قراءة فى مخطوط كامل الصناعتين
ولدنا
وتربينا ويفعنا فى مرابط الخيل نركب أناء
الليل وأطراف النهار وندرب ونقوم بتوليد الخيل ونتنقل بها من مربط إلى آخر ونتفاخر
بأنسابها وألوانها وبحجلها الميمون وغررها السابله ، ونتغنى بها فى أفراحنا وأتراحنا ، وعلى ظهورها حملنا السيوف تارة والبارود
تارة أخرى .
ومذ
كنت على أدراج الشباب وأنا أسمع فى أوساط
الخيل ومن ُسّمار حديثها وأسمع من والدي
بأن جدي لوالدى لديه كتاب عن الخيل يعالج بالأعشاب والكي – ولولعي بالخيل شغفت كل
الشغف فقط بأن أري هذا الكتاب ، ولكن هيهات بيني وبين جدي كيف يتاح لى ذلك ؟ هناك
مساحة واسعة من الإحترام والهيبة تمنعنى .
حتى
آل إلىّ هذا الكتاب بعد عشرات السنين من
المراس مع الخيل فضممته إلى صدري وكأنى
حزت فرساً عربياً أصيلاً ومعه نسبه العريق ، وضممته إلى صدري مرة أخرى وتنفست
الصعداء وحمدت الله أن وقع فى يد أمينة وفى يد من يستحق .
فعرضت
الكتاب على إبن عمى أستاذ التاريخ – إ.د / حاتم الطحاوى ، ليراه ويصور لى نسخة للإستعمال وأقوم أنا بحفظ هذا المخطوط العظيم ، فعاد
بنسخة مصوره وما هو أهم من ذلك ، بأنه علىّ
أن أقوم بتحقيق هذا المخطوط .
وأنـَى
لى أن أقوم بهذا العمل وأنا لا حول لى ولا قوة فى هذا الشأن ، ولكنه جزاه الله خيراً ، هونّ علىّ وشرح لى
طريقة العمل ، وبارك الله فيه ذودني بكثير
من الكتب والمعاجم وبعض الكتب المحققة فى
مجالات أخري .
وكذلك
إعتمدت على ما تحتوى عليه مكتبتي البسيطة من كتب فى التاريخ والأدب وبعض الكتب عن
الخيل وتوكلت على الله وبدأت العمل .
وإذ
أنا أمام مخطوط عظيم كتاب الخيل كما كان
يسميه جدي " كامل الصناعتين فى
البيطرة والذردقة المعروف بالناصري " بحق كتاب عظيم لا يترك صغيرة ولا كبيرة
فى الخيل إلا وأتى بها .
ولما
رأيت أن المخطوطات العربية تعتبر رافداً هاماً للباحثين والمتطلعين . حيث تنقل لنا
وبكل يسر ثقافة تلك الشعوب التى كتبت فيها ، وأحوال تلك المجتمعات بشتى مناحيها ،
حيث تمكن الباحث والمدقق من إنجاز عمل كامل عن شريحة من ذلك المجتمع ، تماماً كما
تساعدنا رسومات المستشرقين فى التعرف على الريف وسكانه وعاداته وهواياته فى تلك
الحقبة التى رسمت فيها ، فقد ظهر فى كثير من رسومات المستشرقين ما يوضح رحلات
القنص بالخيل والمعارك وكذلك القوافل مما يمكن الباحث من التعرف على أحوال تلك
الشعوب وأزيائهم ، ويحاول أن يربطها بما تبقى من تلك العادات بالحاضر. وعندما
بزغ منهج التحقيق هرع المحققين كلً من وجهته إلى أضابير المكتبات بحثاً وتنقيباً
عن المخطوطات التى يرى أن مجتمعنا الحالى فى حاجة للمعرفة بها . هناك مخطوطات فى
الطب وكذلك فى التاريخ والأدب وكثير من العلوم ، وأيضاً فى البيطرة ، وهناك تباين
بين الباحث الذى يهتدى إلى مخطوطة بحثه يحصل عليها من إحدى المكتبات ، وأن تكون
المخطوطة موجودة بالفعل فى مجتمع معني تماماً بكل ما تحويه المخطوطة ، هنا بيت
القصيد ، مجتمع عربى معني تاريخياً بتربية الخيول العربية وإنتاجها والحفاظ عليها
عبر قرون لا تنقطع فيها هذه الهواية عنهم ، لا شك أنهم أوجدوا منهجاً ترعرع معهم
عبر السنين فى تربية الخيل وسياستها وعلاجاتها . حديث الخيل وسلالاتها ومصادرها
وطرق إرتباطها والعناية بها كانت ولازالت حديث هذا المجتمع (بيت المخطوطة) . عندما
بدأنا بتوثيق كل ما يتعلق بهذا المجتمع البدوي من عادات وتقاليد وتاريخ ومأثور شعبى
كانت أمامنا هذه المخطوطة موجودة فى مرابط الخيل لا بالورقة والقلم ، ولكن
بأذهاننا محفوظة عبرالسنين ، وعند مراجعتنا لتاريخ هؤلاء العرب (الطحاوية) من خلال
الوثائق لم نجد منهم من كان يجيد القراءة والكتابة فى ذلك الوقت إلا النذراليسير،
وجميعهم يحملون أختام تواقيع وبدا ذلك جلياً فى ُجل وثائقهم ، إذاً من أين جائتهم
ثقافة هذا المخطوط فى ممارساتهم مع خيلهم ، أو أن يكون المخطوط إستقى مادته منهم .
هناك أيضاً تباين أخر بين ماهية محقق هذه المخطوطة إذا كان باحثاً يبحث عن مخطوطة
، أو كان هذا الباحث من مجتمع الخيل ومن
أصحاب هذه المخطوطة وممن يمارسون ما بها ، ولكن بوعى وثقافة جعلته يكتشف وبالسليقة
علاقة قبيلته بهذه المخطوطة ، فشرع يبحث فيها ويعيد قرائتها ويدقق ويبحث فى
صفحاتها .
ـ إتضح لى فيما بعد : أن هذه النسخ كانت تأتى
لعربنا من الشام وتم ذلك إما من خلال
رحلات العرب إلى تلك البوادى فى القرن التاسع عشرحيث ربيع الجواد العربى الأصيل
ومنبته ، ولما توفر لجماعتنا من علاقات مع عشائر الشام مثل (عنزة ، شمر، طى ، صخر
، رولا) وغيرهم ، فمن هذه البقاع الجميلة كوَنوا عرب الطحاوية مرابط خيلهم ، وكانت
هناك كثير من الزيارات المتبادلة والتى نتج عنها كثير من العلاقات الطيبة ، أيضاً
كان هناك طريق دائم بين جماعتنا وبادية الشام أشبة بطريق الحرير حمل هذا الطريق
كثير من الثقافات المختلفة التى أثرت مجتمعنا بكثير من العادات والموروث فنتج عن
ذلك مثل هذا المخطوط الذى أحضروه من هناك وكان الناسخون من حمص وحماه .
ـ إتضح لى أيضاً :
إن
هذا الكتاب هو أقرب كتاب لنا فى كافة مرابطنا فى ممارساتنا فى تربية الخيل
وتوليدها وعلاجاتها ، ولم يمرُرعلىّ من قبل كتاب بهذه الدقة والشمول ، والحميمية
التى بيننا وبينه .
للأمانة وللتدقيق وجب علينا أن نشير هنا أنه كثير من المصطلحات الواردة فى المخطوط كان
سهل علينا نحن أصحاب الخيل إستيعابها حيث بقيت لهذا الوقت مستخدمة مما زاد من
الألفة التى بيننا وبين المخطوط إلا أن فى زمن كتابة هذا المخطوط لم يكن عرب
الطحاوية وقبائل المغاربة التى منها قبيلة الهنادى أصل عرب الطحاوية قد نزلوا
القطر المصرى بعد ، بل نزحوا إلى مصر قادمين من إقليم برقة فى نهاية القرن الثامن عشر، ومن المعروف أن
قبائل المغاربه هؤلاء يعودون إلى (السعادى والسلالمة) والذين تنتهى جذورهم إلى
القبيلة الأم (بنى سُليم) .
ولكننى
لما تأكد لى أن المخطوط من عصر السلطان الناصر محمد بن قلاوون ، وقد ذكر أن
السلطان كان يشترى خيله من البدو وذكر ـ آل فضل ومهنا ـ وبعد البحث والدقيق تبين لى أن هؤلاء العرب من
قبيلة الموالى التى تسكن سوريا ، فأصبح من المؤكد لى أن المؤلف وكذلك نحن أرباب
الخيل كنا نستقى كل ما يتعلق بالخيل من ممارسات وطرق تربية من نبع واحد وخاصة أن ـ
آل فضل ومهنا ـ إستمر إسمهم حتى عصرنا الحالى بإسم (الفضول) ، فأصبح ليس من المستغرب
بالنسبة لى أن أجد تلك الحميمية التى بيننا وبين هذا المخطوط وخاصة أن جُل القبائل
العربية لم تكن على قدركاف فى القراءة والكتابة وجُلهم يحملون أختام تواقيع ، فمن أين
أتت لهم ثقافة هذا المخطوط . وأن عشائر الشام ممتدة ومنتشرة فى سائر جزائر العرب
عامة فقد عمت هذه الثقافة وإستمرت ، وفى منتصف القرن التاسع عشرعمد عرب الطحاوية
على تدعيم مرابطهم من هذه البقاع فكانت الخيل وتبعاتها الجميلة المتوارثة عبر قرون
عديدة .
ـ تحدث
المخطوط عن ربيع الخيل وخريفها وعن بواطن
الخيل وظاهرها وجدت أننا نربي خيلنا من داخل صفحات هذا الكتاب ومنذ عقود طويلة وقبل
أن نعلم ما بصفحاته . ولذا كنت أشعر بسعادة غامرة وشغف عارم ، وأشعر أننى أعدو تجاه أوراقي وأقبل عليها بنهم . وأتمنى من الله أن يمُد فى عمري حتى أري هذا الوليد (الفلو) وهو يخرج للحياة باسماً مشرقاً يستفيد منه كل باحث و صاحب خيل وهاوً وخيـّـال .
أن نعلم ما بصفحاته . ولذا كنت أشعر بسعادة غامرة وشغف عارم ، وأشعر أننى أعدو تجاه أوراقي وأقبل عليها بنهم . وأتمنى من الله أن يمُد فى عمري حتى أري هذا الوليد (الفلو) وهو يخرج للحياة باسماً مشرقاً يستفيد منه كل باحث و صاحب خيل وهاوً وخيـّـال .
كلمــة
فى الجــواد العــربي :
تعتبر
الخيول العربية بالنسبة إلى كل عربي هى عدته وعتاده ، وهى عزوته وزاده ، ولا ننسي
أن أول حصان عربي سُمي ( زاد الراكب ) ومنه تسلسلت كل
الخيول العربية على وجه الأرض .
الخيول العربية على وجه الأرض .
كانت
العرب ترتبط الخيل فى الجاهلية والإسلام معرفة بفضلها وما جعل الله تعالى منها من العز وتشرفاً بها وتصبر على المخمصة واللأواء وتخصها
وتكرمها وتؤثرها على الأهلين والأولاد ،
وتفتخر بذلك فى أشعارها وتعتده بها .
فلم
تزل على ذلك من حب الخيل ومعرفة فضلها حتى بعث الله
نبيه (ص) فأمره الله بإتخاذها وإرتباطها فقال ( وأعدوا لهم ما إستطعتم
من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) فإتخذ رسول الله (ص) الخيل فإرتبطها وأعجب بها وحض عليها وأعلم المسلمين ما لهم فى ذلك من الأجر
والغنيمة ، وفضلها فى السهمان على أصحابها فجعل للفرس سهمين
ولصاحبه سهماً .
نبيه (ص) فأمره الله بإتخاذها وإرتباطها فقال ( وأعدوا لهم ما إستطعتم
من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) فإتخذ رسول الله (ص) الخيل فإرتبطها وأعجب بها وحض عليها وأعلم المسلمين ما لهم فى ذلك من الأجر
والغنيمة ، وفضلها فى السهمان على أصحابها فجعل للفرس سهمين
ولصاحبه سهماً .
فإرتبطها
المسلمون وأسرعوا إلى ذلك وعرفوا ما لهم فيه ورجوا عليه من الثواب من الله ( عز
وجل ) والتثمير فى الرزق .
ثم
راهن عليها رسول الله (ص) وجعل لها سبقة وتراهن عليها أصحابه وجاءت الأحاديث متصلة
عن رسول الله (ص) .
حدثنا
الأسدي ، قال : حدثنا محمد بن صالح ( بن النطاح ) ، قال : قال هشام بن محمد :
فحدثنا إبراهيم بن سليمان عن الأحوص بن
حكيم عن أبيه عن جبير بن نفير عن عبدالرحمن بن عائد الثمالى قال : قال رسول الله (ص)
: الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة ، وأهلها معانون عليها ، فإمسحوا
نواصيها وإدعوا لها بالبركة .
وحدثنا
الواقدي عن عبدالله بن عمر عن سهيل بن أبي
صالح عن أبيه
عن أبي هريرة ، قال رسول الله (ص) : الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها ، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة ،
عن أبي هريرة ، قال رسول الله (ص) : الخيل معقود فى نواصيها الخير إلى يوم القيامة وأهلها معانون عليها ، والمنفق عليها كالباسط يده بالصدقة ،
أول
من ركب الخيل وإتخذها إسماعيل بن إبراهيم ، وأول من تكلم بالعربية الحنيفية التى
أنزل الله قرآنه على رسوله بها . قال : فلما شب إسماعيل أعطاه الله القوس ، فرمي عنها
، وكان لا يرمي شيئاً إلا أصابه فلما بلغ أخرج الله له من البحر مائة فرس فأقامت ترعي بمكة ما شاء الله ، ثم
أصبحت على بابه فرسنها وأنتجها وركبها .
وكان
داوود نبي الله يحب الخيل حباً شديداً فلم يكن يسمع بفرس يذكر بعرق وعتق أو حسن أو
جري ، إلا بعث إليه . حتى جمع ألف فرس ، لم يكن فى الأرض يومئذ غيرها ، فلما قبض
الله داوود ، ورث سليمان ملكه وميراثه وجلس فى مقعد أبيه ، فقال : ما ورثني داوود مالاً أحب إلىّ من هذه الخيل
، وضمرها وصنعها .
ويقال
أن سليمان دعا بها ذات يوم ، فقال : إعرضوها علىّ حتى عرفها بشياتها وأسمائها
وأنسابها قال : فأخذ فى عرضه حين صلي الظهر
فمر به وقت العصر وهو يعرفها ، ليس
فيها إلا سابق رائع ، فشغلته عن الصلاة حتى غابت الشمس وتوارت بالحجاب ثم إنتبه
فذكر الصلاة وإستغفر الله وقال : لا خير فى مال يشغل عن الصلاة وعن ذكر الله !
ردوها ( وقد عرض منها تسعمائة وبقيت مائة ) فرد عليه التسعمائة ، فطفق يضرب سوقها آسفا
على ما فاته من وقت صلاة العصر ، وبقيت مائة فرس لم تكن عرضت عليه ، فقال : هذه
المائة أحب إلي من التسعمائة التى فتنتني عن ذكر ربي فقال الله (ووهبنا لداود
سليمان نعم العبد إنه أواب ) فلم يزل سليمان معجباً بها حتي قبضه الله . وأخص
هنا عند حديثي عن الخيل الجواد العربي
الأصيل ذو الأنساب العريقة .
أحبوا الخيل وإصطبروا عليها فإن العز فيها والجمالا
إذا مالخيل ضيعها أنـــاس ربطناها فأشركت العيالا
نقاسمها العيش كل يـــوم ونكسوها البراقع والجلالا
شعرعبدالله بن عباس ، رضى الله عنه
ـ قال مؤلف كتاب الحيوان : ( الفرس من طبعه الزَهوُ فى المشي ويحب
سائسه ويعجبه راكبه ، ولا يحب الأولاد ، وهو غيور
، ويعـرف المصيبة ) وذكرالأصمعي ، أن رجلاً معتوهاً جاء إلى
عمرو بن العلاء ، فقال : يا عمرو ، لما سُميت
الخيل خيلاً ؟ فبقي أبي عمرو وليس عنده جواب ، فقال لا
أدرى ! قال الرجل : لكني أدرى ! فقال :
علمنا نعلم ! قال : لإختيالها فى المشي ، فقال أبو
عمرو لأصحابة بعد ما ولى الرجل : إكتبوا الحكمة وإرووها عن معتوه .
* من كتاب الملك الرسولى على بن داود ( 706 - 764 هـ
) الأقوال الكافية والفصول الشافية فى الخيل " تحقيق يحي وهيب الجبورى ،
طبعة دارالغربى الإسلامى ، بيروت ( 1987م ، ص 84 - 86 " ) وهذا الكتاب كتبه
رجل متيم بالخيل حكم اليمن من سنة ( 721 - 764 هـ ) ، وفى معرض حديثه عن
الآية الكريمة "
زُين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطيرالمقنطرة من الذهب والفضة والخيل
المسومة والأنعام والحرث " حيث يرى أنه من جمعت له هذه الأصناف الستة التى
زُين حبها إليه ، إذا ركب الخيل ألهته عن سائر ما بقي منها ، ولا يجد شيئاً
من سائرها يلهى عن الخيل ، فهوتطيب نفسه بإنفاق الذهب والفضه وغيرها على الخيل ،
وربما أجهد نفسه فى الحرث وإكتساب الأنعام لأجلها . أما النساء فإنا نرى الرجل (
اللهج ) بهن المستهيم عليهن تقنعه منهن الواحدة ، فإن تيمه حبها وإشتد عشقها
، لم يطمح نظره إلى غيرها ولم يلتذ من النساء بسواها ، فإن طالت
مدته معها ملها وأعرض عنها ، والخيل ما يقنع الرجل منها بالألوف ، ولا
يلهو ولا يغرى عنها ، ولا يلهو بواحد دون آخر ، وكلما كثرت عنده كثرإعجابه
بها ، وحرصه عليها ، ولذته من المرأه مقصورة على لذة ساعة ثم تسأم
وتمل ، وزينتها أيضاً مقصورة على نظره ، ومشاهدته لا يتجاوز إلى سوها
، ولا يباهى بها غيره ، ولا يناظر بها سواه ، بخلاف الخيل فإن اللذة
بها تتفرع إلى أشياء كثيرة ، منها المفاخرة بها ، والمغالبة عليها ،
وقهرالأضداد ، وإدراك الثأر ، وإرهاب العدو ، والمحاماة على النفس والنفائس
، والقوة فى الحروب وغيره ، كلذة الصيد والسباق ، ألا ترى
إلى الرجل إذا سبق فرسه كيف ترى فيه الإبتهاج ، ويظهر فيه من
السرور ما لا يقدرعلى كتمه ، وأما البنون ، فإن الولد وإن
كان ثمرة قلب أبيه ، فإنه قد يسأل منه الفرس الواحد من سائر خيل
كثيرة ، فيضن به عليه ، وهو يسمح له بما سواه من نفائس
الأموال بأضعاف ثمنه .
ـ وكما قال مؤلف كتاب الحيوان أن الخيل تعرف المصيبة ، فقد
مررنا بتجارب كثيرة من هذا الشأن فوجدنا الحصان الذى ينفق بعد وفاة صاحبة
مباشرة ، وكنا أيضاً عند وفاة أحد الشيوخ نجعل حصانه يشارك فى جنازته
مسحوباً حتى أول المقابر .
* وذكر فى كتاب ( أنساب الخيل فى الجاهليه والإسلام لإبن
الكلبى ) ، أن أطلال : ( من خيل قريش ) فرس بكير بن عبد الله بن
الشداخ الليثى ، وكان وُجه مع سعد بن أبى وقاص ، وشهد القادسية ،
فيزعم - والله أعلم - أن الأعاجم لما قطعوا الحسر ، الذى على نهر
القادسية ، ( وقد أحجم الناس عن عبور نهرها وخندقها
) صاح بكير بفرسه ( أطلال ) ، وقال : ،، وثباً أطلال ! ،، فإجتمعت ثم وثبت
، فإذا هى من وراء النهر فهزم الله به المشركين يومئذ . ويقال أن عرض
نهرالقادسية يومئذ أربعين ذراعاً ، فقال الأعاجم : هذا أمر من
السماء ! ( لاطاقة لكم به ) فإنهزموا . ( قال فى الأعرابى : يتحدث
الناس أنه يوم المداين قال لها : ( وثباً أطلال ) فإلتفتت إليه وقالت : ( أى وسورة
البقرة ) ! وفى الغندجانى أحجم الناس عن عبور نهرها وخندقها ( أى القادسية )
، فصاح بها : وثباً أطلال ، فالتفتت إليه وقالت وثباً ورب الكعبة ! . ومثل
ذلك فى البلقينى وفى ( لسان العرب ) : يزعم الناس أنها تكلمت لماهـربت فارس
يوم القادسية ، وذلك أن المسلمين تبعوهم فلما إنتهوا إلى نهر قطع جسره فقال
فارسها : ثبى أطلال ! فقالت وثبت ، وسورة البقرة .
ـ قصة عباس باشا والفرس ، وهذه القصة إحدى قصص العلاقة الحميمة
التى بين الفارس وفرسه . فقد ذُكرفى كثير من الكتب والروايات أنه لما عمل عباس
باشا على تكوين إصطبلات خاصة للخيول العربية الأصيلة . أوفد بعثة من طرفه إلى
الجزيرة العربية وعلى رأسها على باشا لتجمع له عدداً من الخيول العربية الاصيلة .
فكان من ضمن هذه الخيول فرس قد تم شرائها فى غياب صاحبها والذى كان فى الحج
. فقد كانت هذه البعثة تدفع أثماناً مضاعفة ، فرأى أهل بيت هذا
الرجل أن هذه البيعة مناسبة فباعوها لهم . وعندما عاد صاحبها من حجته
وعلم بما تم ،
أبى وإمتنع وإحتفظ بالثمن المدفوع فى الفرس وعقد النيه على الذهاب إلى عباس باشا
لإسترداد الفرس . وكان قد مضى نحو ستة شهورعلى هذه البيعة . ولما وصل عباس باشا
وطلب مقابلته ومثل أمامه ، سألوه حاجته فحكى له . فقالوا له إننا
إشترينا خيلاً كثيرة ولم نعد نعرف فرسك منهم ، فقال : إن لم تعرفنى هى فلا
حاجة لى بها ! فأمروا أن تطلق الخيل فى فناء واسع ، ودخل الرجل
على الخيل يلوّح بيده ويغنى ويهنهن بأهازيج لم يتعرف عليها أحد غير فرسه
، فجائته عدوًا من آخر الفناء تتمسح به وتتمايل عليه ، فكان لهذا
المشهد شديد الأثر على الحضور وعلى رأسهم عباس باشا ، فأمرله بها ولم
يقبل منه رد الثمن الذى كان قد دفعه فيها ، وطلب من صاحبها بنتاً من
بناتها فيما بعد .
ـ ليس هناك شك فى أن الحصان أصيل من سلالة نقية فرأسه
قصيرة نوعاً ما ويشبه قسمات رأس الغزال الهرمي
كأن الحصان يحركه لأعلى ويصهل صهيلاً متقطعاً عدة مرات بروح عاليه ، أما فمه ذو الشفه السفلي الصغيرة القوية فقد
تلاعب شرابات رسنة الذاهية وإنفراج عن أسنان عاجية براقة ، أما فتحتا الأنف
الكبيرتان الرقيقتان العريضتان تشبهان
رؤوس تويجات الزهرة أو صدفات وردية
رقيقة ، وفوق العينين السوداوين بأهدابها السوداء اللامعة الطويلة جبهة بارزة وعالية
كالترس ، ورأسه عريضة من الفكين وله فجوه
مقعرة لعظمة الأنف بكاملها وبذلك يتم التعرف على نسبه العريق ، وإنحناء القصبة
الهوائية ، يبلغ أوجه فى الحنجرة المقوسة الرائعة ، وتوصف الرقبة بشبه موجه
متطاولة ينساب منها العرف الحريري بموجاته البراقة ، أما أذناه الصغيرتان
المستقيمتان المتجهتان نحو الداخل فقد تراقصت مثل ( الزنبقات ) المهتزة فى الماء
الجاري وتراقص جسمه النحيل الرشيق كله
بقوة مطاوعة ، وصدره عميق مهيب وكتفاه المائلان يمتازان بحركة السباحة ، ظهره قصير
وعريض وواضح الإتصال ومثالى للسرج وعضلات العجز قويه وهى كما يقول البدوي الطحاوى
سر قدرته على التحليق والتوازن ، والذيل الطويل من الشعر الناعم الذى يرتفع بقوس
كامل ثم يسقط نحو الأرض كبرقع ثقيل يستدق حتى نهايته . نعم إنه زيل مشوال دلالة
على أصله ونقاء دمه ، والفخذان كفخذي نعامة نام العضلات وقوائمه خفيفة ولكنها قوية
ورشيقة ذات أرساغ مرنة طويلة قوية وحوافر سوداء صلبة كالصخر ، إنه متناسب ومتوازن
حتى الكمال ، لا هو بالكبير ولا بالصغير وهو فوق المتوسط شعره الحريري الناعم لامع
كالمرآه وأثناء النظر إليه لم أعد أستغرب لماذا سمي البراق الذى حمل الرسول (ص)
إلي الجنة .
صورة ذهنيه
للحصان العربى :
المخطم
رقيق ، طاقة الأنف مطاطة واسعة ، قصبة الأنف معتدلة غير بارزة وتجويف قصبة الأنف
للداخل DISHED
NOSE ، الجبهة عريضة بارزة
للخارج بشكل متناسق ، والعينان مستديرتان بارزتان كبيرتا الحجم ، تكاد تملآن قبضتا
اليد وبياضهما غيرمنظور ، فى وضع العين
الطبيعى وأهداب العين طويلة سوداء ، وتجويف ما فوق العين متناسب مع الجبهة والعين
ويكون موضع العين على الرأس متناسباً مع وضع الأذن والجبهة . وعظام الفك عريضة .
شكل الرأس وتدي وعضلات الخد بارزة ، والمسافة بين الفكين فى موضع الحنجرة عريضة
بالنسبة لمقاييس الرأس ، وزاوية الفك مرتفعة . أما الشفتان رقيقتين ، السفلى منها
مطاطة وأبرز من العليا ، والبارزة الوجنية تكون حادة مكسوة بجلد رقيق تظهر تحته
الأوردة الدموية واضحة . والأذنان وتديا الشكل ، منتصبتان ذاتا عضلات قوية ،
صيوانهما مكسو بجلد رقيق تبدو تحته الأوردة الدموية واضحة إذا إنتصبتا ضاقت
المسافة بينهما ، وبدت بينهما قمة الرأس بارزة وتتدلى منهما الناصية ، وكان
شكليهما أشبة بطرفى هلال حركتهما سريعة نشطة ، وطوليهما متناسق مع حجم الرأس ، قصير فى الذكر طويل نوعاً فى الأنثى ، وتكون
الرأس من أسفل دقيقة خالية من العضلات الغليظة ، تبدو تحت جلده القصبة الهوائية
وأوردة الرقبة ( الأوردة الردجية ) واضحة وتنساب الرقبة من أعلا إلى نقطة إتصالها
بالصدر فى شكل مقوس يشبة رقبة البجعة ( SWAN) ، وتكون صفحتها ( جانبي العنق ) مقوسة ، وتكون دقيقة عند إتصالها
بالرأس عموماً ، ويستدق العرف عند إتصاله
بالمعرفة ، وتكون المعرفة طويلة فى شكل متناسب ، وتتصل الرقبة بالجسم بالكتف
والصدر فى وضع متناسق . الصدر يكون عريضاً بارزالعضلات ، والحارك يكون واضحاً ،
وتكون عضلات الكتف بارزة قوية تتصل بعضد مفتول العضلات ومفصل واضح ، وأن يكون ما
بين الصدر والعضد أبط فسيح . وتكون عضلات الساعد قوية واضحة تتصل من أسفل بركبة
كبيرة الحجم واضحة المعالم . وعظمة المدفع مستديرة من الأمام مسطحة من الخلف قصيرة
نوعاً تغطيها من الخلف أوتار واضحة المعالم . والرمانة واضحة التكوين ومتناسبة مع
الركبة ، وعظمة القيد ( السلامية الأولى ) قوية لا بالقصيرة ولا بالطويلة تميل إلى
الأمام بزاوية 45 ْ تقريباً مع مستوى الأرض ،
ويكون الحافر مستديراً فسيحاً من الخلف واضح من غير سرج ،
والقطن يكون عـريضاَ مستقيماً قوى العضلات ، والكفل يكون أفقياً مستقيماً
من أعلا مستديراً على الجانبين يتصل به أصل الذيل على مستوى فقرات الكفل . الذيل
يكون قطره متناسباً ويرتفع الذيل رأسياً من منبته فى حالة التشويل عند السير خبباً
وعدواً .
وأن
يكون المفصل الحرقفي مرتفعاً نسبياً ، ويكون الفخذ ممتلئاً واضح العضلات والساق
متناسباً فى الطول مع باقى أجزاء الرجل الخلفية على أن يكون ملئ العضلات ، وأن
يكون العرقوب متيناً وكبيرأ نسبياً . وإستدارة عظمة المدفع من الأمام أقل من
إستدارة عظمة المدفع فى الرجل الأمامية . والحافر الخلفي ليس فى إستدارة
الحافرالأمامى وهو أكثر طولاً من عرضه . والألوان التى لا توجد فى الجياد هى
الأبيض ذو الجلد الأبيض والعين الحمراء والأبلق ( أى لون مشترك مع الأبيض )
والأصفر الطفلى . وبالجملة من نظرة شاملة للحصان العربى يجب أن تكون أجزاء الجسم
المختلفة متناسقة مع ما ذكر من أوصاف . إختلاف
الأفراس عن الذكور : الرأس أصغر نوعاً
والأذن أطول نوعاً والرقبة أقل تقوساً والجسم أكثر طولاً وأعرض كفلاً وعضلات الفرس
أكثر ليونة وأقل وضوحاً .
ـ تعالى
معى عزيزي القارئ نستعرض ملحمة فريدة يعيشها البدوي الطحاوي مع فرسه توضح لنا
علاقة الفارس بفرسه والتى من خلالها نري
مدي حبهم للخيل وتعلقهم بها .
وعندما
يستعرضون حالة ميلاد للفرس من أن يشبى
الحصان ([1])
على الفرس حتى بلوغ المولود سن الإنتاج ، فإننا نرى ملحمة عجيبة متكاملة العناصر
كما لو كانت تحدث فى إحدى بيوتهم الخاصة ولإحدى بناتهم .
تطلب
الفرس الحصان فى أول الشهر العربى حتى منتصف الشهر ويشبى عليها الحصان مرتان على
الأكثر فى يوم واحد فى أول النهار وفى آخره ، وتعزل الفرس عن الحصان ، ويعاد عرضها
على الحصان بعد تمام 21 يوماً من يوم أن شبا عليها ، فإن هى إمتنعت أصبحت ( حارز) ([2])
وإذا قبلت الحصان فهى لم تحرز ويعاود الإطلاق عليها مرة أخرى فى المواعيد المحددة
.
تلد
الفرس بعد عام إلا أسبوعين أو بعد عام كامل أو بعد إحدى عشر شهراً . يختار العربى
موسماً للتلقيح ويسمونه الربيع وهو الموسم الذى يتوفر فيه
البرسيم ( العليقة الخضراء ) ويبدأ من شهر نوفمبر حتى شهر مايو ليتم فى هذا الموسم التلقيح والميلاد والفطام ، حيث يكون البرسيم عاملاً مساعداً قوياً للفرس التى ترضع وكذلك للفرس الحارز وكذلك للمهارة ([3]) الصغيرة أثناء الفطام ويساعد أيضاً على إدرار اللبن ، ولا يركبون الخيل ولا يتم تعليمها فى هذا الموسم بالمرة فهو موسم تزاوج .
البرسيم ( العليقة الخضراء ) ويبدأ من شهر نوفمبر حتى شهر مايو ليتم فى هذا الموسم التلقيح والميلاد والفطام ، حيث يكون البرسيم عاملاً مساعداً قوياً للفرس التى ترضع وكذلك للفرس الحارز وكذلك للمهارة ([3]) الصغيرة أثناء الفطام ويساعد أيضاً على إدرار اللبن ، ولا يركبون الخيل ولا يتم تعليمها فى هذا الموسم بالمرة فهو موسم تزاوج .
عند
قرب موعد ميلاد الفرس ، وهذا الميعاد يكون مدوناً فى مفكرة صغيرة يضعها شيخ العرب
فى جيبه الداخلى ليدون بها تاريخ الميلاد ومواعيد إطلاق الحصان على الفرس ، وتلد
الفرس فى خلال أسبوع من الموعد المحدد لها فيعمل صاحب المربط على التنبيه على خفير
المربط بأن يراقب الفرس حيث ميعادها قد حان ، وأغلب الخيل تلد ليلاً ، وقد يبيت
صاحب المربط أو أحد أبنائه عند الخفير فى الليالى المنتظرة وقد تغافلهم الفرس
وتشرق عليها الشمس وإبنها وراءها وقد إنتهى كل شئ .
قبل
ميلاد الفرس بعشرين يوماً تقريباً نرى الضرع ( ضرة الفرس ) قد إمتلأت باللبن وبدأت
بالتحليب أى ظهور قطرات من اللبن عند الحلمات وكبر بطن الفرس بشكل واضح ، وعندما
تأتى ساعة الميلاد نجد الفرس فى حالة مزاجية مختلفة تماماً وفى حالة قلق ، فيطلقون
الفرس من مربطها تماماً لتكون حرة الحركة وتختار هى المكان الذى تلد فيه ، وعند
ظهور المولود نساعد الفرس على إخراجه منها بجذبه إلى الخارج برفق وبهدوء وفى حركة
منتظمة تتزامن مع النفس العميق الذى تخرجه الفرس لإخراج المولود ، وبعد إتمام
عملية الميلاد نعمل على إفاقة المولود إذ إنه فى حالة عدم تركيز بأن نشممه شيئاً
من البصل ونساعده على النهوض ونوجهه إلى ضرع (ضرة) أمه للرضاعة وتقوم أمه بلعق
جسمه بالكامل وذلك لتدفئته وبث الحنان فيه ، ثم يتم تحزيم الفرس الأم بحزام من
الصوف عريض ما بين السرة والضرة خوفاً من ترهل بطنها ، ثم قطع سرار المهر ودفن
المشيمة .
إذا
كان الميلاد فى فصل غير الربيع يعمل صاحب المربط على تزويد الفرس الأم بعليقة
الذرة البيضاء المجروشة فهى تساعد على إدرار اللبن ، وبعد أيام يكون المهر المولود
وقد تعود على الرضاعة ، ونربط أمه فى المربط مرة أخرى وتعود الحياة إلى ما هى عليه
ونفك الحزام من على الفرس بعد أسبوعين تقريباً . يسمى
المهر عند ميلاده ( فلو – فلوه ) فى حالة الذكر والأنثى وتعطى البشارة ([4])
لأول من بلغ بميلاد الفرس وتعم البهجة البيت البدوى الطحاوى لميلاد إحدى الأفراس
وتذبح ذبيحة للفرس .ويأتى
أبناء العمومة ليأكلوا من الذبيحة ويتفرسوا فى المهر المولود أى الصفات قد أتى من
والده أو أمه وأى صفات السباق فيه ويباركون ويهنئون لصاحب الفرس . ويبقى
هذا الفلو حتى سن أربعين يوماً ، ثم يطلقون عليه بعد ذلك ( مهر – مهرة ) ويتم فطام المهارة غالباً عند سن 6 شهور ويعزل تماماً عن أمه مع
مراعاة أمه والعمل على قذف الضرع (الضرة) بالماء
البارد بين الحين والآخر ، حيث تكون ممتلئة باللبن مما يسبب ذلك لها بعض القلق ،
ويتعلم المهارة عند سن 16 شهراً ويكون ذلك فى الفترة ما بين شهر مايو حتى شهر
نوفمبر ، وهى فترة العليقة الجافة ، فهم يقررون ويرون أنه من مئات السنين لم يعرف
للخيل عليقة سوى الشعير فى فصل الصيف ، والبرسيم فى فصل الشتاء ومع الشعير الدريس ([5])
. والتبن ويدشون الشعير إلى المهارة الصغيرة والفرسات كبيرة السن أو يقومون بتخمير
الشعير فى الماء مع قليل من الملح وذلك كله ليسهل هضمه لئلا يخرج مع الروث سليماً
، وقد يخلطون بالشعير عسلاً أسود ، وحري بنا أن نذكر أن الخبز المصنوع من دقيق
الشعير هو طعام أهل البادية ، لأنه لا يساعد على السمنة بقدر ما يعطى البدوى من
قوة العصب والنشاط والخفة ، وهذا ما يتفق فيه البدوى مع خيله .
لابد
من التسامح مع الخيل وذلك فى حالات البيع والشراء وحالات المشاركة والطلاق على
الفرس ، فلابد من إرضاء الراعى وسؤاله الدعاء لنا بالبركة ، فعدم التسامح والتراضى
مع الخيل يمنع البركة ويساعد على عدم تكاثر الخيل فى المرابط وأشياء أخرى كثيرة
نحن فى غنى عن ذكرها .
بعد
الإنتهاء من فترة تعليم المهر يدخل المهر الربيع التالى جاهزاً للبيع للسباق ،
وتكتمل الخيل جسمانياً عند سن خمس سنوات ولكنها تصلح للإنتاج عند
سن ثلاث سنوات .
سن ثلاث سنوات .
الحصان
العــربى وأهميتـــه :
تعود
أصالة أى سلالة خيول بالمعنى الدقيق للكلمة إلى إستيلادها ([6])
من سلالة أصيلة بدون دماء دخيلة أياً كان مصدرها منذ بدايتها . بالإضافة إلى شرط
وجود السلالة بصفة مستمرة ، وفى نفس الأوضاع الطبيعية التى ظهرت فيها فى بدايتها
لضمان إستقرار صفاتها المحددة وإنتقال هذه الصفات إلى أجيالها المتعاقبة .
وحسب
هذا المعنى للأصالة فإن السلالة العربية هى السلالة الأصيلة الوحيدة للخيول فى
العالم . فخيول كافة السلالات الأخرى يجب أن تسمى خيول مؤصلة وليست خيول أصيلة ذات
دماء نقية . إن الحصان العربى بقى دون تغير ومنذ زمن سيدنا محمد (ص) أيى قبل 1400
سنة وليس ثمة أسباب للإفتراض بأنه قبل
ذلك كان قد إرتحل إلى بلاد العرب من بلاد أخرى أو أنه كان نتاج عملية تهجين لسلالات أخرى .
ذلك كان قد إرتحل إلى بلاد العرب من بلاد أخرى أو أنه كان نتاج عملية تهجين لسلالات أخرى .
إن إعتقادنا
بنقاوة دم الحصان العربى تنبع أولاً وقبل كل شئ من الأهمية التى يوليها العرب للدم
فى تربية سلالات الخيل عندهم . إن الإقتناع بأهمية نقاوة الدم والشغف بالخيل يصلان
لدى البدو إلى حد التعصب .
لقد
كانت هذه المواقف قائمة منذ عهد سيدنا محمد
(ص) ولا تزال قائمة حتى الآن . ولكن بجانب هذا الضمان الذى يمنحه الشعور
القومى تجاه نقاوة الدم وأصالته ، والتى تؤكدها تلك الصفات التى يتميز بها الحصان
العربى إستقرارها الدائم وإنتقالها من جيل إلى آخر . إن هذه الصفات كريمة المحتد ،
وقوية الإحتمال ، وإستمرارهما – صنعت الشهرة لهذا الحصان وبقيت فيه بفضل العادة
المستمرة منذ قرون طويلة بحمايته من أى شوائب دخيلة ، ولكن الفضل يعود أيضاً إلى
الظروف الطبيعية السائدة فى الصحراء العربية والطريقة التى تربى بها . إن اللوم
الوحيد الموجه إلى الحصان العربى دون أن يستحقه هو حول حجمه الصغير ، فالحجم
الصغير العادى مطلب أساسى لنوعيته الممتازة ، حيث تتركز فى سلالة واحدة ، أحسن
صفات الخيل . وكقطرة زيت الورد المركزة ، المستخلصة من آلاف الورود ، التى تضفى
بأريجها لمدة طويلة على الآخرين لدرجة غير متناسبة مع حجمها ، فإن الحصان العربى
قادر على تمرير صفاته إلى عدة أجيال متعاقبة ، والفضل فى ذلك يعود إلى طريقة
الحفاظ على صفاته ، والتحسين المتدرج لهذه الصفات وعلى مدى آلاف السنين ، التى
يتبعها شعب واع ٍ بأهمية نقاء الدم .
وحتى
عندما يتم نقل الحصان العربى إلى بلد جديد ، وبعد أن يتكيف ويتهيأ مع الأوضاع
ومتطلبات ظروف المحيط الذى يعيش فيه أو حتى بعد إختلاطه مع السلالات الأخرى ، فإن
ذريته تحتفظ بصفات الهيئة والشكل والقوة والقدرة على التحمل وسرعة الحركة التى
تميز بها الأجداد الصحراويين .
وهنا
يجد المرء مبرراً ليسأل : هل هناك فى العالم سلالة خيل واحدة معروفة بجمال مظهرها
وسرعتها ، عدواً أو خبباً ، ولا يوجد فيها دم عربى ؟ أما ما يثير الإستغراب أيضاً
، أنه من تزاوج مختلط واحد تم بين حصان عربى وفرس سباق روسية قبل مائتين سنة ، وثلاثمائة
سنة بعد ظهور أول فرس إنجليزية من أب عربى ، نجد أن فى السلالتين الروسية
والإنجليزية وبشكل واضح علامات واضحة للدم
العربى ، وتولد بين حين وآخر بعض النماذج التى تشابه الأجداد من الخيول العربية فى
الصفات الرئيسية ؟ وفى أوروبا إعتبر الحصان العربى ومنذ الأيام الأولى لبدء تربية
الخيل فيها ، بأن السلالة العربية هى الأساس الذى لا يمكن تجنبه لأى محاولة لتحسين
الأنواع المختلفة من الخيول من حيث زيادة الجمال والسرعة والقدرة على التحمل
والمظهر الخارجى النبيل فيها .
والآن
ولبعض الوقت : طغى الشغف بحصان السباق الإنجليزى
لحد ما على الحصان العربى ، ولكن ينبغى أن لا ينسى أن جواد السباق
الإنجليزى نفسه ينحدر من السلالة العربية ، وأن الوجود المستقل للحصان الإنجليزى
بدأ قبل ما يزيد قليلاًً على مائتي سنة مضت وأن السلالة العربية موجودة منذ آلاف
السنين ، ولا يمكن أن يعد الحصان الإنجليزى حصاناً نقى الدم لأنه ينحدر من السلالة
العربية الأصيلة من جهة الأب فقط ، أما أصله من جهة الأم فغير معروف تماماً .
وإذا
أخذنا فى الحسبان نوعية الرعاية وطريقة التربية التى خضع لها الحصان الإنجليزى ،
فإن من المشكوك فيه أن يتحقق ما هو مطلوب منه لو لم يجرى فى شرايينه الدم العربى .
إن
جوهر الصفات الرئيسية التى تميز الحصان العربى من بين
كافة سلالات الخيل الأخرى هى :
كافة سلالات الخيل الأخرى هى :
1- نبالة الشكل : لا توجد فى أى سلالة خيل أخرى ، تلك الرقبة المرسومة
بأناقة ، والذيل المركب بطريقة رائعة ، والرأس المعبر والجميل ، والعين الكبيرة المشرقة ، مشابهة لما فى الحصان العربى . ولا يحدث فى أى سلالة خيل أخرى ، أثناء الإنتقال من حالة السكون إلى حالة الحركة ، مثل هذا التحول من جواد عادى المظهر إلى جواد مفعم بالنبالة والنشاط المتقد مثلما يحدث فى الخيل العربية .
بأناقة ، والذيل المركب بطريقة رائعة ، والرأس المعبر والجميل ، والعين الكبيرة المشرقة ، مشابهة لما فى الحصان العربى . ولا يحدث فى أى سلالة خيل أخرى ، أثناء الإنتقال من حالة السكون إلى حالة الحركة ، مثل هذا التحول من جواد عادى المظهر إلى جواد مفعم بالنبالة والنشاط المتقد مثلما يحدث فى الخيل العربية .
2- القوة والقدرة على الإحتمال : رغم ما يوحى به حجم هذا الحصان إلا أنه إمتاز بالقوة
والقدرة على الإحتمال وبشكل لا يتناسب مع بنيته وفى ظروف إعالة غير كافية . لقد
حظى الجواد العربى بالشهرة لما يتمتع به من القدرة على التحمل منذ القدم . وليس فى
وسع غير الجواد العربى أن يقطع
مسافة 80 ميلاً يومياً ولخمسة أيام متصلة ، وأن يقطع نفس هذه
المسافة بعد إستراحة ثلاثة أيام دون أى علامة للتعب .
وهناك مثال قديم على التفوق فى القدرة على التحمل فى حرب القرم
[ 1854م – 1855م ] عندما صمد جنود الفوج الخاص للفرسان الفرنسيين الذين كانوا يمتطون الجياد ذات الدم الشرقى أكثر من جنود سلاح الفرسان الإنجليزى . وخلال السباق الذى تم بين نقطتى فينا وبرلين فى عام 1892م كانت الخيول الهنغارية والبولندية ذات الدم العربى هى الأفضل . وإعترف الإنجليز فى مصر فى عام 1898م بتفوق الجواد العربى على الجواد
الإنجليزى ، حيث إمتطى فرسان الفوج الحادى والعشرين الخيول العربية بدلاً من الجياد الإنجليزية للمشاركة فى الحملة إلى الخرطوم . وأخيراً ، فى الجيش النمساوى – الهنغارى حظيت سلالة " شاغيا " ذات الأصل العربى بالشهرة من حيث قدرتها على الإحتمال وبصورة لا تنافسها فيها أى سلالة أخرى .
مسافة 80 ميلاً يومياً ولخمسة أيام متصلة ، وأن يقطع نفس هذه
المسافة بعد إستراحة ثلاثة أيام دون أى علامة للتعب .
وهناك مثال قديم على التفوق فى القدرة على التحمل فى حرب القرم
[ 1854م – 1855م ] عندما صمد جنود الفوج الخاص للفرسان الفرنسيين الذين كانوا يمتطون الجياد ذات الدم الشرقى أكثر من جنود سلاح الفرسان الإنجليزى . وخلال السباق الذى تم بين نقطتى فينا وبرلين فى عام 1892م كانت الخيول الهنغارية والبولندية ذات الدم العربى هى الأفضل . وإعترف الإنجليز فى مصر فى عام 1898م بتفوق الجواد العربى على الجواد
الإنجليزى ، حيث إمتطى فرسان الفوج الحادى والعشرين الخيول العربية بدلاً من الجياد الإنجليزية للمشاركة فى الحملة إلى الخرطوم . وأخيراً ، فى الجيش النمساوى – الهنغارى حظيت سلالة " شاغيا " ذات الأصل العربى بالشهرة من حيث قدرتها على الإحتمال وبصورة لا تنافسها فيها أى سلالة أخرى .
3- القدرة الرائعة للفحول
العربية على نقل ما تتميز به من هيئات وصفات داخلية إلى ذريتها حتى عندما تبقى
بدون إضافة دماء عربية ولمدة تصل
إلى قرن كامل .
إلى قرن كامل .
4
ـ وها نحن فى القرن الواحد والعشرين نكتشف فراسة العرب وصدقهم عندما نسبوا الحصان
لأمه ، فقد ظهر من خلال تحليل DNA أن الفرس الأم تحمل جين توريث كما يحمله الحصان ، وعندما
يلتقى الحيوان المنوى للحصان بالبويضة للفـرس يموت جين الحصان ويبقى جين الفرس
مستمراً مدى الحياة ، ولذا نسب العرب الحصان لأمه وبفراستهم فقط مما يجعلنا نحترم
ونؤكد على ما يقولونه فى الخيل وما يمارسونه معها .
وبسبب هذه الصفات المذكورة سيحتفظ الجواد العربى بأهميته
دائماً من أجل رفع مستوى تربية الخيل فى سائر البلدان ، وفى كافة الحالات التى
يتطلب فيها تحسين الأشكال والهيكل وزيادة القوة والقدرة على الإحتمال وتخليص
السلالة المعروفة من العيوب الموروثة ، على سبيل المثال ، كساح الهيكل العام ، ضعف
وفساد أعضاء التنفس ، التكون الردئ للحافز وما إلى ذلك .
لوحظ فى الآونة الأخيرة إهتمام كبير بالحصان العربى بعد
بعض الفتور نحوه بعد إكتشاف العيوب والنواقص الكامنة فى سلالات الخيل التى يتم إستيلادها
بطريقة غير طبيعية . وقد إحتفظ الحصان العربى بشعبيته فى الوقت الراهن .
ـــــــــ
هذا كتاب البيطرة والذردقة مشتمل على أصول الخيل من أين
خلقوا وما ورد فيها من الأحاديث والأخبار والذي يربط منها والذى لا يربط وأسباب أعلالها وعلاماتها ومداواتها فى ثلاث مقالات وفى التنعيل والمسامير وخلافها تأليف أبي بكر بن البدر البيطار بخزانة الملك الجليل السلطان الأعظم الملك الناصر محمد بن قلاوون رحمه الله تعالى يحتوي على عشر مقالات وأبواب وفوايد ورقواة
وهى تنفع لبني آدم والحيوانات .
وصلي الله على سيدنا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم . هذا كما ورد بخط كاتب الكتاب
*
التعريف بالمؤلف : هو أبو بكر بن بدر الدين البيطار ، وهو صاحب خيل السلطان الناصر
محمد بن قلاوون . (709هـ ـ 741هـ / 1309م ـ 1340م ) . كبير بياطرته وكذلك كان
والده من قبله .
ويعطينا المؤلف فكرة عن موضوع كتابه فى
مقدمة يقول فيها :
وأنى لما رأيت البياطرة والأطباء
والذرادقة والفلاسفة والحكماء مثل أرسطو
طاليس وهرمس وجالينوس وأبقراط والمتقدمين
وأبي يوسف ومحمد وإبن أخى حزام الجبلي من المتأخرين قد تقدموا ووضعوا كتباً كثيرة
فى علم البيطرة والذردقة والعلاجات إلا أنهم لم يبينوا فيها جميع الأسباب والعلامات والألوان والشيات ولا إمتحان الأدوية ومنافعها ولاسائر الأمراض ولا الأسباب الرديه من المحمودة ولاسائر ألوان النعال
وشياتها ولا علاماتها السابق وصفاتها ولا أنواع النعال والمسامير وهناديزها ولا صفة إضمار الخيل ونتاجها .
فأحببت أن أجمع لخزانته ( خزانة السلطان
الناصر محمد قلاوون ) كتاباً كاملاً شافياً لجميع ما يحتاج إليه من أراد علم
البيطرة والذردقة والفروسية ولم أغفل عن شئ مما يحتاج إليه فى ذلك مع ما جمعت إلى ذلك من الفضائل والعلوم
والألغاز والمداواه التى تعيا على كثير من أهل الفنون ولم أترك شيئاً مما يعرب ولا
يعجم من الأمراض والأعلال والأسباب والأنساب والنعوت والألوان والأوضاح والشيات
إلا بينته وفسرته وسراً للبياطرة
والذرادقة والنخاسين والركابين إلا وأوقفته على حده وكشفته وأوضحته .
وإنى وإن كنت لا ألحق منزلة أولئك فى
العلم والفهم فإنى قد ذكرت أشياء مما تكلموا عليها ومما إستحسن وجرب من كلامهم
وأرائهم وكثيرًا مما رأيناه من البياطرة
والذرادقة وجربناه وذكره والدي رحمه الله ورأيته من الصناع بمصر والشام نقلاً عن الثقاة
وعملاً بالعيان وعملاً باليد وقد جعلته عشر مقالات تختص كل مقاله منها بنوع من
الأنواع ليكون أشد تمكناً من فهم من أراد علمه ومعرفته قبل قراءته فيعرف مكان ما
يريد من الكتاب فيقصده فى موضعه والله الموفق للصواب وكرمه آمين .
ويتألف الكتاب
من جزأين :
1- الجـــزء الأول : هو الجزء النظري أى العلمي ويحتوي على خمس مقالات .
-
المقالة الأولــى :
وهى عشرون باباً تبحث فى الجهاد وأنساب الخيل وفيما يشارك أو يخالف الفرس للإنسان
ونتاج وأعمار الخيول وأخلاقها وعاداتها وتكوينها الجسمانى من العروق والعظام والمفاصل
وركوب الخيل وتأديبها وإضمارها وأعلافها ووصفها الخارجي من طول وقصر وشيات وغرر وأوضاح وتحاجيل وكسوتها من سروج
ولجم ومقاود .
-
المقالة
الثانية : وهى عشرة أبواب : تبحث فى معرفة ألوان الخيل من أدهم وأشقر
وأحمر وأشهب وأصفر وأخضر وأبلق وأبرش كذلك
ألوان البغال والحمير .
-
المقالة
الثالثة : وهى عشرة أبواب : تبحث فيما يستحب ويكره من الخيل وفيما يخالف فيه الذكر للأنثي وفى
معرفة صفات الفرس العتيق وأصوات الخيول والتعريف بالخيول المختلفة وفى التفرس فى
المهاري وفى معرفة نتاج الأكاديش والبرازين والبغال والحمير .
-
المقالة
الرابعة : وهى إثني عشر باباً : تبحث فى هيئة البدن وحسن الأعضاء
ومعرفة عيوب الأعضاء من الرأس حتى الذنب ومن الرقبة حتى الحوافر .
-
المقالة
الخامسة : وهى أربعة وثلاثون باباً : تبحث فى الأسباب والعلامات لجميع الأعلال التى تصيب مختلف
أعضاء وأجزاء جسم الخيول وهذه المقالة
تمهد لمقالات الجزء الثاني من الكتاب
والتى تبحث فى مداواة هذه الأعلال فيكون مجموع أبواب المقالات الخمس فى
الجزء الأول 86 باب
(ستة وثمانون باباً. )
(ستة وثمانون باباً. )
2- الجــــــزء الثانـــــــــي : وهو جزء البيطرة العملى
وهو خمس مقالات أيضاً .
-
المقالة
السادسة : وهى الأولى فى ( الجزء العملي ) وهى سبعون باباً تبحث فى وصايا البياطرة والفصاد ومداواة أمراض عديدة تصيب الجلد والدماغ والأذنين
والعينين والمنخرين والفم واللهاة واللسان مثل البرص والبهق والجرب والثآليل
والدرن والجراحات المختلفة والصداع والطرش والكمنة والظفرة وورم اللوزتين وورم اللثة
والبخر فى الفم .. إلخ .
-
المقالة
السابعة : وهى الثانية من الجزء العملى وهى ستة وستين باباً تبحث فى مداواة أمراض تصيب الحنجرة والرمانة
والرسخ والأشعر والحوافر مثل السقاوة والخناق والسعال والقئ والقصر والكتاف وتساقط
الشعر والخلع و الكسر وأمراض الأعصاب والسرطان .. إلخ .
-
المقالة
الثامنة : وهى الثالثة فى الجزء العملي ، وهى سبعون باباً تبحث
فى مداواة أمراض الفخذين والحيا والذكر والثديين والذنب والصلب والظهر والبطن
والأمعاء والكبد والقلب والرئة والكليتين والمفاصل والأعلال التى تنتج عن أكل
نباتات قاتلة وشرب ما يضر مثل البواسير والإسهال والإختلاط والبجل وبروز الرحم
وعدم الحمل والإخصاب والإسقاط وعسر البول والإستسقاء والقولنج واليرقان والإنفتاق
والسل والخفقان والنقرس والكساح ..... إلخ.
-
المقالة
التاسعة : وهى الرابعة فى الجزء العملى وهى إثني عشر باباً تبحث فى الأكحال والشيافات والمسهلات والمقبضات
والمراهم والنطولات واللطوخات والضمادات والكيات واللذق والذرورات والحقن
والفرزجات والجبارات واللحامات و(التعاويذ والرقوات) .
-
المقالة
العاشرة : وهى الخامسة فى الجزء العملى وهى خمسة عشر باباً تبحث
فى أسماء النعال وأنواعها العادية والطبية
وهناديزها والمسامير وصفة التنعيل .
أهمية
هذا المخطوط :
يبحث فى كل ما يخص الخيل فى ذلك العصر
الذى كتب فيه من مداواة وجراحة وتوليد ويتميز بالإبداع فى كل ما يتعلق بمعرفة
الخيل من عمر وأصل وكل ما يتعلق بشؤون الخيل وتربيتها وتدريبها وكسوتها .
النسخ الموجودة لدي من المخطوط :
لقد بدأت بالبحث والسؤال فى شتي ربوع
القبيلة ولم أهتد إلا على نسختين .قمت بمراجعة النسختين وتصحيح الألفاظ وتدقيق الحروف
وكانت النتيجة :
1-
النسخة الأولى :
وهى التى خصصنا لموضوع التحقيق وهى خاصة بأحد أبناء العمومة وهو الأستاذ يحيي
عليوة الطحاوى .
وهذه النسخة
تبدأ بالفرهسة0(الفهرس) وتبدأ من الصفحة الخامسة أي أنها تنقص أربع صفحات من
الفهرس وتنتهى عند الصفحة 261 .
·
والصفحة تحتوى
على 21 سطراً ، مقاس الصفحة 22 × 15
·
اى أن الكتاب
يقع فى 256 صفحة خط جيد ومقروء ومنقط وغير مشكول .
·
نسخت يوم 22
ربيع الثاني 1296 هـجرية وهى الأقدم .
·
ناسخها
عبدالله محمد حسونه .
2-
النسخة
الثانية :
وهى
النسخة التى آلت إلىّ والتى تخصنى وتم
التنويه عنها فى المدخل ، تحتوى على 220 صفحة ويقع الفهرس فى آخرها وهى نسخة كاملة
غير منقوصة .
·
خط جيد ومقروء
ومنقط وغير مشكول
· و الصفحة تحتوى على 25 سطراً مقاس الصفحة 15 × 24 نسخت
يوم الثلاثاء 13 جمادى الأول 1330 هجرية .
·
ناسخها :
عبدالله محمد حسونه
تلاحظ عند مطالعتى للنسختين أن النسخة
الأولى تبدأ بالفهرس ثم المقالات الخمس الأولى تتحدث عن الأمراض والأعراض والعلامات ثم تكون العلاجات فى المقالات الخمس
الأخيرة .
بينما النسخة الثانية تنتهى بالفهرس
وكل مقالة من مقالاتها تتحدث عن الأعلال والأعراض والعلامات والعلاجات فى آن واحد
.
ـ وأقدم فيما يلي صوراً للصفحات الأولى والأخيرة
لهذه النسخ .
أيضاً
إختتم المؤلف مخطوطته بكتاب كسرى أبرويز ملك فارس الذى ألفه له الفيلسوف جنة
الهندى ، ولم نشأ أن نضيفه لكتابنا هذا لثقل مادته على قارئنا العزيز وربما أفردنا
له بحثاً لاحقاًً .
* السلطان الناصر محمد بن
قلاوون :
يحدثنا أبى المحاسن يوسف بن تغرى من كتابه
النجوم الزاهرة ص 164 ، 177.
مدة
سلطنته ، يقول أبى المحاسن : فقد تسلطن ثلاث مرار ، فأول سلطنته كانت بعد قتل أخيه
الأشرف خليل بن قلاوون فى سنة ثلاث وتسعين وستمائة فى المحرم ، وعمره تسع سنين
وُخلع بالملك العادل كتبغا المنصورى فى المحرم سنة أربع وتسعين ، فكانت سلطنته هذه
المرة دون السنة ، ثم توجه إلى الكرك ، إلى أن أعيد إلى السلطنة بعد قتل المنصور
حسام الدين لاجين فى سنة ثمان وتسعين وستمائة فأقام فى الملك والأمر إلى لاروبيبرس الجاشنكير إلى سنة ثمان
وسبعمائة ، وخلع نفسه وتوجه إلى الكرك وتسلطن بيبرس الجانشكير وكانت مدته فى هذه
المرة الثانية نحو التسع سنين . ثم ُخلع بيبرس وعاد الملك الناصر إلى السلطنة ثالث
مرة فى شوال سنة تسع وسبعمائة وإستبد من يوم ذاك بالأمر من غير معارض إلى أن مات
فكانت مدة حكمه فى هذه المرة الثالثة إثنين وثلاثين سنة وشهرين وخمسة وعشرين يوماً
.
عرف
عن السلطان الناصر محمد بن قلاوون أنه كان مشغوفاً بالخيل فجلبت له من البلاد ،
لاسيما العرب آل مهنا وآل فضل ، فإنه كان يقدمها على غيرها ولهذا كان يكرم العرب
ويبذل لهم الرغائب فى خيولهم فكان إذا سمع العربان بفرس عند بدوى أخذوها منه بأغلى
القيمة ، وأخذوا من السلطان مثلي ما دفعوا
فيها . وكان فى كل طائفة من طوائف العرب عَيٌن يدله على ماعندهم من الخيل
من الفرس السابق الأصيل بل ربما ذكروا له أصل بعضها لعدة جدود ، حتى يأخذه بأكثر
مما كان فى نفس صاحبها من الثمن فتمكنت منه بذلك العربان ونالوا المنزلة العظيمة
والسعادات الكثيرة ، وكان يكره خيول برقة فلا يلاحظ منها إلا ما بلغ الغاية فى
الجودة وما عدا ذلك إذا جلبت إليه فرقها ، وكان له معرفة تامة بالخيل وأنسابها .
عرف
عنه أيضاً أنه هو أول من إتخذ من ملوك مصر ديواناً للإسطبل السلطانى ، عمل له
ناظراً وشـهوداً وكتاباً لضبط أسماء الخيل وأوقات ورودها وأسماء أربابها ومبلغ
أثمانها ومعرفة سواسها وغير ذلك من أحوالها كان لايزال يتفقد الخيول فإذا أصيب
منها فرس أو كبر سنه بعث به مع أحد الأوجاقية إلى الجشار بعد ما يحمل عليها حصاناً
يختاره ويأمر بضبط تاريخه فتوالدت عنده خيول كثيرة حتى أغنته عن جلب سواها ومع
هذا كان يرغب فى الفرس المجلوب إليه أكثر
مما تولد عنده فعظم العرب فى أيامه لجلب الخيل وشمل الغنا عامتهم وكانوا إذا دخلوا
إلى مشاتيهم أو إلى مصايفهم يخرجون بالحلي والحلل والأموال الكثيرة ولبسوا فى
إيامة الحرير الأطلس المعدنى الطرز الذركش
والشاشات المرقومة ولبسوا الخلع البابلى والإسكندرية المطرز بالذهب وصاغ السلطان
لنسائهم الأطواق الذهب المرصع وعمل العناتر بالأكر الذهب والأساور المرصعة بالجوهر
واللؤلؤ وبعث لهن بالقماش السكندرى وعمل لهن البراقع الذركش ولم يكن لبسهم قبل ذلك
إلا الخشن من الثياب على عادة العرب وأجل
ما لبس مهنا أميرهم إيام الملك المنصور لاجين طرد وحش لمودة كانت بين لاجين وبين مهنا
بن عبس فأنكر الأمراء ذلك على المنصور لاجين فإعتدز لهم بتقدم صحبته وأياديه عنده
, انه أراد أن يكافأه على ذلك .أحضرها له فى وقتها وكان إذا إستدعى بفرس يقول
لأمير آخور : الفرس الفلانية التى أحضرها فلان وإشتريتها منه بكذا وكذا وكان إذا
جاءه شيئ منها عرضها وقلبها بنفسه فإن أعجبته دفع فيها العشرة آلاف إلى أن إشترى بنت الكرماء بمائتى
ألف درهم وهذا شيئ لم يقع لأحد من قبله ولا من بعده ، فإن المائتى ألف درهم كانت
يوم ذاك بعشرة آلاف دينار . وأما ما إشتراه بمائة ألف وسبعين ألف وستين ألف وما
دونها فكثير ، وأقطع آل مهنا وآل فضل بسبب ذلك عدة إقطاعات فكان أحدهم إذا أراد من
السلطان شيئاً قدم عليه فى معنى أنه يدله على فرس عند فلان ويعظم أمره ، فيكتب من
فوره بطلب تلك الفرس فيشتد صاحبها فيبقى يجزل له العطاء حتى يأخذها .