من التراث الطحاوى
ـــــــــــــــــــــــــــــ
صفحات من جرنال المؤيد عن أحوال العُربان فى
القرن التاسع عشر وإمتيازاتهم الممنوحة لهم ومحاولاتهم فى الدفاع عنها إزاء محاولة
الحكومة المصرية والإنجليز إلغائها
ـــــــــــــــــــــــــــ
أرشيف الموقع التاريخى لأسرة الطحاوية
2024
ــــــــــــــــــــــ
صفحات من جرنال المؤيد عن أحوال العُربان فى القرن التاسع عشر وإمتيازاتهم الممنوحة لهم ومحاولاتهم فى الدفاع عنها إزاء محاولة الحكومة المصرية والإنجليز إلغائها
كان للعُربان فى مصر دوراً بارزاً وظهرجلياً فى فى
القرنين الماضيين عصر المماليك وأيضاً إبان الحملة الفرنسية على مصروكان لهم كيان
عظيم لا يجب إهماله ، فطن لكل ذلك محمد على باشا عندما تربع على عرش مصرفرأى أن
يستفيد منهم وكذلك يجنب البلاد شرهم حيث كانوا دائمى النزاع ويشكلون إزعاجاً لباقى
سكان المحروسة ، وكانوا يتعاملوا معه بنديِّة وقد هددوه أيضاً إن لم يقوى على
المماليك فلا حق له فى حكم مصر وليترك الحكم لهم ، فرأى
أن يتفق معهم إتفاقاً متيناً لكل منهما الحق عند الآخر ، فى الوقت نفسه كان قد
عُرض عليهم من الجنرال (باربر) الفرنسى أن يكونوا تحت مظلة الفرنسيين فآثروا أن
يكونوا مع محمد على الذى منحهم إمتيازاً شريطة أن يكونوا معه فى كل حملاته التى
سيقوم بها ، إتفقا الطرفين على ذلك وشكل منهم فرق أو كتائب إستطلاع تتقدم جيشه وأيضاً
تعرقل هذه الكتائب الفلول المنسحبة من الجيوش المنهزمة أمام جيش محمد على فيتمكنوا
من القضاء عليهم ، وعند بداية فتوحاته فى الحجاز فوجيء أنه يحارب بدو وأن المعارك
تدور فى شكل حرب عصابات ، فأدرك أن لابد للبدوى من بدوى مثله يحاربه ، فقدم هذا
الكتائب التى كانت مكونة من كل قبائل مصر شرقها وغربها إلّا أن أوراق التاريخ أكدت
شراسة الجنود الذين هم من قبائل الغرب (غرب مصر) وكانوا يسمون أثناء الحملات
المغاربة ، وعندما إنتهى محمد على من حملاته أقطع البدو أراض زراعية بقانونية
مختلفة مكافأة على خدماتهم وأيضاً بغرض التوطين والبعد عن النزاعات ، ومن أجل أن
يباهى بهم الأمم الأخرى من حيث عدد السكان عمد على عمل تعداد نفوس وقد ضم العرب
إليه وبالتالى تضاعف عدد سكان مصر فظهر أمام الأمم الأخرى متباهياً بعدد سكانه
وجيشه خاصة بعد أن كون من البدو جيش غير نظامى ، ومن فوائد تعداد العُربان وحسب
الإتفاق المُبرم بينهم ألّا يدخلوا (الجنديه/الجيش) ، وأيضاً دفاتر التعداد ستظهر
من هم فى سن التجنيد منهم فيحرر لهم شيخ القبيلة بمعاونة شيخ الفرقة شهادة إعرابيه
تعفيه من الجندية ، فما تم الإتفاق عليه
معهم كان كالتالى وسلم شيوخ القبائل نسخة منه :
1ـ إعافؤهم من تعداد النفوس وقيد المواليد والوفيات .
2ـ إعفاؤهم من الجندية (الجيش ، الجهادية).
3ـ إعفاؤهم من السُّخرة (العمل بدون أجر) .
4ـ إعفاؤهم من خفارة النيل .
5ـ عدم خضوعهم للنظامات الصحية .
6ـ إعفاء نجوعهم وعزبهم وكفورهم من قانون الخفارة .
7ـ إستقلال الجهة التى سيقطونهاعن البلدة التابعين لها
من حيث الزمام .
هذه الإمتيازات التى منحها لهم محمد على باشا فى القرن
التاسع عشر وإستمرارها حتى القرن العشرين كانت لها سلبياتها وإيجابياتها ، من
سلبياتها إنها أصبحت لصيقة بالعُربان فى مصر حتى نهاية القرن العشرين أيضاً رغم
إنتهاءها ووقفها كما موضح فى منشورنا هذا ، فقد قسَّم فئات المجتمع المصرى إلى
قسمين، وليس هذا فحسب ، ولكن أبناء العرب المستفيدون به كانوا يتباهون به كثيراً
وبشكل فج مما رسَّخ عنصرية ، كما وأن مبلغ البدلية الذى كان يدفع للدولة فى مقابل
عدم دخول الجندية لمن هم من غير البدو، هذا المبلغ كان حجرعثرة أمام أبناء
غيرالعُربان مما يجعلهم يخضعون لنيرالعُربان ومشايخ الفرق فيدرجونهم فى دفاترهم وبالتالى
ينالون الإعرابية ، وأموركثيرة كانت تتم خلال مائة عام كاملة كانت مدة هذا
الإمتيازات ، وكانت هناك محاولات كثيرة من الدولة لإلغائها وأيضاً ردود أفعال البدو والتى كان لها حضور أيضاً
على صفحات المؤيد .
ومن إيجابياته
أنه بالفعل وطَّن البدو حسب ما كان يقصد محمد على باشا وفرَّغهم للإشتراك معه فى
جميع حملاته وكل المهام التى أناطها بهم فكانوا لا يتأخرون فى تلبيَة الأوامر
المطلوبة منهم وكذلك إعطائهم الأراضى الزراعية ساعد وبكل قوة فى توطينهم جنباً إلى
جنب مع الإمتياز حتى كانوا رهن إشارة أسرة محمد على حتى قيام ثورة عام 1952 ، بعد
زوال الحكم الملكى عن مصر بقيت رواسب هذه الإمتيازات يتم تداولها بين السكان بأثر
سلبى .
إلى شيخ العرب/ ......
شيخ قبيلة .... (1847 ـ 1263)
(إنَّه كما هو معلوم من
مدَّةٍ صارت الهمّة في تعدادِ نفوس أهالي الأقطار المصرية، ولحد الآن قد تكامل تعدادُها
على قدر الإمكان، وسيصير الوقوفُ على الحقيقة باحتياط بعض البلاد أحيانًا، وإعادة
التعداد على أهاليها بالثاني ليتَّضح حقيقة هذا التعداد إن كان صحيحًا أم لا،
وحينئذ إذا كان يوجد أنفارٌ مَخفيَّة فيصير التعدادُ بالثاني على الصحة، وتصير
المجازاة في حقِّ مَن تجاسروا بإخفاء الأنفار بالجزاء الشديد، فنحن مقصدُنا في هذه
المادة ما يلي:
ـ أوَّلًا:
هو أنَّ الأنفار التي ترتَّبت إلى العمليات
والأشغال الخيرية الصائر إنشاؤها تخصَّص بالعدالة على واقع كثرة وقلة الأنفار
بكلِّ بلد، وبذلك نحصل على رؤية الأشغال بوقتها وزمانها.
ـ ثانيًا: من كوْن أنَّ البلاد العامرة التي
دخلت التربية أهاليها محسوبة ومعدودة, وفي كلِّ سنة جاري عنها المحاسبة، وصائر
إعلان مقدارها، وتقدر لكلِّ مملكة قدر وقيمة على حسب كثرة وقلة نفوسها، فنريد نحن
أيضًا أن نعلنَ إلى العالم قيمة وطننا هذا من حيث القوة، فمقصودنا هنا هو عبارة
عما ذكر، فأنتم منذُ سنوات عديدة مقيمون ومتوطِّنون في هذا الوطن العزيز تستفيدون
من زروعاته وتتمتعون بسائر فوائده كمثل الأهالي، وحائزون على إمتيازات زيادة عنهم،
فبحسب ما ذكر مُقتضى أنكم أنتم أيضًا تبادرونَ بالشوق والغيرة للدخول في التعداد،
وكما أنه معفيٌّ عنكم من الفردة والأشغال منذ القديم، فكذلك من الآن فصاعدًا تبقون
بإمتيازاتكم القديمة على ما أنتم، إنَّما فقط في أيام الحرب إذا لزم الحال لطلبِ
عسكرٍ منكم فيُصرف لكم مرتَّبكم بوقته على أصوله القديمة، وتطلعون إلى الحرب، وهذه
الكيفية جاريه بحقكم من القديم.
والغاية أنه لم يصرِ التكليفُ لكم بشيء غير هذه
الوظيفة الشريفة التي هي المحاربة عند الإقتضاء، والمقصود بإدخالكم التعداد هو فقط
لأجل بيان قوَّة مصر،وليعلم عند الغير أنَّ بها عساكر عُربان خيّالة مقدارُ كذا
وكذا, خلاف قوتها النظامية المركَّبة من عساكرها الجهادية ، فمن أجل ذلك أصدرت لكم
أمري هذا بوجهِ العموم لكي تبادروا أنتم أيضًا بتعداد أنفاركم على الصحيح،
وتحاذروا من إخفاء أنفارٍ عن التعداد، ومن حيث أنه بعدَ التعداد إذا ظهرَ عندكم
أنتم أيضًا زيادة عن العدد نعاملكم بحقِّ القانونامة، أي نُجري عليكم الجزاءَ
المترتب بها، ومن أجل ذلك يقتضي أن دفاتر التعداد تكتبوها على صحة، وتسرعوا
بتقديمها إلى دواوين المديريات التي أنتُم تابعون لها، وإنما يكون ذلك لغاية 15
شوال الحاضر كما هو مطلوبي.
الإسكندرية في 24 ن (
1263/1847 )
(محلُّ الختم)
محمد على
تعداد النفوس ، حصر وتعداد شيخ العرب / محمود سلطان شيخ نصف قبيلة الهنادى وجه قبلى بنى سويف ( 1264/1848) ، مقيد به أولآً أسرة الشيخ نفسه ذكور وأناث (أحرار) ، ثم الرقيق الخاص بأسرة الشيخ ، ثم التابعين له والذين رأى هو أنهم من العُربان وقت التعداد وعند ادراج جماعته حسب الأوامر. والذين أظهروا أسماء قبائلهم وعائلاتهم ، فى الوقت الذى كان الشيح/ عامرالطحاوى شيخ على نصف القبيلة وجه بحرى ،
إلّا أن الحكومة المصرية رأت أن تغيرمن مضمون هذه
الإمتيازات وصولاً إلى إلغائها تدريجياً ، فرأى العُربان أن حقهم الشرعى الذى
يعتبرونه إرثاً سيسلب من أيديهم فإنبرى شيوخ العرب/ لملوم الباسل وسالم الباسل من
عُربان الفيوم بإرسال مقترحهم إلى جريدة المؤيد فى 6 سبتمبر 1896 :
حضرة صاحب جرنال المؤيد إليك عروضنا لعل أحد المسؤلين
يطلع عليها فيلقى إجابة، كان العُربان فى أوَّل عهد أفندينا المغفور له محمد على
باشا كما كانوا فى بداية إقامتهم بالقطر المصرى من البدو الأحرار يقتنون الخيول
والجمال كأساطين لبيوتهم التى هى من الوبر والخيش ، فيرتحلون من جهه إلى أخرى
تبعاً لخصوبة المراعى التى يرعون فيها مواشيهم ، ولما حدثت حادثة الفرنساويين (الحملة
الفرنسية) على القطر وتلا ذلك ما حدث بين أفندينا محمد على باشا وبين الغُزَّ (المماليك)
، كان للعُربان بلاءً حسناً فى خدمة مصر وأفندينا بكل صدق وأمانة ، ولما كان
أفندينا إبراهيم باشا السرعسكرمتوجهاً بالجيوش إلى بلاد الحجاز والشام ومورا والسودان وغيرذلك كان العُربان ضمن جنوده
ومن أقرب المقربين إليه يعتمد عليهم كل الإعتماد فى حركاته وسكناته لشجاعتهم
وأمانتهم وصدقهم .
وهم أوَّل من
كانوا يخترقون الصفوف بل والحصون والقلاع وأوَّل من كانوا يشنون الغارات على
المواقع الصعبة فى ذلك الوقت ، ولهذه الأسباب منحتهم الحكومة المصرية وقتئذ
إمتيازات خاصة لهم بأوامر وفرمانات مثبتة بنمر وتواريخ مقيدة فى دفاتر الحكومة
نبرزها عند الضرورة ، وكانت قد منحتهم أطياناً بعضها بدون مال وبعضها بنصف المال
وغلالاً يستعينون بها على الزراعة ومرتبات نقود تصرف لهم من الخزينة سنوياً .
كل هذا لأنها
رأت النفع العظيم منهم لعدة أسباب مفيدة لإعمار القطر، منها ماسبق توضيحه مدة
أفندينا محمد على باشا ، ومنها كونهم خفراء
ومكلفين بدركات الجبال والدروب المؤدية لخارج القطرالمصرى من كل جانب لايزال هذا على
عاتقهم حتى الآن ، ومن تلك الإمتيازات عدم إدراجهم فى سلك القرعة العسكرية وعمليات
العونة والسُّخرة والخفارات والنظامات الخاصة بالأهالى ، وبقى العُربان على هذا
الحال حتى سنة (1854/1270) .
ثم إقترح أفندينا
المرحوم سعيد باشا تغييرهذه الحالة ومعاملتهم معاملة الأهالى ولكن العُربان الذين
لم يألفوا ذلك ولم يتعودا على نفس معاملة الأهالى، كما أنهم لم يكونوا مثلهم فى
الأحوال المعيشية ، فقد نفروا من هذه المعاملة الجديدة ورحل بعضهم عن القطر المصرى
إلى ولايات الشام وطرابلس الغرب وغيرها ، وقد
حدث فى ذلك الوقت إرتباك عظيم وإضطراب فى القطر المصرى وتعطل كثيرمن المصالح كانت
الحكومة فى غنى عن تعطيلها ، ثم إضطرت الحكومة أن ترجع قليلاً عما عزمت عليه وأبقت
الذين كانوا مقيمين على ولائها بإمتيازاتهم القديمة .
والدليل على ذلك
كون بعض العُربان مثل عُربان مديرية البحيرة لا يزالون يصرفون مرتبات النقود التى
كانت مرتبة لهم من قبل عهد المرحوم سعيد باشا ، وهذا الشيء الثابت رسمياً يدل على
صدق قولنا ، ثم صارت أوامر الحربية والداخلية تصدر سنوياً بمعافاة كل من كان يثبت
أنه عربى ومقيد فى دفاتر تعداد العُربان من القرعة العسكرية حتى لو لم يرد فى
دفاتر العُربان إلّا إسم أبيه أو جده . وإستمر الحال على هذا فى ذلك العهد وفى عهد
المرحوم إسماعيل باشا الخديو الأسبق ، وزد
على ذلك أنه لما رأى رحمه الله أن كثيرً من قبائل العُربان لا يزال مقيماً خارج
القطر المصرى بسبب حوادث الإضطراب السابقة فى عهد المرحوم سعيد باشا .
فقد أصدرإرادة سنيَّة بأن يعود إلى مصر كل من نزح عنها
من عُربان وأن ترد إليهم كافة إمتيازاتهم التى كانوا عليها فى عهد أبيه وجده وتم
ذلك ، وبعد حضورهم بقليل إفتتح الخديوى الأسبق حروبه فى السودان لفتح دارفور
وخلافها فأخذ من العُربان تجريدة عظيمة سارت إلى جهة دارفور .
وبالجملة فإن
العُربان فى عهد الخديو الأسبق نالوا كل إمتيازاتهم القديمة معزَّزة برعاية الحكومة
وأصدر رحمه الله إرادة سنيَّة خاصة بأن كل من لم تكن عنده أطيان من العُربان يعيش
منها ولم يسع الحكومة منحه أطياناً فى الحالة الراهنة له حق التجول والإرتحال فى
القطر من جهه إلى أخرى (بعد أن كان ذلك ممنوعاً فى عهد المرحوم سعيد باشا) .
وفى نظير ذلك يقوم العُربان بخفارة دركات الجبال ، وحيث
أن الحكومة الحالية كل ما تتمناه هوإصلاح أحوال القطر من كل وجه وإجراء العدالة وإبداء
رغبتها فى عدم الرجوع إلى زمن الإستبداد والجور وتتبرأ من سلب حقوق الإنسان الممنوحة
له بحكم الضرورة ، فنحن معشر العُربان نلتمس منه القبول بأحد عروضنا هذه:
1ـ إبقاء العُربان على حالتهم القديمة أى أن القديم يبقى
على قدمه ، فالعُربان الذين لهم أطيان مملوكة أومستأجرة يعاملون كما يعاملون الآن
، والذين يرتحلون بمواشيهم من جهه لأخرى طلباً للرزق والمرعى أوالذين يخدمون فى
أباعد وعزب الذوات والأوروبيين يبقون كذلك على ما هم عليه مسترزقين آمنين فى كنفها
كما تأمن الأجناس الكثيرة من نزلاء القطر بدون أن تهددهم الحكومة يوماً ما بأقل
معاملة ، ومع ذلك يكلف العُربان كما هم الآن بخفارة دركات الجبال المؤدية لخارج
القطر،
بيان محررعام 1904 ببيت يونس الشافعى الطحاوى فقط أحرار
ورقيق ومنقول من دفتررقم 1335 من الدفترخانة المصرية من تعداد 1264 هجرى من
دفترأولاد والده المرحوم الشيخ/ الشافعى أثناء شياخة عامر الشافعى عُربان الهنادى
ومن برفقتهم وهذا من أوراق شهادة الإعرابية .
وهى التى عليها مدار الأمن والراحة العامة ، ولا يخفى
على الحكومة أن التجارة البرية لا تدخل للقطرو تخرج منه والتى فيها صالح للأهالى
وكافة الأوربيين فيه ، إنما هى تمرمن الجهات الشاسعة تحت كفالة قبائل العُربان
وخفارتهم وكذلك كافة المتحصلات من أموال الحكومة المضروبة على الواحات القبلية
والبحرية وجهة سيوا وجميع الملحقات المماثلة لذلك ، وكل المستخدمين فى مأموريات
الحكومة والسياح من كل دول أوروبا التى تسير إلى تلك الجهات أو تعود منها كلها فى
خفارة العُربان وهى بلا شك خدمات جسيمة يجب على الحكومة أن تذكرها وتكافئ العُربان
عليها ولو بالبقاء على حالتهم القديمة وهذا يعتبر من دواعى إصلاح القطر المفيدة .
2 ـ أنه يوجد فى القطر المصرى كثير من الأطيان الأميرية
خارج الزمام وأطيان كثيرة على ذمة بيت المال وبعضها للدائرة السنيَّة أوالدومين
وكثير من هذه يزرعها أو يتعيّش منها العُربان ولو بالحراسة ، فلو رأت الحكومة
منحهم جزءاً من هذه الأطيان بصفة دائمة على شرط أن إيراد الحكومة منها لا ينقص عما
هو عليه ليعيش فيها العُربان ويستوطنوا بسببها إستعداداً لتحمل أوامر الحكومة وأنظمتها
الجديدة عليهم لكان ذلك من طرق الإصلاح أولاً لأن الأطيان يزاد صلاحها وثانياً لآن
العُربان يتحضرون ويصبحون أْسوة الأهالى ويكون بذلك تمام العدل والمساواة،
أما الآن فبين
الفريقين تفاوت جسيم فى أمرالمعاش ، حيث لا يخفى أن أكثرية زمام كل بلد من الأطيان
هو أثر وملك لأهاليها وليس للعُربان منه شئ يذكر ، ولوإعتبرنا الملكية بالنسبة بين
الأهالى والعُربان لما وجدنا هؤلاء على شئ من الملكية يستحق طلب المساواة بينهم وبين الأهالى الذين كل معيشتهم من
الأطيان لو نزعت منهم يوماً ما لماتوا جوعاً بخلاف العُربان ، فإن أكثرهم لا يزال فى معيشة البدوى رحلة
الشتاء والصيف للمراعى ولا يملكون غير مواشيهم وبيوتهم من الخيش والوبر والشعر .
3ـ إذ لم تنظر الحكومة للعرضين السابقين وإستعدت لترتيب مستخدمين لخفر كافة الجهات والدروب المؤدية لخارج القطر كوسيلة إلى طرد العُربان من بلادها فمن العدل أن تضرب لهم أجلاً واسعاً ليتمكنوا فيه من الإرتحال بصفة مُرضية لأي ولاية كانت أولأي دولة ترضى أن تأويهم أو يهاجروا إليها حتى يأخذوا ما لهم ويأدوا ما عليهم فى القطر المصرى بالتأنى والراحة لا بالقلق والإنزعاج ولكننا نظن أن هذا العرض لا يرضى الحكومة ولا يهون عليها إجراؤه ولا ينطبق على عدالة خديوينا المعظم المشهور بالعدل بين رعيته كما أنه لا ينطبق على حكمة رجاله الذين يدرون عواقب الأمور ، إذ من العار على حكومتنا الخديوية أن يقال عنها أنها عجزت أوضاق رحابها عن تعيَّش جزء عظيم من رعاياها حتى إضطرتهم للهجرة من ديارها إلى ديار أخرى ، على أن الحكومة ينبغى لها أن تنتبه للأمر قبل الدخول فيه ، فإن الراحة الموطدة بسبب خفارة العُربان لدروب خارج القطر لا تكون إذا كلف بها غير العُربان لأن القبائل الساكنة فى أطراف الولايات المجاورة تخشى بأس قبائل عُربان القطر المصرى فتحترم طرفه من أجلهم ، ولكن إذ لم يكن العُربان هم خفراء الدركات والدروب المؤدية للخارج لم تخشى قبائل العُربان الأخرى مهاجمة الأطراف وإحداث الإضطراب فيها كل وقت وآخر ، ولهذا كله نسأل حكومتنا الخديوية ورجالها الأمناء ووكلاء الدول الموجودين فى القطر المصرى وفى مقدمتهم وكيل الدولة المحتلة وجميع أصحاب الجرائد فى مصر إمعان النظر والتروى فى مشروع الحكومة الذى قصدت به هدم إمتيازاتنا القديمة على ما نحن عليه من قلة وسائل المعيشة ، ونأمل أن إذا نظر إلينا بعين التروى والعدالة لا تكون إلَّا طريقة ضامنه إصلاح أي خطأ كان وكافلة لمنع وقوع أي خطر فى الحال والإستقبال ، وبكل إحترام قد تجاسرنا بعرض هذه الأفكارعلى مسامع كل من يهمهم شأن صلاح القطر المصرى وعمرانه وفى مقدمة الجميع مولانا الخديو المعظم ورجال حكومته الكرام ، وعل كل حال فالأمر لمن له الأمروفى موضع آخركان ااموضوع تداعيات على لسان المؤيد :
ـ نقلنا إليكم بالأمس
خبر تشرف عُمد ومشايخ العُربان بلثم أذيال ولى النعم وحيث الخبر لا يخلومن التحريف
ولكنه لا يخرج عن جوهرالحقيقة فى نفس الوقت، مفاده أن جنابه الفخيم تعطف وقال لهم بلطفه المعهود :
إننى إتطلعت على أوراقكم وناقشت نظارى فى مسألتكم بصفة غيررسمية فأجابونى بعدم
أهمية المسأله وأردف قوله الكريم بأننى قبل سفرى سأنظر بما يعود عليكم بالراحة والرفاهية
، فإنصرفوا معللين النفس شاكرين وهم يأملون أن لا يبارحوا الإسكندرية وهم مذودين
بالخبراليقين .
وقد سبق لنا أن شرحنا مسالة
العُربان وما يتظلمون منه كقانون الخفارة وتعيين مشايخ منهم تحت رئاسة عُمد فلاحى([2])
الناحية التابع لها الكفر أو النجع المأهول بالعُربان وإن ذلك مخالف للإمتيازات
الممنوحة لهم من عهد طويل ، وتحدثناعن عرضهم المسألة على أعتاب الجناب العالى
وإنتظارعُمَد ومشايخ القبائل بالإسكندرية لأخذ الجواب النهائى ، فإذا تعطفت
الحكومة بالحفاظ على إمتيازاتهم وتأييدها فهم الفئة الأمينة المخلصة لها والصادعة
بأوامراها فى كل ما ينص عليه الإمتياز ، وإذا أبت عليهم ذلك فلا يترددون فى مهاجرة
القطر المصرى العزيز إلى بلاد أخرى ، فبعضهم يأخذ طريق سوريا وبعضهم وجهته طريق
النيل والبعض من حيث جاء آبائهم ويعهدون بأملاكهم إلى من يوافيهم بريعها كل عام.
((ولدينا مثال فى شخص
حضرة / حمد بك أبو سلطان وزعيم المطالبين بإمتيازات العُربان إلى حضور
جمعية عمومية لعُربان الشرقية تعقد هذا اليوم فى ديوان مديريتنا فأجاب على ذلك
بتقديم إستعفائه من وظيفته وقد قال من ضمن كتابة الإستقالة :
إن إمتيازاتنا ممنوحة لنا من العائلة الخديوية ولهذا لا نناقش الحكومة فى شأنها ولا تناقشنا حتى يعود الجناب العالى الخديوى بالسلامة إلى وطنه العزيز، فإن شاء إبقاء هذه الإمتيازات لنا أبقاها ونحن شكورون ، وإن شاء سلبها منا سلبها ونحن أحرارفى المقام وأرض الله واسعة ، هذا وقد نشر حضرته أمس إعلاناً فى المؤيد ببيع جميع أملاكه فى الشرقية قائلاً أنه عزم على شراء غيرها فى جهة أخرى ويظهر من هذا وذاك أن حضرته مصمم على مفارقة القطرالمصرى لو أصرت الحكومة السنيَّة على إعتبارالعُربان أسوة بالأهالى فى كل شئ ، وهو يقول إن كثيرون من رؤساء القبائل مصرون إصراره وقبل إستعفاء حضرة حمد بك أبو سلطان عمدة قبيلة الهنادى من وظيفته )).
ويقول مراسل المؤيد:
إن الحكومة للآن لم تبت فى الأمر، وبما أن هذه المسألة جديرة بالإهتمام رأيت أن أوافيكم بسوانح أفكارى بشأنها فأقول :ـ إن هؤلاء العُربان جاءوا وادى النيل من عهد المغفور له محمد على باشا الكبير فإستقبلهم على الرحب والسعة وأنزلهم فى البلاد منزلة ميّزتهم عن الأهالى ومنحهم تلك الإمتيازات ليحبب لهم البقاء فى البلاد، وقد حوفظ عليها إلى هذا العهد كما أنهم حافظوا على الولاء وقاموا بما إنتدبوا إليه من المهام الخطيرة على إختلاف أنواعها .
نماذج من أوراق شهادة إعرابية لشخصين من بيت يونس الشافعى وهم من أسرته الشيخ / فيصل عبدالله سعود والشيخ / كريم محمد سعود الطحاوى عام 1904
والحكومة ترى الآن أو بعبارة أخرى (إنجليز مصر) أن لابد من غض النظر عن هذه الإمتيازات أوجُلها مراعاة لظروف (.....) وتغيير نظام البلاد الذى لم يعد من قديمة أثر، فكبرعلى العُربان الأمر فأوجسوا خيفة من أن يكون هذا المشروع الجديد قاضياً على إمتيازاتهم جميعها ، وأن لا حق للحكومة بهذه المعاملة الثقيلة عليهم وكل فريق يؤيد حقوقه ببراهين مطولة ، أما الحكومة فترى أن منح العُربان هذه الإمتيازات من بداية وفودهم مماثل للإمتيازات التى مُنحت للأجانب تسهيلاً لقدومهم بقصد إعمارالبلاد ، وقد عدلت الحكومة بعضها وهى تنوى متابعة ذلك لتتحين الفرص المناسبة لإلغائها وهى المُعبَّرعنها بالإمتيازات القنصلية (التى لم يتغير شئ من جوهرها) فصار لها الحق فى إلغاء إمتيازات العُربان لأوجه كثيرة لأنهم قد توطنوا البلاد وإستظلوا بظلها وجنوا من خيراتها وتملكوا فيها أسوة بالأهالى ، وبما أنهم متمتعون بكل ما يتمتع به الوطنى الحُرَّ فقد صار بحكم الضرورة أن يعاملوا معاملته دون تمييز ، وإذا تُركوا على إمتيازاتهم كان إجحافاً بأبناء الوطن وبالوطن نفسه لأنها ترى من الظلم أن يدفع أبناء البلاد أجرالخفارة ويقدموا أولادهم للجندية ورجالهم لحفظ الجسور وأولئك (العُربان) معفون منها حيث الحكومة ملزمة بفرض الأمن على الجميع وحماية أموالهم وأرواحهم من نكبات الزمن وتعزيز الوطن بقوة الرجال لحمايته الذى يمن بخيراته على الجميع ، وأن العدل يقضى بالمساواة وغير ذلك من البراهين التى يقدمها كل محتج .
والعُربان يقولون أننا لم نتوطن الأقطار المصرية إلَّا بعد أن منُحنا هذه الإمتيازات وقد قدمنا بدلاً عنها خدمات عظيمة بحروب وخفارة حدود ولم نزل للأن قائمين بالخفارة على حدود البلاد وندفع أجوراً سنوية عليها لرجالنا ونحن مسؤولون شخصياً عنها ، وكلما وقعت حوادث غيرعادية فى الحدود المنوط بنا خفارتها تنتدبنا الحكومة لها فنصدع بالأمرإعتقاداً منا بأنها من واجباتنا ، وحيث أن الحكومة وهبتنا هذه الإمتيازات فقد صارت ملكاً لنا وملازمة لحقوقنا لأننا ولدنا وربينا بها وكما كنا قديما نساعد الحكومة عندما تكون الحاجة لإقتحام ساحات الحرب دفاعاً أوإنتصاراً لحقوق البلاد، لم نزل على عهدنا إذا إستمرت القواعد القديمة فى هذا الشأن ، ونحن أخلص المخلصين لها نتفانى فى سبيل مصلحتها ,إذا رأت تعديل هذه الإمتيازات على أي صورة كانت نرى أنه مساس بحقوقنا المرعيَّة وأنها تشيرعلينا بمغادرة البلاد ، ونحن رغم أملاكنا العقارية داخل مصرلا نتأخرعن المهاجرة وكل منا له وجهه يسير إليها، فإذا نظرنا إلى إحتجاج الحكومة نظراً بسيطاً دون أن نمعن النظرمن خلاله لما وراءه وإلى حُجج العُربان فإنها وإن تكن أقل قوة من تلك فليست مجردة من الحق والعدل ، فيقولون مادامت الحكومة أغرتنا بهذا الإمتيازولأجله غادرآباؤنا بلادهم وإستوطنوا هذه الديار([3]) وقد فرضت علينا نحن الأبناء ظروف الحياة أن نتملك فى مصرفليس من العدل والمروءة عندما أصبحنا من أهلها أن تسلب الحكومة منا إمتيازنا الذى نعده ملكاً شرعياً لنا وإرثاً أبدياً .
ومع ذلك ومن وجهة نظر من يعرف ما له وما عليه فإن الحكومة إذا تمسكت برأيها فنحن نغادرالبلاد ونحافظ على عقاراتنا بما يضمن إيصال ريعها سنوياً إلينا ، فهذه المسألة نراها فى حد نفسها بسيطة ، إلَّا أن العُربان يقصدون رجال الإنجليز القابضين على زمام الداخلية وكل المصالح الأميرية بسوء النية نحوهم وأنهم يتهمونهم بأنهم وراء كل ذلك ، وأن تعيينات الخفرعلى عزبهم ونجوعهم وتعيين مشايخ من (العُربان) تحت أوامرعُمدة البلدة (الأهالى) التابعين لها وغير ذلك جميعه تمهيداً لما هو أعظم من ذلك ، إذ لابد أن يطالبوا بعد ذلك بخفر الجسور وتعداد الأنفس فالجندية وكل ما هو سارعلى أبناء البلاد فيصبحوا بعد ذلك تابعين لسواهم لا عُمدة منهم ولا عميد لهم ولا ضابط بين بنيهم المجندين ، ويغالون بأن رجال الإنجليز المشار إليهم لم تكن هذه غايتهم إلَّا ليضعفوا عنصرهم ويخفضوا من حميتهم فينقادوا أكثر مما ينقاد المصرى وتطرفوا إلى القول بأن رجال الإنجليز دائماً يوجسون شراً من مجموع هذه القبائل الهائلة العدد والثابتة فى الرأى ، ولربما يوماً ما يكونون الخصم اللدود لهم فيقصدون إمَّا إذلالهم وإماتة العواطف العربية منهم أو يرحلون عن البلاد بسلام ، وقد ندم بعض عُمد القبائل عن فرصة ذهبت من بين أيديهم لأنهم كانوا عُرض عليهم أن تظللهم الراية الفرنسية فى عهد المسيو باربر ([4]) قنصل جنرال فرنسا فأبوا إخلاصاً لمليك البلاد وخوفاً من تكديرعواطفه وفضلوا البقاء على ولاءه وطاعته .
وفى رأيي أن شعباً قوى
العنصر كهذا ثابت الإخلاص ليس بالصعوبة بمكان أن تبقى إمتيازاته على حالها وإتخاذها
درعاً واقياً لما ستتعرض له البلاد من دونه ، وليس من كرم الأخلاق مادامت أخلاقهم هى المحافظة
على عزة النفس أن ندفعهم دفعاً إلى مغادرة البلاد ، فإن هذا من الأمرالبسيط حتى
وإن طمحت إليه أنظاررجال الإنجليز، فإن بقاء علاقاتهم فى وادى النيل ستبقى دائماً
أما للمشاكل والعلل ولربما خلفت مشاكل سياسية أو حُججاً قوية لا يعرف الآن مقدارها
.
وقد نصدق قولهم أن
الغاية من معاملتهم (العُربان) معاملة الأهالى وإذلالهم مع ما عرفوا به من حدة الطبع ونبذ الضيم هو
لتختلط مصالحهم ومعاملاتهم مع (الأهالى) على الصورة المرسومة والمهيئة لهم ليقع
الشقاق والنزاع فيما بينهما وتثورعوامل الشحناء والبغضاء فتترك أموراً يتخذها
المحتلون حجة سياسية لدوام الإحتلال وتلوينه محافظة على الأمن العام وغير ذلك من الظنون
التى كثيراً ما تصدق ويفلح قصدهم فيها متى أرادوا ، ويدفع العُربان حُجة للقائلين
عنهم أنهم مصدر إختلال الأمن وأن منهم تتألف مناصر وعصب للسطو والفتك بحجتهم بأن
تراجع الحكومة سجلات المحاكم ويقارن عدد الجناه منهم بالنسبة إلى عدد الجناه من أهل البلاد وهو أفضل
رد يختارونه عند بروز هذا الأمر .
ـ (ومن كل ذلك يتضح لنا
أن محمد على باشا هو من سعى إلى إستقدام قبيلة الهنادى من البحيرة وهذا أمر سياسى
كما وضح وأن الإنجليز هم من كانوا وراء إلغاء إمتيازات العُربان عندما تأكدوا من
قوة العنصرالعربى والذى من الممكن أن يكون ألد أعدائهم ، فعملوا على إذلالهم وتذرعوا
بما يحدث منهم من مشاكل تساعد على بقاء الإنجليز بمصر بهذه الحجة ).
وفى كل الأحوال فإن هذه
المسألة ليست بسيطة كما يقال وستأخذ دوراً أشد من دورها الحالى وإنى أمسك القلم عن
الخوض فى عبابها إلى أن أعرف الحد الذى ستصل إليه فى هذا الأسبوع أو الأسبوع الذى
يليه .
بالإضافة إلى كل ماسبق
نضيف هنا أيضاً من جرنال المؤيد عام 1896 بعض السلبيات التى تتم من مشايخ الفرق
والتى توضح إدراج العديد من الأهالى إلى كيان القبيلة :
العربي سهل الإنقياد
ليِّن المِراس إذا لم يعامل بالقسوة والشَّمم، وعقلاء العُربان وعُمدهم في إمكانهم
تذليلُ كلِّ الصعوبات والعثرات، أقول صعوبات وعثرات لأنَّ في الأمر أسرارًا لا
يدركها إلّا مَن عرف البلاد الريفية، خصوصًا مديريتَا البحيرة والشرقية؛ حيث كثرتْ
هناك جموعُ العُربان, ولأنَّ كثيرين من الفلاحين النازحين عن أوطانهم إمّا لديون
عليهم أو لجرائم إرتكبوها أو لفقرٍ مُدقع أو هربًا من الجندية إلى غير ذلك؛ قد
لجأوا إلى العرب وتفيّئوا بظلِّ حمايتهم فإستعربوا وليسوا بالعرب، ثمَّ إنَّ
ألوفًا من الفلاحين قد نالوا الشهاداتِ من هؤلاء العُربان بأنهم منهم وأصّلوهم
وفصّلوهم حسبما قضتْ به الذمة ليتخلصوا من الجندية والسُّخرة (الملغاة) وخفارة
جسور النيل, وذلك مقابل ما نقدوه إلى العربي الذي سعى لهم، فتعدادُ النفوس والبحث
المدقق يوصِّل إلى معرفة هذا الغش الذي أضرَّ بالبلاد والأهالي معًا, وهو أمر
معروف لا مراء...)( [5])
(إنَّ العُربان نظرًا
لنفوذهم وإنفرادهم عن الأهالي بنجوعهم وكفورهم وأمنهم على أنفسهم من الجندية ومِن
تفتيش محلاتهم نشروا لواءَ الحماية لأُولي الجرائم والمعاصي الملتجئين إليهم هربًا
من قصاص الحكومة, وفتحوا صدورهم الرَّحبة لقبول الفلاحين في قبائلهم؛ حماية لهم من
العسكرية والخفارة والسُّخرة فيعطوهم الشهاداتِ الدَّالة على أنهم من القبيلة
الفلانية مقابلَ جُعل يتقاضونه منهم، أمّا الفلاح فيقع في شرِّ عمله لأنَّ الحكومة
تتقاضاه العسكرية مرَّة واحدة، والعُربان يتقاضونه العطاء كلَّ عام مادام حيًّا،
وأعقابه مِن بعده، وقد أكَّد لي الخبيرون أنّنا لو تحرّينا فرزَ الأصل العربي لما
بقيَ من جموعهم العظيمة الآن إلّا عشرة في المائة, والتسعون الباقية فلّاحون إستعربوا
بالمال والحماية)([6])
.
وهنا محاولات من الحكومة لتنفيذ ما إرتأته وعرضها على
شيوخ القبائل فى شكل ترغيب وترهيب ، فوضح رأى شيوخ البدو وإصرارهم بتمسكهم
بإمتيزاتهم وأنها إرث حتى لو إضطروا لترك شياخة القبيلة :
ما بزغت شمس أمس
حتى إزدحمت سراي مديريتنا بل ومدينة الزقازيق بحضرات وجوه وأعيان قبائل العُربان
القاطنين بأنحاء المديرية الذين أتوا لحضور جلسة اللجنة المعينة لإنتخاب عُمدة
لقبيلة عُربان الهنادى عوضاً عن عُمدتيها وهما حضرتا شيخ العرب/ حمد بك سلطان
وغالب سليمان الطحاوى الصادرأمرالداخلية برفتهما نظراً لتوقفهما فى تنفيذ مشروع
الحكومة الجديد وتمسكهما بالإمتيازات الممنوحة للعُربان من قديم الزمان ، وما جائت
الساعة التاسعة من صباح أمس حتى إنعقدت تلك اللجنة تحت رئاسة الفاضل / خالد بك
سعيد وكيل المديرية وعضوية حضرات / برش بك باشمفتش النظارة المشار إليها ، وعلوانى
بك إسماعيل عُمدة قبيلة أولاد على ، وسلامة بك شديد عُمدة قبيلة الحويطات ،
والشيخ/ أمين محمد بدران عُمدة قبيلة أولاد موسى
، وعرضت على جميع رؤساء قبيلة عُربان الهنادى المذكورة قبول هذه العُمدية فرفضوا جميعاً قبولها كل
الرفض وقالوا بلسان واحد أنهم غير راضين عن تعيين أحداً عمُدة عليهم خلاف من صدر
الأمر برفتهما لأنهما لم يقترفا ذنباً يستحقان عليه الرفت سوى كونهما طلبا من
الحكومة طلباً عادلاً وهو المحافظة على إمتيازات العُربان ، وبعد الذى قررته
اللجنة من تلقاء نفسها تعيين كل من : حضرات مشايخ العُربان / عبدالقوى عبدالنبى
سلطان ، عبدالله إبراهيم عبدالسميع ، وماضى يادم، وراجح عامرالطحاوى ، وعدلان
زيدان عُمداً لتلك القبيلة ، وحددت يوم الإثنين المقبل الموافق 7 الجارى لحضور
مشايخ هذه القبيلة لترغيبهم على أولئك العُمد الذين قدم البعض منهم إستعفاء على ما
يقال فى الحال ، وبعد ذلك أخذ جناب برش بك المومئ إليه فى حث هؤلاء العُربان
وخصوصاً حضرات المشايخ وهم / إبراهيم جلبى عُمدة السعديين ، ومحمد إبراهيم جلبى
عُمدة قبيلتها ، ومنصور نصرالله الوكيل عن والده شيخ العرب إبراهيم نصرالله عُمدة
قبيلة النفيعات بقبول ذلك المشروع بلا إبطال ولا إمهال متوعداً كل من يتوقف منهم
عن التنفيذ بالعقاب الصارم ، فكان جوابهم التصميم وعدم التفريط فى شئ من
إمتيازاتهم
ـ عقدت أمس لجنة مشايخ العُربان فى مديرية الشرقية تحت
رئاسة حضرة عزتلو / خالد بك سعيد وكيل المديرية وكان فى الجلسة حضرة برش بك مفتش
الداخلية الأوَّل وبمعرفة اللجنة إنتخبت خمسة مشايخ لقبيلة عُربان الهنادى وهم
راجح الطحاوى وعدلان منديل وماضى يادم وعبدالله عبدالسميع وسليمان بكر وكانت
المديرية قد أحضرت 35 شيخاً ومعهم بعض وكلائهم لإظهاررغبتهم تعيين المشايخ وقد
بلغنا أن راجحاً قد رغبه بعض أقاربه والبقية لم يرغبهم أحد على أن راجحاً قد إشترط
لقبوله المشيخة بقاء إمتيازات العُربان على حالها وبلغنا أيضاً أن سليمان بكر
العُمدة الثانى قدم إستعفاءه للمديرية بعد إنفضاض الجلسة ، وقد أرسل أيضاً علوانى
سعيد وكيل عُمدة قبيلة بنى عونة إلى المؤيد رسالة ملخصها :
أن العُربان جميعاً
يؤملون من الحكومة ان لا تسلب منهم حقوق الإمتيازات التى منحتهم قبل إياها مقابل
أعمال وخدم جليلة أدوها ويؤدونها ويقول أيضاً أن جميع عُربان قبيلة الهنادى لا
تقبل عليها عُمدة خلاف حضرة عزتلو حمد بك سلطان وشيخ العرب غالب الطحاوى لما
للقبيلة فيهما عظيم الثقة والإعتمادعليها وقد إكتفينا بنشرهذا الملخص عن أدراج
الرسالة برمتها لضيق الصحيفة .
ـ يتضح الآتى :
1 ـ بمراجعة دفترتعداد سكان القطر المصرى عُربان عام
1882 ، يتضح أن غالب سليمان وحمد سلطان كانا عمداً على قبيلة الهنادى فى هذا
التاريخ .
2ـ فى تاريخ نشرهذه المكاتبة ومن هذا المضمون أنه تم عرض
التعليمات الجديدة الخاصة بإلغاء إمتياز العُربان تم عرضها على العُمَد غالب
سليمان وحمد سلطان فلم يمتثلا لهذه التعليمات وتمسكوا بالإمتيازات وكان ذلك بحضور
بعض مشايخ لقبائل أخرى .
3 ـ بناءً عليه تم رفت هؤلاء العُمَد غالب وحمد وتعيين العُمد
الخمسة الجدد والموضحين .
4ـ من هنا نعرف متى عزل غالب سليمان وتولى راجح عامر ومن
أرشيفنا أيضاً تم تعيين محمد بك سعود عام 1904 بدلآ من راجح عامر ومتى تم تعيين
العُمد الخمس .
5 ـ من هذا التاريخ نستطيع أن نعرف تاريخ تعيين العُمد
الخمسة والذين كان يشغل مكانهم عُمدتان فقط مما يؤكد زيادة عدد أفراد القبيلة مما
إستوجب ذلك .
6ـ ورد فى كتب خاص بأسرة البدادية أن العُمودية عادت إلى
عبدالله بك عبدالسميع بعد أن كان إغتصبها غالب بك الطحاوى ومن هنا نعرف الحقيقة .
ـ المؤيد 1899
رسائل داخلية
لصاحب الإمضاء
كانت الفوضى فى أوائل هذا الجيل مستحكمة فى القطر المصرى
بسبب الحروب الداخلية التى أثارتها مطامع المماليك ، فذهبت سعادة الأمة ورفاهتها
ولبثت على هذا الحال حتى تولى على مصر المغفور له محمد على باشا فأصلح من
أمرالبلاد وأخذ بيدها من الوهدة العميقة التى سقطت فيها ، وكان عُربان القبائل فى ذلك العهد بين منتصر
للماليك وبين ممالئ عليهم ، ومن القبائل التى حاربتهم أخذاً بناصر المغفور له محمد
على باشا قبيلة أولاد على التى كانت فى الفيوم فكافأها أحسن مكافأة حيث أقطعها
الأراضى الواسعة فى مديرية البحيرة وهم لهذا السبب لا يزالون بها لهذا العهد .
أما قبيلة الهنادى التى كانت وقتئذ فى البحيرة وإلتزمت
الحياد أثناء تلك الحروب فقد هاجرت على إثر ذلك من مديرية البحيرة وإستقطنت
الشرقية حيث أقطعتها الحكومة أراضى واسعة لا تزال تقوم بحراثتها وزرعها إلى الآن ،
ومن أهم فروع هذه القبيلة الطحاوية المنسوبون إلى الشيخ طحاوى بن الشافعى فإنهم
بجدهم وكدهم إستدروا الخيرات من الأراضى الرملية وصار لا فارق بينهم وبين الفلاحين
فى شئ غيرما يتمتعون به من الإمتيازات الممنوحة لهم من قديم الزمان .
ومن أمرهم مع
المغفور له عباس باشا الأول أنه قد وشي إليه فى حقهم أنهم يتآمرون على قتله
تعضيداً للمرحوم سعيد باشا فأمربطردهم من الشرقية فأضطروا إلى الخروج منها قاصدين
صحراء الشام حيث أغلب القبائل من ألد خصومهم وأعدى أعدائهم ولا سيما قبيلة الترابين
وقبيلة تياها([7]) ، وهم
لايزالون إلى اليوم يتغنون بأشعار نظموها فى مدح شهامتهم وإقدامهم إذ إستطاعوا
مغالبة قبيلتين وتمكنوا من المعيشة بين نارين .
ـ مع مرور الوقت وإزدياد عدد القبيلة وتعيين أكثر
من عُمدة كان للحكومة دورها في تنظيم هيكل القبيلة وطريقة عمل شيوخها وأيضاً مشايخ
الفرق وما إلى ذلك فكان نص هذا الإمتياز :
قانون إمتياز العُربان 1905
بعد الاطلاع على الأمر العالي الصادر في 21 مايو سنة 1885 المختص
بعُمد ومشايخ قبائل العُربان وبناءً على ما عرضه علينا ناظر الداخلية وموافقة رأي
مجلس النظار وبعد أخذ رأي مجلس شورى القوانين أمرنا بما هو آت.
المادة (1) : يكون لكل قبيلة من العُربان مركز عمومي بالمديرية أو
المحافظة التي يعينها ناظر الداخلية بقرار يصدر منه.
المادة (2) : تشكل في كل مديرية أو محافظة لجنة محلية للنظر في
مسائل العُربان وتتألف من المدير أو وكيله أو المحافظ أو وكيله بصفة رئيس ومن
مندوب من نظارة الداخلية ومن أحد وكلاء النيابة العمومية ومن أربعة من عُمد العُربان
ينتخبهم المدير أو المحافظ من نفس المديرية أو المحافظة أو من المديريات المجاورة
لها.
المادة (3) : لا تكون مفاوضات اللجان المحلية صحيحة إلَّا إذا
حضرها الرئيس ومندوب نظارة الداخلية وإثنان من العُمد على الأقل ويكون حضور وكيل
النيابة لازماً في الجلسات التأديبية المنصوص عنها في المادة 23 من هذا القانون.
المادة (4) : للمدير أو المحافظ أن يجمع اللجنة المحلية للنظر في
كافة المسائل المتعلقة بعمد العُربان أو وكلائهم أو مشايخ الفرق أو مشايخ النقط
التي يرى لزوم عرضها عليها أو للنظر في المسائل التي تقدم إليه من نظارة الداخلية.
شهادة إعرابية 1904 وذلك بعد الرجوع إلى حصر
وتعداد 1264
منطوق الشهادة قرعة عام 1904
مديرية الشرقية ، مركز فاقوس ، المناجاة الكبرى
إسم الطالب : عباس عمر المصرى يونس
محل توطنه : المناجاة الكبرى
إسم القبيلة المنتمى إليها : الهنادى
إسم شيخ الفرقة ومحل توطنه : محمد راجح الصغير
الزَّوَرَة
إسم عُمدة القبيلة ومحل توطنه : راجح عامر
الزَّوَرًة
أسماء الواردين فى تعداد 1264 من عائلة صاحب الطلب
منزل يونس الشافعى قبيلة الهنادى عُمودية
عامرالشافعى ضمن تعداد مديريبة الشرقية
يونس الشافعى ... جد والد الطالب
.... توفى
مُبدى ... أخ والد الطالب .....
توفى
فيصل ولده ... أخ والد الطالب ..... حى
سعود ولده ... أخ والد الطالب .... حى
جندل ولده .... أخ والد الطالب .... توفى
ماضى ولده .... أخ والد الطالب .... توفى
التعداد حصل بجهة ابو قيح 1264 هـ ولما كان
شيخ فرقة وقتها بدل العُمدة عامر الشافعى
ـــــــــ
المكرَّم شيخ فرقة الهنادى
أنا المبين إسمى بهذا أعرض أنى عربى من
القبيلة المبينة بهذا ويوئيد صحة قولى أن يونس الشافعى جد والدى المبين إسمه أعلاه
مندرج فى تعداد العُربان سنة 1264هـ فألتمس الكشف عن ذلك وإعطائى شهادة بما يتضح
لطلب المعافاه بموجبها .
تحريراً فى 1904
ــــــــــــــ
قول شيخ الفرقة :
الذى نعلمه ونشهد به أن عباس عمرالمصرى يونس
من عُربان قبيلة الهنادى ضمن شياخة فرقتى وإن يونس الشافعى هو جد والد الطالب
حقيقة كما أوضح وإن ظهر قولى بخلاف أحاكم بما أستحق بحسب قانون القرعة العسكرية .
توقيع شيخ الفرقة محمد راجح الصغير
تحريراً فى بلبيس 12 مايو 1904
الموقع أعلاه هو محمد راجح الصغير أحد مشايخ
الفرقة بقبيلة الهنادى عُموديتى .
ختم
ـــــــــــــــــــــــ
قول عُمدة البلد المتوطن بها أو يتبعها الطالب :
الذى أعلمه وأشهد به أن عباس عمر المصرى يونس
المتوطن فى بلدنا من مدة ثلاثين سنه تقريباً معروف عندى بصفته عربى ولم يسبق
معاملته ولا أحد من أفراد عائلته معاملة الفلاحين وإن ظهر أن قولى بخلاف أحاكم بما
أستحق بحسب قانون القرعة .
بيان عائلته معاملتهم فى القرعة : لم يعاملوا
المادة (5) : يرأس كل قبيلة عُربان عُمدة واحد أو أكثر ويكونون مسؤلين
عن حسن سير القبيلة وفي حالة وجود عدة عُمد لقبيلة واحدة فتوزع أفراد هذه القبيلة
على هؤلاء العُمد بمعرفة اللجنة المحلية للمديرية أو المحافظة الموجود فيها مركز
القبيلة العمومي.
المادة (6) : تعين نظارة الداخلية العُمد بناء على طلب اللجنة
المحلية لمسائل عُربان المديرية أو المحافظة الكائن فيها مركز القبيلة العمومي.
المادة (7) : يكون لكل عُمدة وكيل في كل مديرية أو محافظة يقطنها
زيادة عن خمسين فرداً من قبيلته أو من جزء القبيلة التابع إليه وللمدير أو المحافظ
أن يرخص بتعيين وكيلين أو أكثر لمديرية أو لمحافظة واحدة أو أن يباشر بنفسه هذا
التعيين.
المادة (8) : يعين المدير أو المحافظ وكلاء العُمد التابعين
لمديريته أو محافظته بناء على طلب عمدتها.
المادة (9) : يعين المدير أو المحافظ مشايخ الفرق ومشايخ النقط الموجودة في مديريته أو محافظته الفرقة أو النقطة وذلك بناءً على طلب العُمدة أو وكيله التابعين له.
رسائل متبادلة بين مشايخ الفرق الشيخ/
عبدالعزيزسعود الطحاوى وإبن عمه الشيخ/
مجاورمُبدى الطحاوى بغرض إستيفاء بعض الأوراق القبلية عام 1906
المادة (10) : العُمد ووكلاؤهم ومشايخ الفرق ومشايخ النقط المنصَّبون
الآن يعتبرون كأنهم معينون بمقتضى هذا القانون لحين تعيين عُمد ووكلاء ومشايخ جدد.
المادة (11) : لا يجوز تعيين عُمد أو وكلاء عُمد أو مشايخ فرق أو
مشايخ نقط من الآتي بيانهم:
أولاً - الأشخاص المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة أو بالسجن والمحكوم
عليهم في مواد السرقة والنصب وخيانة الأمانة والتزوير وإنتهاك حرمة الآداب
والرشوة.
ثانيا - الأشخاص الذين سبق رفتهم من الوظائف التي كانوا معينين بها
في القبيلة لإهمالهم في واجباتهم أو لإختلاسهم الأموال الأميرية أو لإرتكابهم
الرشوة.
ثالثاً - الأشخاص المحكوم عليهم بالإفلاس والمحجور عليهم وينبغي
لمن يعين عُمدة أو وكيل عُمدة أن يكون بالغاً من العمر خمسةً وعشرين سنة كاملة.
المادة (12) : يجوز لناظر الداخلية رفت العُمد من وظائفهم.
المادة (13) : يجوز للمدير أو المحافظ رفت وكلاء العُمد التابعين
لمديريته أو محافظته ويجوز ذلك أيضاً للعُمدة التابعين له مع موافقة المدير أو
المحافظ.
المادة (14) : يجوز للمدير أو المحافظ رفت مشايخ الفرق ومشايخ النقط
الموجودة الفرقة أو النقطة بمديريته أو محافظته ويجوز ذلك أيضاً للعُمدة أو وكيله
التابعين له مع موافقة المدير أو المحافظ.
المادة (15) : عُمد القبائل ووكلاؤهم مكلفون بضبط كل شخص تابع إليهم
يكون مطلوباً لجهة من جهات الحكومة ذات الإختصاص وتسليمه إليها في ميعاد موافق ويكون
مشايخ الفرق ومشايخ النقط مسؤلين في هذا الشأن أمام العُمدة أو وكيله.
المادة (16) : عُمدة القبيلة مخير في إنتخاب محل إقامته ولكن يلزمه
الحضور إلى المديريات أو المحافظات كلما طلب إليها.
المادة (17) : يكون محل إقامة وكيل العُمدة في نفس المديرية أو
المحافظة التابع لها ويكون دائماً تحت طلب المدير أو المحافظ.
المادة (18) : على عُمد القبائل ووكلائهم ومشايخ الفرق ومشايخ النقط
تنفيذ كافة أوامر البوليس المتعلقة بالأماكن التي يمكن للعُربان أن يقطنوها
وينصبوا خيامهم فيها.
المادة (19) : يكافأ عُمد القبائل على قيامهم بالخدمات المطلوبة
منهم بإعفائهم من دفع الأموال الأميرية عن خمسة أفدنة من أطيانهم التي يعينونها
وذلك مدة وجودهم في وظائفهم.
المادة (20) : في حالة تقصير عُمد القبائل ووكلائهم ومشايخ الفرق
ومشايخ النقط يجوز للمدير أو المحافظ أن يحكم عليهم بالجزاءات التأديبية الآتية:
الإنذار أو التوبيخ ، الغرامة لحد مائة قرش.
المادة (21) : في الحالة المبينة في المادة السابقة يجوز للمدير أو
المحافظ أن يقرر إيقاف العُمد ووكلاء العُمد ومشايخ الفرق ومشايخ النقط عن وظائفهم
أثناء تحقيق ما ينسب إليهم، ويجوز للمدير أو المحافظ في حالة الإيقاف أن يعين من
يقوم مقام من يوقفه.
المادة (22) : إذا ظهر أن الأفعال المنسوبة لعُمدة القبيلة أو وكيله
أو لشيخ الفرقة أو شيخ النقطة تستوجب جزاء أشد فيحيل المدير أو المحافظ المتهم على
اللجنة المحلية المعينة للنظر في مسائل العُربان ويحق لهذه اللجنة بعد سماع دفاع
المتهم أن تحكم عليه بالغرامة لحد خمسمائة قرش وبالحبس لحد ثلاثة أشهر وبالعزل
ويجوز توقيع هذه العقوبات منفردة أو منضمة إلى بعضها.
المادة (23) : تصدر الأحكام السالفة الذكر متى كانت مختصة بالعُمد
من المدير أو المحافظ أو من اللجنة المحلية للمديرية أو المحافظة الكائن فيها مركز
القبيلة العمومي ومتى كانت مختصة بوكلاء العُمد تصدر من المدير أو المحافظ أو من
اللجنة المحلية للمديرية أو المحافظة التابعين لها ومتى كانت مختصة بمشايخ الفرق
ومشايخ النقط تصدر من المدير أو المحافظ أو من اللجنة المحلية للمديرية أو
المحافظة الكائن فيها الفرقة أو النقطة.
المادة (24) : تعرض الأحكام التأديبية الصادرة من اللجنة على نظارة
الداخلية للتصديق عليها ولها أن تخفف العقوبة أو تبرئ ساحة المحكوم عليه.
المادة (25) : يلغى الأمر العالي الصادر في 21 مايو سنة 1885.
المادة (26) : على ناظر الداخلية تنفيذ هذا القانون.
التوقيع : عباس حلمي -
خديو مصر
وقد كان أيضاً هذا الموضوع للراحل د. يونان لبيب رزق على
صفحات الأهرام من خلال يومياته سلسلة (الأهرام ديوان الحياه المعاصر) فى 28 ديسمبر
1995 ص 7 ، ديوان الحياة المعاصرـ تمصير العُربان ، والتى كان من خلالها يغوص فى أرشيفات الدولة
المصرية :
تمصير العُربان
فى العمل الموسوعى الشهير الذى قدمه المفكر المصرى
الراحل الدكتور جمال حمدان تحت عنوان (شخصية مصر- عبقرية المكان) قدم الرجل من الأدلة
على قدرة الوطن المصرى على إمتصاص الوافدين وعدم السماح بنتوءات فى البنية البشرية
الوطنية لوقت طويل ما لا يحتاج إلى مزيد .
لعل النتوء الرئيسى الذى عرفته مصر خلال عصورها الحديثة
بدأ فى القبائل العربية التى زحفت إليها من المناطق الصحراوية شرقاً وغرباً وإستمر
يسبب آلاما مبرحة للجسد المصرى لفترة غير قصيرة جانب من هذه الآلام نتج عن إستمرار
غارات هؤلاء على مناطق الزراعة على أطراف الدلتا خصوصاً فى الشرقية والبحيرة أو فى
أنحاء الصعيد خاصه الفيوم وبنى سويف والمنيا الأمر الذى دعا الدولة العثمانية إلى
أن تخصص إحدى الفرق العسكرية السبع المسؤلة عن حماية مصر وهى فرقة (العُربان)
لحماية مناطق الريف المصرى من تلك الغارات .
الجانب الآخر بدا فيما أحدثه هؤلاء من شرخ عميق فى قدرة
السلطه المركزية المصرية على مد أيديها لسائر أنحاء البلاد وهو مايتناقض مع تاريخ
هذه السلطة ومع إفرازات عبقرية المكان..
وقد وصل الأمر فى هذا الجانب إلى حد أن نجح بعض شيوخ تلك
القبائل فى إقامة كيانات شبه مستقلة عن تلك السلطه فيما فعله شيخ الهوارة همام
الفرشوطى فى الصعيد خلال القرن الثامن عشر مستغلاً فى ذلك حالة السلطة المركزية
المهتزة فى القارة من جراء الصراع بين العثمانيين والمماليك مما خلق نوعاً من
العلاقة الجدلية بين قوة العُربان وقوة الدولة وكانت علاقة عكسية على وجه
اليقين .
يؤكد ذلك أنه مع بداية بناء الدولة الحديثة فى مطلع
القرن التالى التاسع عشر وتنامى قوة السلطة المركزية أن أخذ هذا النتوء فى التآكل
ولأسباب عديدة . الإحتكام إلى القوة إذا وجب السماح بتملك الأراضى ، تولية المشايخ
البارزين للمناصب الكبيرة فيما حدث لعديدين : منهم العايدية فى الشرقية ، ويقدم
الأباظية الذين كانوا أشهرأسرها نموذجاً لذلك
، ويجسد سليمان باشا أباظة ، هذا النموذج ، فقد تولى عدداً من المناصب
الكبرى كان آخرها منصب مديرالمديرية ، وهو
المنصب الذى كان مقصوراً على أبناء الأرستقراطية التركية المتحلقين حول الوالى
بيد أن القوة والسياسات وحدها لم تكن كافية لإختفاء
النتوء ، مما بدا من مظاهر عديدة، فحتى أولئك الذين إستقروا من العُربان بقوا
يشكلون مجتمعاً منفصلاً له تقاليده المتميزة ، ولعل هذه الرواية التى بعث بها
مكاتب الأهرام فى أبو كبير تقدم الدلالة على ذلك قال : أرادت إمرأة من قبيلة
السماعنة أن تتزوج رجلاً من قبيلة المساعيد فأبى أخوها أن يزوجها به فتركته وذهبت
مع خطيبها ترتاد منتجع عدل وإنصاف من دهر سلط عليها شقيقها
حرمها خُطاَّباً عديدين حتى لقيت حضرة الشيخ عليوه الطحاوى فتثبت من أمر طلاقها
وأذن لها أن تزوج من أحبها فقامت قيامة
قبيلة السماعنة وبعثت عرائض الشكوى إلى جميع جهات الحكومة تزعم فيها أن المرأة غير
مُسرَّحة سراحاً جميلاً من زوجها الأوَّل ، فأخذ حضرة مأمورنا هذه المسألة بالحزم
وأرسل المرأة مع زوجها إلى حضرة قاضينا الشرعى يصحبها جمهورغفير من رجال قبيلة
السماعنة والمساعيد فحكم حضرته حكماً فاصلاً وإنقضت المسألة على خير وسلام.
بالطبع فإن معنى أن تقوم قيامة قبيلة من العُربان على
زواج أمرأة منها من أحد أبناء قبيلة أخرى ينم عما كان يمكن أن يحدث لو كانت سعت
إلى أن تتزوج من رجل من غير العُربان أصلاً ، ونرى أن من الأسباب التى أدت إلى قوة
هذه النزعة الإستعلائية من جانب هؤلاء وإستمرار النتوء فى الجسد المصرى أن محاولة
إزالته قد تمت من خلال سياسات حكومية أكثرمما تمت نتيجة لتطورات إقتصادية
وإجتماعية ، وهى أمور لا يصنعها إلَّا الزمن وحركة التاريخ هذا من جانب .
ومن جانب آخر فإنه حتى ذلك الوقت لم تكن حدود الوطن
المصرى قد تعينت بشكل صارم يُجرَّم عبورها الأمر الذى سمح لهذه القبائل المتجولة
أن تبقى كذلك فى أطار أراضى الدولة العثمانية مما تكشف عنه قصة أخرى روتها الأهرام
: القصة بعث بها مراسل الأهرام فى الشرقية وجاء فيها أن (محمد أفندى سلطان وكيل عُمدة
قبيلة عرب الهنادى المقيمين بأراضى الأسدية) ذهب فى شكواه من بعض القوانين التى
تصمم الحكومة على تطبيقها على أبناء القبيلة إلى حد التهديد ببيع أملاكهم وممتلكاتهم
والإرتحال إلى (ربوع الديار السورية ليعيشوا آمنين فى ظل جلالة أميرالمؤمنين ) .
وتشير قراءة الأهرام إلى أن أواخر القرن قد عُرف
قدراً لا بأس به من تآكل النتوء مما
تضافرت عليه عوامل عديدة كان من أهمها فيما نستنبطه من قراءة الصحيفة ما أخذ يصيب
الوحدة القبلية من تفكك صنعته التطورات التاريخية .
فقد أدت سياسة الحكومة فى منح الأراضى لمشايخ القبائل
وما تبع ذلك من إستقرارهم إلى تغير فى العلاقة بين هؤلاء وبين سائرأفراد القبيلة الذين تحولوا فى الغالب إلى مزارعين مما أثر
كثيراً فى وحدة هذه القبائل هذه واحدة ، التطورالثانى تمخض عن تولى المشايخ
للمناصب وما تبع ذلك من الإلتزام بتنفيذ السياسات الحكومية الأمرالذى قلل من
هيبتهم وأدى إلى خروج العديد من أبناء القبيلة عن طاعتهم خاصة وقد وجد هؤلاء فى
مناطق الريف المجاورة مصادر للرزق أو للنهب مما كان مثاراً للشكوى من الطرفين
المشايخ والحكومة ولنبدأ بالنهب :
لم يكد يمرشهر خلال العقد الأخير من القرن التاسع عشر
دون أن تنشر الأهرام حادثة أو حادثتين من أعمال الإخلال بالأمن يقوم بها أبناء العُربان
وإذا كانت ثم ملاحظات على تلك الأعمال فإنها كانت من ناحية ذات طابع فردى وليس
قبلياً مما ينم عما أصاب القبيلة من تفتت . ثم أنها كانت من ناحية ثانية تكشف عن
قوة الحكومة التى تجبر المشايخ على البحث عن الجناة وتسليمهم بكل ما ينتج عن ذلك
من أسباب إسقاط هيبة هؤلاء فى عيون أتباعهم ، فضلاً عن ذلك فإنه عند حدوث عراك
قبلى وكثيراً ما كان يحدث فإن من كان يحسمه تدخل رجال الأمن وليس حكمة المشايخ .
أخيراً وهو
الأمر الذى يثير الدهشة أنه عندما يحدث أن يكون طرف من أطراف العراك من العُربان
والطرف الآخر من الفلاحين فقد كان عادة ينتهى بإنتصارالأخيرين فهو أمر إن دل على
شيئ فإنما يدل على أن قوة العصبية القبلية قد أخذت فى الضعف مما أخل بطابع الغلبة
التقليدى الذى كان للعُربان من قبل ووفر لهؤلاء الظروف التى مهدت لإندماجهم فى
مجتمع بقية المصريين ، فى الريف وعلى هوامش المدن ومع الصيادين على السواحل .
لعل هذا الخبر الذى نشرته الأهرام فى 16 إبريل عام 1891م
يكشف عن أكثر من دلالة من تلك الدلالات الآنف الإشارة إليها ، الخبر من الفيوم وجاء فيه ( كثرت الشائعات
بإلقاء القبض على جارد عبدالله اللص المشهور ولكن وجدنا أن هذه شائعة جرت على ألسن
العامة ، وقد أوقفت المديرية مشايخ عُربان البراعصة لأنهم لم يلقوا القبض على جارد
عبدالله ولم يخبروا عن محل وجوده لأنه من قبيلتهم وعينت غيرهم .
وإذا كانت حالة جارد قد وصلت إلى حد عزل المشايخ فإنها
فى حالات تحولت إلى مكافأة المشايخ الذين أبدوا همَّة فى القبض على اللصوص فيما
رواه مكاتب بنى مزار من أن سمو الخديو المعظم قد أنعم على (لملوم بك السعدى شيخ عُربان
الفوايد برتبة بك وخمسة عشر جنيها كل شهر مكافأة له على مساعدة رجال الحكومة فى
القبض على اللصوص ، وكيف أن آخر من مشايخ
القبائل هو على عمارالمصرى خرج مع رجاله وتربصوا بلص من أبناء القبيلة هو على حيدر
، حتى أمسكوه وسلموه للسلطات ويبدو أن على عمار لم ينل المكافأة التى كان يتوقعها
مما دعا الأهرام إلى التنبيه (بوجوب مكافأته بما يستحق تشجيعاً له وترغيباً لغيره)
.
إستعرضت الصحيفة مع ذلك أخبارالمعارك التى كانت تنشب بين
العُربان ، فى يوم 16 نوفمبر عام 1891م ساق مكاتبها فى المنيا أخبار المعركة بين عُربان
البرج وعرب العدائين التى أطلق فيها الرصاص وكثر إستعمال السلاح ولم يحسمها إلَّا
تدخل عُمدة المطاهرة ووصول حضرة الحكمدار وجماعة من جنده لعمل المحضر اللازم ، وخبر
آخر من بنى سويف جاء فيه أن جماعة من عرب المعازة تشاجروا مع جماعة من بنى سليمان
شرقية ، وقد إنجلت المشاجرة عن جرح إثنين وضبط الفاعلين والتحقيق جارى ، خبر ثالث
من الزقازيق عن إنعقاد المحكمة الأهلية للنظر فى قضية قتل حدث فى أثناء خصام عنيف
بين فريق من قبيلة عُربان الهنادى وفريق آ خر من عُربان أولاد موسى ومع طرافة
الواقعة التى بعث بها مكاتب الأهرام فى دمنهور فى 3 يونيو عام 1893م فإنها تقدم
دلالات على ما أصاب العلاقات بين العُربان والفلاحين من تغيرات جاء فى هذه الواقعة
:
(حدث بناحية نديبة أن إعرابياً وفلاحاً كانا يتباحثان
أيهما أفضل العرب أم الفلاحون وإشتد اللجاج بينهما فإتصل للمشاتمة ثم إلى الملاكمة
إلى أن إنتصر الفلاح على خصمه فقتله وقام البوليس لضبط الواقعة) لعل أهم الدلالات
المستخرجة من تلك الواقعة قبول فكرة المساواة بين الفلاحين والعُربان إلى حد
المقارنة ، ثم من جانب آخر أن يحد ث نزال ينتصر فيه الفلاح ولا يكون ثم حل إلَّا
تدخل السلطات للبحث عن هذا الفلاح دونما تدخل من القبيلة التى ينتمى إليها
الإعرابى إنما يدل على ما أصاب العصبية من وهن ، ولم تكن على أي حال الواقعة
الوحيدة التى تقدم هذه الدلالات ، فقد حفلت الأهرام بأخبار المعارك بين الجانبين ،
مكاتب دمنهور بعث فى 17 أكتوبر عام 1895م بخبر عن حصول مشاجرة بين العُربان
والأهالى بناحية مريوط على سرقة بهائم وأن
الحكومة أرسلت شرذمة من العساكر لمنع الخصام .
رسالة أخرى من كفر الدوار فى 22 إبريل عام 1895م عن حدوث
مشاجرة عنيفة بين فريق من أهالى العكريشة وفريق من العرب دار فيها بينهما ضرب
النبابيت والعصي فأصيب كثيرين بجراح بعضها ذات خطر وقد ضبط الواقعة حضرات مأمور
المركز وعضو النيابة وأرسل المصابون إلى مستشفى البلدة لمعالجتهم ، ورسائل أخرى
عديدة تنم عما دخل على العلاقات بين الطرفين من تكافؤ مما نعتبره تمهيداً لإنتهاء عصر الإستعلاء العُربانى على الفلاحين
وتوطئه لإندماج هؤلاء العُربان فى المجتمع الريفى بكل ما ترتب على ذلك من إستكمال
أسباب التمصير فيما نوه به الدكتور جمال حمدان .
فضلاً عن ذلك فإن بعض ما عرفته مصر من تطورات إقتصادية
قد أثر أيما تأثير فى عملية تمصير العُربان ، ويقدم عُربان شرقي الدلتا نموذجاً
لذلك ، فقد عرف النصف الأخير من القرن التاسع عشر متغيرين مهمين فى هذه المنطقة ،
أولهما إتمام حفر قناة السويس وفتحها للملاحة عام 1869م وما نتج عن ذلك من وجود هذا الحاجز المائى الذى
قيد حرية الحركة بين العُربان المقيمين فيما هو غربيها وبين سائر العُربان فى
سيناء ، أو فى شبه الجزيرة مما وفر عاملاً جبرياً لهم على الإستقرار.
الثانى نتج عن إختراق السكك الحديدية لتلك المناطق ،
خاصة الخط الممتد عبر الزقازيق والتل الكبير والإسماعيلية إلى بورسعيد ، فقد أوجدت
هذه الخطوط درجة عالية من التواصل بين مناطق هؤلاء العُربان وبين بقية الجسد
المصرى مما لم يكن معه بد ، ومع مرور الوقت من الإندماج فى بقية هذا الجسد ، وكان
لكل هذه المتغيرات تأثيراتها على العلاقات القديمة بين السلطة المركزية وبين العُربان
مما شكل خطوة أخرى أتجاه مصيرهم ، بينما كانت سياسات حكومة القاهرة هى العامل
المؤثر الرئيسى فى أوضاع العُربان المصريين خلال النصف الأوَّل من القرن التاسع
عشر فإن المتغيرات السياسية والإقتصادية والإجتماعية خلال الربع الأخير من القرن
والتى تركت بصماتها على أوضاع هؤلاء هى التى صاغت سياسات هذه الحكومة حيالهم مما
تشهد به الأهرام .
من هذه السياسات ما ترتب على قيام الحكومة فى العاصمة
بواجباتها بحماية البلاد والعباد مما مس بشكل ظاهر توجهاتها حيال الع،ربان حماية
البلاد ظهرت فى تكوين الجيش الوطنى وما صحبه من سياسة تجنيد طالت بأيديها من خلال
نظام القرعة المصريين فى جميع أنحاء البلاد ومعلوم أن العُربان قد تمتعوا طول
الوقت بالإعفاء منها فيما سجله الأمر العالى الصادر فى 13مارس عام 1882م والذى جاء
فيه (أنه مراعاة للإمتيازات الممنوحة للعُربان من القدم رغبة فى توطنهم وتشويقاً
لهم فى رفاهية معيشتهم تبقى الإمتيازات الممنوحة لهم على حالتها بأن يعافوا من
القرعة العسكرية ، أما حماية العباد فقد تجسدت فى السياسات التى كانت تتبعها
الحكومة لصيانة الأراضى الزراعية من إعتداءات فيضان النيل المبارك ومن إحتمالات
إنهيار جسور النهر والترع ، وهى صيانة كان يتولاها أبناء الريف المصرى من خلال سُخرة
عرفت بالعونة ، كان العُربان بعيدين عن يده بحكم أنهم إستمروا يعيشون على هامش
الأراضى الزراعية ثم أنهم حتى بعد ما إستقروا وتملكوا مساحات من تلك الأراضى فقد كان أغلبها بعيداً عن
النهر خاصة فى الأراضى المستصلحة التى
عرفت بالأبعاديات .
وقد إستمر العُربان المصريون ينظرون إلى تلك الإعفاءات
بإعتبارها إمتيازات مقررة لا ينبغى المساس بها وهو ما ظلت تعترف به حكومة القاهرة
حتى أواخر القرن ، فقد إرتأت أنه مع تغير الأوضاع يمكن سحبها ، فيما حاولته إدارة
القرعة العسكرية وكانت الأهرام شاهدة عليه .
تذرعت السلطة المركزية فى العاصمة فى سعيها إلى إلغاء
إمتيازات العُربان بأكثر من حجة ، منها أن كثيرون من الأهالى يدفعون بعض دريهمات
للشيخ فيثبت للحكومة أنه من العُربان ، وبهذه الطريقة يتخلص من القرعة العسكرية
وخفارة النيل وغيرها مما أعفي منه العُربان ، ومنها تجرؤ (الرعاع من العُربان على
عدم الإكتراث
بسلطة الحكومة وبلغت الوقاحة من بعضهم مبلغاً أضحوا معه يحتقرون كل عظيم ويسيئون
الأدب مع كل إنسان) .
وكان وجه المؤاخذة للمشايخ هنا أنهم قد عجزوا عن الإمساك
بشكيمة هؤلاء العُربان الرعاع ، فإذا كانت ثمة دلالة يمكن أن تستخرج من الذرائع
الآنفة فهى أن عُربان مصر قد إنخرطوا فى المجتمع ريفى أو حضرى إلى الحد الذى تراءى
معه لحكومة القاهرة أنه يمكن أن يخضعوا لما يمكن أن يخضع له بقية المصريين ، لعل
الخبر الذى نشرته الجريدة يوم 25 يوليو عام 1893م والذى يفيد بأن حكمدار المديرية
قد توجه إلى الفيوم لحضور اللجنة المشكلة من عُمد ومشايخ العُربان للنظر فى إلحاق
أنفار كل قبيلة للمشيخة التابعين لها وجمعهم فى نقطة ، يكشف عما أصاب هذه القبائل
من تبعثر وما رأته السلطات شرود أمن أبنائها وفيما نراه إندماجاً فى بقية الجسد
المصرى .
نأتى بعد ذلك
إلى الشكوى التى تقدم بها العُربان المقيمون فى جوار بورسعيد عن منع السلطات لهم
من الدخول إلى المدينة لمزاولة تجارة البلح التى إعتادوها فيها ، ومع أن المحافظ
وافق على دخولهم إلَّا أن ما يعنينا هنا تلك الصلة الجديدة مع أبناء المدن التى
تحولت مع مرورالوقت إلى إستقرار وإندماج وإنفصال عن بقية القبيلة ، ونصل أخيراً
إلى الظلامة التى رفعها مشايخ العُربان فى المطرية على العراقيل التى تبثها وزارة
المالية أمام أعمالهم فى مصايد بحيرة المنزلة والذين ختموها بقولهم (أنه لابد أن
يجرى الإنصاف فى مجراه وإلَّا فيصدر مظلوم باشا منشوراً يعلم فيه القطر المصرى أنه
مادام ناظراً للمالية فلا عمل لها إلَّا جباية أموال عباد الله وهضم حقوقهم وسلب
فقيرهم وضعيفهم والسلام) الأمر الذى يقدم دلالة
أخرى على مزيد من الإندماج فى المجتمع المصرى وكان مجتمع الصيادين هذه المرة .
ونرى أن هذا الإنخراط قد حدا بالحكومة المركزية إلى
إعادة صياغة سياساتها تجاه العُربان فى جانب منه بحرمانهم من إمتيازاتهم ليصبح
شأنهم شأن بقية المصريين وفى الجانب الآخر
بتطبيق النظم الإدارية التى تطبق على سائر المصريين عليهم ، وهو ما قاومه العُربان
بشدة ، ومع نجاح القاهرة فى تنفيذ جانب من سياساتها الجديدة فإن تلك المقاومة قد
أدت إلى إرجاء التنفيذ فى جانب آخر .
طريق الهوى ترقيق وتنميق([8])
فى سنة 1924 ألغى مجلس الشورى إمتيازاتهم التى كانوا يتمتعون بها من عهد
محمد على وهى : الإعفاء من الجندية ومن القيد بسجلات المواليد ومن الضرائب ومن
الإحتكام إلى قانون الدولة ، فتوجة سليمان بن خيرالله الدجن إلى سعد زغلول رئيس
الوزراء وألقى الخطبة الآتية بين يديه : أيها الأمير ، قصدتك وفود العرب تنسل من
كل حدب ، لما نالها فى هذا الزمان الطلب ، وهم من سُليم بن منصور وتغلب بن وائل ،
ومن بنى هاشم الفطاحل ، ومنهم من بدوأفريقيا ، ليعرضوا ظلامتهم نثراً وشعراً ، أما
الشعرعندنا فطريقان : طريق الهوى وهوترقيق وتنميق ، ، وطريق الغيظ وهو هذا نسوق
معانيه فى خشونة قوافيه ، كمنا نسوق الفنق (الإبل) الغضاب ، نضربها لتصعد الصعاب ،
وتنحدر برؤسها إلى الهضاب ، فإسمع ما أخالك إلَّا سامع ، لما نفهمه فيك أنك أكبر
مقُارع ، غير هيَاب فى ظلمات المعامع :
يا عيس إن شطت المزار وأبرقت *** فى وجهك
القفراء والخضراء
وتــــــــــعثرت طرقاتها وتعثلمت ***
وجرت عليها طمـــــــة الإعفاء
ميلى
إلى (سعد) العلا وجنـــــابه *** تجدين
منه ذروة وحمـــــــــاء
رجل
عصامى لا يناظر فضلـــــه *** لا تدخره
الحجة الجوفــــــــــاء
وأذكريه
بفضله وبحزمــــــــــــه ***وبأننا لا نألف الضيمــــــــــــــاء
قولى له
يا (سعد) إن حماتنــــــا ***طالبون منك توضحاً وجـــــــلاء
هل ترضى
يا (سعد) وانت عميدنا ***أن نُستذل وتدخـــــــــل السفراء
ما حالهم
جلسوا على أتخاتهــــــم ***حتى تناجوا نحونـــــــا وتراءوا
هل
أكملوا ما كان ينقص مصرنـا ***لم يبق غيرالإمتياز فــــــــــــداء
ماذا ترى
فى عصبة قد أجمعــــوا ***فى نفسهم حقدا لنا وعــــــــداء
نحن
يُعيَّرنا (البلاغ) بأننـــــــــــــا ***قوم على جهل بها وغبـــــــــاء
هل نجهل
الحرب التى هى فخرنـــا ***هل ننسى خدعتها وعظم ودهاء
للحرب
مجد قد ورثنا علمهـــــــــا ***من جد يتلو جـــــــــــــد والآباء
للتل لا
رحنا ولا كنا بهــــــــــــــــــا ***بل كان ما سموهمو (النظماء)
بل فإسال
النظماء عند هزومهــــــم***فى ليلة ظلماء قل دهمـــــــــاء
لا شيئ
ازعجهم سوى خلواتهــــا ***والريح تضربهم بذى الوهماء
بل كان فى
(كنجى) مرابض جيشنا *** هل فيه منفذ تدخل الأعــــداء
نحن (العلايا)
مجدنـــــــــا متسلسلاً***يبنى إلى (العقار) فيه بنــــــاء
أبقى الزمان
عوائداً مالوفـــــــــــــةً ***الضعف يقوى إذ يحك صـــداء
أنظرإلى
(شارل) و( تاشفين) ثووا** فى الشرق والغرب الجميع سواء
ثلث
عروشهم وإنثنت بملوكهــــــا ***والبغى أنزلها إلى البرحـــــــــاء
فى
(الشام) لما حوصرت أجنادنــا ***ودعانا (إبراهيم) للهيجــــــــــاء
قمنا على
الجرد القوارح نبتـــــلى *** أغوارها وجبالها الوعــــــــراء
كم كان فى
السودان منا ضيغـــــم *** لولانا ما فتحت ولا صحــــــراء
شهادة إعرابية
نموذج
شهادة إعرابية لشيخ العرب المرحوم/ عبدالعزيزقويطة صميدة الطحاوى عام 1943
[1]ـ جرنال المؤيد، العدد 1947، 19 أغسطس 1896م، الأربعاء 10 ربيع
أوَّل 1314هـ، إمتياز العُربان.
[2] ـ كان للعرب عمدة : عمدة
العرب ، وللأهالى عمدة إدارى خاص بهم ، فكن العرب يرون أن عمدة العرب تحت إدارة
عمدة الناحية .
[3] ـ هذا يوضح أن محمد على باشا من سعى إلى قدومهم من البحيرة إلى الشرقية بغرض الإستفادة منهم وقد قاموا بكل ما كلفهم به وبالتالى هم يرون إن الإمتياز حق وأجر لما قاموا به .
[5] ـ جرنال المؤيد، العدد 1953، 26 أغسطس 1896م،
الأربعاء 17 ربيع أول 1314هـ، مسألة العربان، الرسالة الثانية.
[6] ـ جرنال المؤيد، العدد 1955، 29 أغسطس 1896م ،20 ربيع
أول 1314هـ، مسألة العربان، الرسالة الخامسة.
3 ـ محمد محمود زيتون، إقليم البحيرة صفحات مجيدة من الحضارة
والثقافة والكفاح، ص 321، دار المعارف بمصر 1962م.
[7] ـ ترابين وتياها: كما موضح في
خلاف بين الخديو عباس والطحاوية نزحوا إلى الشام كعادتهم حيث لهم هناك أطيان ودوراً
، وعند دخولهم فلسطين وفى راحة لهم طنب عليهم التياها ضد الترابين فإنتصروا
للتياها وأكملوا رحلتهم ، مذكورهذه الحرابة بإسم (حرابة عودة وعامر) ـ راجع كتاب
بيرالسبع وعشائرها للقائم مقام عارف العارف .
[8] ـ محمد محمود زيتون ، كتاب إقليم البحيرة ص 324/325 ، 1962، دارالمعارف ، مصر .