ـ صدرَ الأمرُ العالي بتاريخ 28 نوفمبر عام 1904 بإحْراز وحمْل السلاح
، والصيدُ ليس هو الصيدَ الجائر، فهُم يصيدون الصقر، ثم يَصيدون الغزالَ بالصَّقر,
وكذلك الأرنبَ بدون البنادق، وصيدُ ما أحلَّ الله. أمّا البنادق فهي للإقْتناء
والزِّينة فهي مِن مُقتنيات النُّبلاء، وعليه تمَّ إستخراجُ الرُّخَص، ولكنْ
لأسبابٍ يقدِّمها صاحبُ التَّرخيص، فهي إمّا للدِّفاع عنِ النَّفس والذوْدِ بها عن
المالِ والأنعام وخلافِه، أو أخرى تعطَى لأشخاصٍ لا مصدرَ للرِّزق لهم غير صيدِ
الطيور المُهاجرة, وذلك لبيعها والتعيُّشِ منها, ولذلك سُمِّي ترخيصًا للتعيُّش،
ثمَّ رخصة الصيد, والغرض منها صيدُ البطِّ في البِرَك والنوادى , وهذه من الرياضات
المعروفة التي تتبع الأندية، وربَّما يحتاج الترخيصُ في بدايته خطابَ عضويَّةٍ
بأحد النوادي، وهناك تموينٌ من الذخيرة خلال العام يُصرَف لكلِّ صاحبِ ترخيص حسبَ إحتياجاتٍ
حدَّدها القانون.
ـ مِن عاداتِ الطَّحاوية التي
لاحظْناها في القرن الماضي كلِّه أنْ لا بدَّ لكلِّ شابِّ بعد زواجه بندقية وفرس
وربما مسدس- طبنجة أيضًا، وتختلفُ البندقية من عيارٍ لآخر، الخرطوش من عيار 16 أو
عيار 12، ومنها الرصاص كالميزرـ الموزر والإنفيلد الإنجليزي، ومنها بنادق كانتْ
على شكل عَصاة، وقد تجد مَن على رخصته نحوَ خمس قطَع ما بين ميزر وخرطوش ومسدس،
وقد ظهرَ في بداية القرن الماضي من الأسلحة البدائية (قرابانة), وهذه تعمل بالدخير
والحشوة.
رافقَ كلَّ هذا مِن أدوات الصيد الضرورية للبنادق
حزامُ خرطوش أو رصاص, وله أشكال مختلفة تتجلَّى فيه الزينةُ والفَخامة، وتُحاكُ
مِن أرقَى أنواع الجلود ونسيجِ الحرير الطبيعى, منقوش بالعلم الملكي المصري, وبِه جيوبٌ صغيرة وعديدة،
وأيضًا جَرَبَنْديَّة- مِخْلايَة، لحمل الخرطوش وهي قماشُ المشمَّع الثقيل, وبها
جيوبٌ خارجية, وتعلَّق في الكتِف, وتختلف أشكالُها وأحجامها وإحتياجاتُها.
ويجبُ أن ننوِّه هنا أنَّ إقتناءَ البنادق-
وخاصَّة القيِّمة منها- هوايةٌ وغريزة عند البعض حتى لاحظْنا بنادقَ جاءت
لأصحابِها من فرنسا خصِّيصًا, ومكتوبًا عليها أسماءُ أصحابها بالذهب، تأتي في
صندوق فخم مزوَّد بكلِّ أجزاء البندقية, كلُّ جزءٍ له مكان, بالإضافة إلى أدوات
تنظيف وصيانةِ البندقية، وهناك ما جاءَ في شكل إهداء مثلَ بندقية صاحب العزّة/
السعدي بك بشارة الطَّحاوي وغيرها.
كلُّ هذا الرخاء إنْ دَلَّ فهوَ يدلُّ على عصرِ
رخاءٍ وإستقرارٍ وعِزّ، وأيضًا لا يفوتُنا أنْ نذكر أنَّ الضيوفَ الأجانب
والمندوبَ السامي البريطانى وإهتمامَ الطحاوية بالخيل وبِسِباق الخيل الذي فتحَ
لهُم في ذلك الوقت بوابةً ضخمةً من العلاقات والثقافات نتيجة لكلِّ هذه العلاقات؛
كلُّ ذلك أضفَى على الهواية ومقتنياتِها زخمًا رائعًا, وخاصَّةً أنَّ كثيرًا من
هؤلاء الأجانب كانوا يشاركونهم رحلاتِ القنْص وصيدِ البِرَك، فكانوا ينصحونَهم
بأجودِ أنواع الأسلحة, ويساعدونهم في إستيرادها ويسهِّلون لهم إجراءاتِ التَّصاريح
والتجديد وهكذا.
وهناكَ تفسيرٌ آخرُ لضرورة إقتناءِ البندقية
الخرطوش حتَّى لو كانت رخصتُها لغير الصيد؛ حتى بعدَ عام 1950؛ فربَّما توارث
العربُ مبدأ (الفرس والبندقية), والذي تجلَّى معناه في قانون إمتياز العُربان، حيث
لم يتمّ تجنيدُ العُربان في القرن التاسع عشر شريطةَ أن يتمَّ إستدعاؤهم وقتَ الحرب,
وفي المهمَّات القتالية, بإعتبار أنَّهم مدرَّبون بالفطرة، ومعهم سلاحُهم, فأصبح
محمد علي ومَن خلفَه مِن أولاده في الحكم يعتبرونَ أنَّ البدو قواتٌ مدرَّبَة
مجهَّزة ومستعدَّة في أي وقت، أي جنود غيرُ نظاميّين، وإستمرَّ الحالُ على هذا
النحو حتَّى بعدَ إستقرار البلاد والكفِّ عن الحروب, فصارَ إقتناء السلاح ضربًا من
التراث.
ــــــــ
ــ على قارئنا العزيز أن يلاحظ هذه التصاريح
وأوراقها التي بدأت منذ العام 1924 بتصريح الشيخ / بشارى سعود الطحاوي، ولابد أن
يكون هناك أوراق أخرى قبل تاريخ 1924 لم تصل إليها أيدينا ، ولكن ما تم جمعه هو
قليل من كثير كان يمُنح لهؤلاء الشيوخ خلال العام لممارسة هوايتهم المفضلة فعلينا
أن نلاحظ الآتي:
1 ـ كانت التصاريح تحرّر على أوراق أشبه بأوراق البنكنوت
وبصيغة محترمة وتشمل الصفحة الواحدة كل البيانات وأيضاً بالآلة الكاتبة وباللغة
الإنجليزية مع العربية .
2 ـ كان موضح الغرض من التصريح (صيد ذكر الغزال بالصقر)
وفى نهاية الأربعينيات ظهرت تصاريح يحرّم فيها صيد الغزال ، إلاّ أن وبإتفاق ودّي
مع جلالة الملك ممكن صيد غزال واحد لكل رحلة كما ذكر العمدة / محمد بك سعود
الطحاوي ، في حديثه لجريدة الإثنين عام 1949 كما موضَح في موضوع الصقور.
3ـ أصبحت التصاريح تحرّر بالريشة ثم بالقلم ويختلف الحبر
فيها والصفحة الواحدة لا تكفى كل البيانات .
4ـ بعد عام 1952 ظهرت الصور الشخصية الموضحة على
التصاريح لصاحب التصريح مكشوف الرأس بدون
العقال والعمامة على خلاف ما كانت عليه الأمور قبل هذا التاريخ ، الأمر الذي كان
يعطى للهواية شكلها التراثي العظيم ، والوضع
الجديد أصبح لا يفرّق بين أصحاب الهواية الأصليون وغيرهم .
5ـ وضح من المذكرة المرفوعة من الشيخ/ نورى معاون صميدة
الطحاوي، بتاريخ 7/12/1966 إلى اللواء وكيل وزارة الداخلية ، ووضح فيها توقف
التصاريح ، ولم يعد تصريح بمزاولة هواية
ولكن أصبح تصريح بزيارة منطقة ممنوعة بغرض الفسحة والصيد والرياضة.
6ـ وضح بجلاء إصرار عرب الطحاوية على إستمرارهم بممارسة
الهواية حتى نهاية القرن العشرين رغم ضعف الإمكانات التي كان الشيوخ يخصصونها لهذه
الهواية من قبل .
ـ أيضاً محلات السلاح المشهورة مثل محل يوسف بوندى والذى راح يوزع الكتالوج
الخاص به ، وهذه المحلات كانت تستورد السلاح لصاحبه الذى كان يكلفهم به ويقع
الكتالوج فى 71 صفحة .
ـ وضح إهتمام الأسرة الحاكمة بمصروكذلك السياسيين والمندوب السامى والسفراء
والأجانب الذين يزورون مصرإهتماماً بالغاً بحبهم للهواية وتشجيعاً للتراث المصرى
الذى وفره العرب داخل مصر، وكذلك الكثير من تراث الخيول العربية سواءً فى مهرجانات
الفروسية أو سباق الخيل ، وبدا كل هذا الزخم يتقهقر بعد منتصف القرن الماضى .
ـ للإستزادة عن مواضيع الصيد والقنص وأوراقها وصورها ينصح بقراءة كتاب ـ بدو الطحاوية فى إقليم الشرقية ، عادات وتقاليد فى الصيد والقنص الجزء الثانى 2022 .من خلال الرقم التالى بالواتس 01092609019