت الذى يملأ جوانبه
بالنور ، هى الوردة اليانعة التى تملأ بستان حياته عطراً وشذاً وتضفي عليه
من جمالها وحُسنها الأخاذ ، كما أنها رفيقة دربه ومشوار حياته
، لذلك كله وأكثر منه ، فشغله الشاغل أن يرضى زوجته ويسعدها
، لذلك يلبى جميع مطالبها ويشترى لها كل غالً ونفيس من حلي ومجوهرات
وملابس غالية الثمن ، ولا يؤخـرعن زوجته شيء حتى وإن طلبت نجم من
السماء أو قمر ، ومع هذا الحب الكبيـر وهذه المشاعر الفياضة التى يحملها
الزوج الطحاوى لزوجته فهو أيضاً يحافظ عليها ويصونها كالجوهرة المكنونة ،
ويحملها على أكـُف الراحة ويغار عليها حتى من النسيم أذا سرى ، فلا يـرهـقها
أبداً فى أى عمل يتعبها أو يشق عليها ، وهى بالتالى تحفظ له جميلة
وحُسن معاملته لها ، فهى تحفظه وتصون عـرضه فى غيابه ،
حتى فى وفاته فهى تعيش على حبه وعلى الذكـريات الحلوة التى كانت بينهما ، تدعو لة
بالرحمة وتتصدق على روحه الطاهـرة ، وفى حياته تحترم كلامه وآراءه
، فهو دائما فى قلبها وعقلها زينة الرجال وفارس الأحلام
المغـوار حبيبها وكل شيء فى حياتها ، بل هو فى نظـرها الحياة نفسها
وإن غاب عنها يملأها الشعور بالغـُربة والوحشة وتسهر الليالي تعد النجوم حتى يعود
، يعود إليها الأمل من جديد ، هذا الإخلاص والوفاء
الكبير للزوج هو ما يحثها عليه دينها وأخلاقها وعاداتها الأصيلة والتى إستمدتها من
دينها وثقافتها المتوارثة ، والتى تعلمتها وتلقتها عن أمها وجدتها ومجتمعها المحيط
بها . وبالنسبة للعمل والأمور الحياتية فهناك توزيع للأدوار فاللرجل
دورة خارج المنـزل وللمرأة مملكتها الخاصة والتى صنعها لها زوجها ،
فهى تدير حـركة المنـزل وما تم تدجينه فيه من طيور وحيوانات
، ويعاونها فى ذلك عدد من المعاونين لكلً تخصصه ، فقط هى
تشرف على تنفيذ ما تعطيه لهم من أوامـر . وأحياناً تقوم ببعض الأعمال بنفسها
فى حالة غياب أياً من المعاونين . وبعد عودة الزوج من عمله يجلس إلى
زوجته يحدثها عما مر به آناء النهار من مصاعب كانت أو بما أراح باله من توفيق فى
أعماله ، وهى تصغى إليه وعيناها متعلقة به تبدى إعجابها
الشديد به وتدعو له بالتوفيق وتحثه على الصبـر والمثابرة والجهد . ودائما
الزوجة تشعُـر زوجها بكفائته فى حل المشاكل وإنجاز العمل وتعترف له بذلك ولا
تنكرعليه هذا الجهد ، ولذلك فهى تترك له مقاليد الأمور ، وتترك
له مجاديف زورق الحياة ليقوده ويوجهه بنفسه ، وهى تسلم نفسها إليه
مطمأنة وراضية كل الرضا على كل ما يفعله ويقوله . ومن هذا المنطلق
تسير الحياة فى المجتمع الطحاوى هادئة ومستقرة ليس هناك ما ينغصها ،
ولذلك قلما نجد حالات الطلاق ، فالزوجه ( مكبورة ) بزوجها وهو أيضاً إبن
عمها . وربما حدث بعض الشقاق نتيجة تأخر حالات االأنجاب فكلا الطرفين
يتحمل الآخر ، ولا يلجأون للإنفصال إلا فى أضيق الحدود . وأذكر حالات كثيرة
فى العـرب من خطبت لزوجها وزوجته أيضاً ، إيماناً منها بضرورة أن يكون
له ولد يرثه ويحمل إسمه . فهذه الحمية تتوفر عند الرجل أكثـر منها عند
المرأة ولا تنزعج الزوجة من هذه الزيجة لأنها تعـرف تمام المعرفة قدرها عند زوجها
، ومتيقنة من ذلك تماماً وقلما يخيب ظنها فى هذا . وإذا حدث لا
قدر الله حالات إنفصال وكان ذلك نزولاً على رغبتها فتسـريح بإحسان وكامل الحقوق
وأذيد . وتبقى المودة والرحمة والقلوب على إتصال . وأيضاً الزوجة
الطحاوية لا تبخل على زوجها بالجهد والصبر إذا مـرض ، ولا بالمال إذا رأته
فى حاجة . وكثيرات منهن واللاتى توفى عنهن زوجها وهى فى سن ووضع
يسمح لها بالزواج ولها منه أولاد ، تأبى الزواج مرة أخرى وتعطى شبابها
وحياتها لأولادهما وتعيش على ذكراه .
* الطحاوى وإبنته : عندما يرزقه الله بالبنت
يسعد كما يسعد للولد ، فهو لا يدرى أيهما أقـرب إليه نفعاً ،
فالأبنة كما يقولون ريحانة أبوها ، يداعبها ويحملها على كتفيه
ويعمل كل ما بوسعه لإسعادها ، وعندما تشب قليلاً يقـربها إليه أيضاً
فى أعماله ، فقد رايت من العـرب من إصطفى إحدى بناته وقربها إليه فأ
صبحت تلازمه ، إذا غدا تغدو معه وتعود بعودته وتشد لة على فرسه
وتصنع له قهوته وأيضا تحمل له البندقية ، وتـركب معه فرساً لها .
البيت الذى يخلو من البنات لاتجد فيه شيئاً من المشاعر والحنان . فالبنات يرققـن المشاعر تماماً كما الموسيقى ، فهن
نغمات وألحان فى حاجة إلى عازف ماهـر . فالأب يربى ويكبر ويعلم
ويستمر معها فى
كل مراحل حياتها ويوجهها إلى الطريق الأمثل فى التعليم ، ويرشدها كيف
تتعامل مع الآخرين أثناء ذهابها إلى مدرستها وعودتها ، ويعلمها آداب
الطـريق وعندما يلوح فى الأفق فارس الأحلام يفكر ويدبر ويقرر ويتوكل على الله
ويختار إليها الأفضل ويعـرض عليها ما إستقر عليه ويعطيها الفرصة للتفكير ولا يضغط
عليها . كثير من الزيجات التى تمت خارج البيت الطحاوى وكانت بموافقة الأب لم يكتب
لها النجاح وتعود البنت حـزينة تبكى حظها وضغط الأب عليها ، حتى بدا
للأخـريات أن الزواج من إبن العم أبقى وأولى وأدوم وأنفع وأستر، وكثير من
المعانى الجميلة والتى لايسعنا المكان لنأتى على ذكرها . على العموم . الكثير من
الأمثلة فأذكر واحدة من قـريباتى رفضت الزواج تماماً من كل من تقدموا إليها وعلى
رأس الأشهاد ، و رغم كل الإمتيازات التى عـرضت عليها وكل ذلك
وأكثر من خارج المجتمع الطحاوى ، فأبت وإمتنعت وشددت على والدها
ألا يضعف ويوافق وفعلاً رفضته وإنتظرت حتى تقدم لها أحد ابناء عمومتها ، ورضيت
بإبن عمها أياً كانت ظروفة وكان لهذا الموقف صدى واسع فى ذلك الوقت .
نحييها لتمسكها ووقوفها عند رأيها وتمسكها بإبن عمها . العائلة
الطحاوية كبيرة ومنتشرة فإن لم تجد ضالتك فى نجعك فالنجوع الأخرى تعج بالجميلات
فكلاكما أولى ببعض .
* علاقة الطحاوى بأخته وعمته خالته و جدته وغيرهما من المحارم الأخرى . لا شك أن
هذه الطائفة من المحارم وذوى الأرحام لها كل الحق على إبنها الرجل الطحاوى فى
زيارتها وودها فى كل الأوقات والمناسبات لينهل من نبع أدعيتهم له فلا شك أن كل
خطوة يخطوها فى طريقه إليهم لة عليها أجر لذلك يقوم الطحاوى برعايتهم ومودتهم سواء
كانوا فى بيته أو يقمن في بيوت أزواجهن ، وعلاقته كذلك بالمـرأة على
وجة العموم على أساس من العفاف والتقى ، وذلك مما وصى علية دينه الحنيف ومما تدعو
إليه أخلاقه وقيمه وعاداته الأصيلة . وفى الختام أرجو أن أكون قد
عبـرت عن علاقة الطحاوى بالمرأة أياًًكان موقعها بالنسبة له ،
أماً كانت أو زوجه ، عمه كانت أو خالة ، أختا أو أبنة كما أرجو
أن اكون قد بينت للقارئ الإرشادات التى يهتدى بها ويطبقها فى مجتمعه مُستقاة من
عادات وأخلاق وقيم أصيلة لقبيلة الطحاوية العـربية الأصيلة . لأن كل عادة أو
سلوك طيب له أصل فى الأسلام .
تقبلوا تحياتى وإحترامى للجمبع وعلى وعد بلقاء آخر .
عادل عقيل راغب الطحاوى