مما ذكر عن الهنادى

El-Tahawy Saoud

مما ذُكر عن الهنادى





إن أهل البادية يرون أنفسهم فى حالة حرب لا يخمد ضرامها مع الحضر ، وهم يبيحون لأنفسهم كل ما يبيح العدولنفسه من عدوه من ضروب التعدى والسلب والنهب ، و كان هذا على الدوام شأنهم معهم ، إذ يرون أن ما يسلبونهم إياه أنما هو من الغنائم الشرعية و الفيوء التى لم يحرمها الله فى كتابه ، وطالما أزعجوا جيش الحملة الفرنسية على مصر بما تراءى للجنرال بونابارت أن يكل لقتالهم و كبح جماحهم فرقة من الهجانة . كان كل هجين فيها يحمل رجلين قال ذ لك الرجل العظيم فى مذكراته : إذا كان موقع مصر الغريب وهو البلد الذى يستمد ثروته من فيضان النيل يقتضى حسن الإدارة لإنتظام شؤونه وأستقامة أحواله ، فإن ضرورة كبح جماح ( 20 - 30 ) الفاً من اللصوص المعتصمين بفسيح الصحراء حيث لا تنالهم يد العدل تدعو إلى أن تكون تلك الإدارة من مضاء العزيمة ومتانة القوة بحيث توقع رهبتها فى أفئدة أولئك الأشرار فلا يعيثون فساداً فى تلك الاقطار وقد بر الفرنسيون بقول بونابارت فما كادوا يحتلون مصر حتى كسروا شكيمة البدو وقبضوا على ناصيتهم فلم يتمادوا فى باطلهم ، وكذا حذا حذوهم محمد على فألزمهم الوقوف عند حدهم ، وكانوا قد بلغوا فى عهده من الجبروت والبأس حد النهاية حتى كانوا يفرضون الإتاوات على سكان مصر ، يتهددون بالزحف على القاهرة نفسها وكان لايجرؤ واحد على زيارة الأهرام بغير رضاهم وأمرهم وكانت القوافل التى تجتاز برزخ السويس تد فع لهم الفرض الباهظة من المال ، فسلك معهم مسلك المهادن أولاً ، وعقد معهم الإتفاقيات فهتكوا شعارها و خاسوا بعهودهم غير مبالين ولا هيابين ، فعول على قمعهم و تأديبهم ، و سير لقتالهم الفرسان والمشاة فأخذ ت عليهم الآفاق و سدت عليهم السبل حتى إضطرتهم الى إلتماس الصلح وإستمناج العفو فإشترط فى عقد الصلح ؛ معهم أن يسكن كبار زعمائهم و شيوخهم مدينة القاهرة كرهائن وأجرى عليهم الأرزاق و المرتبات لمعاشهم فهدأت حالهم ، ولما غامر محمد على بحروبه فى السودان وجزيرة العرب والشام عرض عليهم تشكيل فرق منهم ، وأقترح أن يدفع لهم الاجور مقابل خدمتهم على شرط أن يأتى كل منهم بفرسه وبندقيته ، وقد أفادت هذه الفرق المساعدة للجيش المصرى من الناحية العسكرية كانت كفرق القوزاق غير المنظمين فى جيوش روسيا ، وكانت عليهم مهمة إستطلاع العدو ومطاردته أثناء الهزيمة أو معاكسته فى أثناء إنسحابه وهم من أصلح الناس لهذه المهمة والعربان هم الذين أسروا رشيد باشا قائد الجيش العثماتى فى معركة قونية خلال الحملة الأولى على الشام ، ومما لاريب فيه أن هذه حكمة تعذرت على على بك الكبير الذى عقد النية على إبادة العربان جميعاً للتخلص من شرهم ونكل ببعض القبائل وقضى عليها وإضطر أكثرها إلى الفرار الى الصحراء هرباً من المجزرة فقد كان على بك غير مصيب لما هو ثابت من فائدة وجودهم وعلى الأخص فى زمنه لأن الجمل سفينة الصحراء والعرب هم ربانوا هذه السفن وقادتها فى هذا الأوقيانوس الأرضى الذى لا أفق له والعربان وحدهم هم الذين يسهل عليهم دون غيرهم إجتياز الفلوات الرملية المترامية الأطراف إلى أقصى مدى والخالية من السكان والكائنات الحية والعربان هم الذين يقدرون دون غيرهم أن يوثقوا عرى المواصلا ت السريعة بين البلاد على حفافها فالإحتفاظ بهم يتم الإستفادة والمزايا المتوفرة فيهم والتى لا يجاريهم فيها مجارً ....




* هؤلاء هم أعراب الهنادى الذين قدموا مع إبراهيم باشا بن محمد على باشا وقد أبلوا وقتئذ بلاءً حسناً فى الحروب التى خاض غمارها فى فتح الشام والأناضول ( 1248 - 1256 هـ ) كما وصف الطبيب كلوت بك وقد ظل بعضهم فى بلا د الشام الشمالية وإستقر . ومن أعقابهم الآن جمع غير يسير فى محافظة حلب فى أقضية منبج والباب وناحية صرين من قضاء جرابلس .
* وبعد إنتهاء مهمة طوسون باشا فى الحجاز وعودته الى القاهرة عاد ابراهيم باشا فى الجولة الثانية من حملات الحجاز فى عام ( 1816م ) وقدم له عربان العبابدة ستة ألاف جمل لنقل حملته للقصير قبل إقلاعها الى ينبع واستمر ابراهيم باشا على نفس سياسة إستمالة عربان الحجاز بالهدايا والخلع كما إستعان ابراهيم باشا بنحو الف جندى من عربان الفوايد والجوازى والحرابى والهنادى تم ارسالهم اليه على دفعات ومعهم ذخائرهم واسلحتهم كما تم إعداد ستمائة خيال من عربان الأقاليم الوسطى وصرفت لهم ترحيله كاملة ليتوجهوابمعية أحمد باشا يكن الى الأقطار الحجازية وقام الشيخ باسل شيخ عربان الجوازى الذى كان بمعية الباشا فى حملته بشراء جمال من عربان غزة وتوجه بها الى الحجاز للإنضمام مرة اخرى للحملة وكان محمد على يطلب افادته من آن الى آخر بمقدار فرسان العربان المرسلين من مصر الى الحجاز وبرغم الاعداد الوفيرة من العربان .الموجودة بالحجاز فأنة تم تعزيزهم بثمنمائة من عربان السوارى وذلك نظرا لما احرزه العربان من جهد فى خدمة الحملة وإستمر إستخدام العربان فى شؤون الحجاز فصدر أمر من الديوان الخديوى بإبقاء الشيخ على بركات من مشايخ عربان الهنادى فى الحجاز للإشراف على المعاملات والحسابات وقد اكتسب محمد على خبرة لاتقدر فى حروبة فى الجزيرة العربية فى مشاكل النقل عبر الصحراء وتهدئة القبائل البدوية وما فى الحجاز من طرق ووسائل أعيد إستخدامها فى حروب السودان فأشار محمد على لصديقه ومستشاره فى الشؤون الحربية محمد بك لاظوغلى بالخطوط الرئيسية التى يجب ان يتبعها فى تجهيز حملته على السودان وإستخدم محمد على قبائل عربان جهمة والهنادى كما إستخدم حوالى اربعمائة فارس من فرسان المغاربة وكذلك العبابدة الذين بلغ عددهم نحو أربعة آلاف وثمنمائة مقاتل وذلك لخبرة عربان العبابدة بطرق التجارة السودانية بكيفية إجتيازها وتم تجميع عدد حوالى مائتين من عربان الجوازى والجهمة والفوايد والحرابى واولاد على والهنادى وعين لهم رئيس الأدلاء ( طاغلى أوغلى ) مع توصية مديرى المديريات ومشايخ العربان بجمع أعداد مماثلة من قرى ونجوع الصعيد نظرا لأن الرغبة الغالبة في طباع العربان هى الرغبة فى السفر والانتقال نظرا لان الجنود والفرسان الموجودون فى كردفان قد تعبوا من جراء الحروب ولذا أصبح من اللازم تجميع أعداد جديدة من عربان البلاد وإرسالهم الى السودان بدلاً منهم .
* إستغل محمد على الخلافات القائمة بين القبائل فكان يستخدم العربان ضد القبائل الأخرى المتمردة وقد أتيحت له الفرصة للتدخل فى شؤنهم وتجربة أساليبه معهم فعلى سبيل المثال عندما قوى الخلاف بين قبيلتى الحويطات والعبابدة فى سبتمبر سنة ( 1806م ) ودار القتال بين الفريقين خارج أسوار القاهرة وحولها وإنتصر محمد على للحويطات فإجتمع مشايخ القبيلتين عند الشيخ ( عمر مكرم ) الذى أصلح بينهم وهكذا إستمال الحويطات الى جانبه محققا بذلك انفضاض هذه القبيلة هى وقبائل الشرقية من حول ( الألفى ) عدوه الكبير ومن محاولاته الأخرى للدس والإيقاع بين القبائل وبعضها البعض صمم على إحباط التعاون بين الألفى والقبائل المعاونة له ومن أهمها ( اولاد على والهنادى ) فسير جيشه لتحقيق ذلك الهدف وتتابعت الحملات التاديبية فى البحيرة والفيو م والأقاليم الوسطى وخلال أزمة النقل إلى سالونيك أراد الألفى وصلته الوثيقة بالعربان معروفة إستثارة هؤلاء ضد محمد على فبعث الى مشايخ الحويطات والعائد غير أنهم آ ثروا إطلاع محمد على على مراسلات الألفى لهم وذلك نتيجة لإستمالته هؤلاء العربان الى جانبه كما إستطاع محمد على أن يستغل العداء بين قبيلتى الهنادى واولاد على لتحقيق سياستة الرامية إلى إخضاع وتأ ديب العربان بالوجة البحرى فكانت قبيلة الهنادى قد تسابقت جريا وراء مصالحها الإقتصادية فعقدت صلحاً مع محمد على أملاً فى الأ قامة بحوش عيسى بالبحيرة وطرد قبيلة اولاد على وتوسط شاهين الألفى لدى محمد على الذى وجه حملة لمقاتلة اولاد على وطردهم من البحيرة وحاول عربان اولاد على التودد الى محمد على وقدموا اليه الأموال طلباً للعودة الى البحيرة غير أن محمد على كان أمكر من الفريقين فأخذ يحرض كلاً منهما ضد الآخر وقدم المساعدة العسكرية للقبيلتين لإضعافهما والتخلص من أكبر عدد ممكن من مشايخ القبيلتين .




- حرصنا فى الحديث عن الهنادى والذى هو حديث لن ينتهي إبراز دورها والقبائل العربية من أبناء عمومتها والقبائل الأخرى فى التعاون المباشر فى حملات محمد على على الشام والسودان والحجاز وعندما نعود الى صفحة فرمانا ت سنجد الشيخ مجلى الطحاوى قائد ايالة فى الشام ورغم ذلك إستغل هذا الوالى الماكر الخلافات التى تنشب بين القبائل وبعضها البعض على المراعى وخلافه وغالباً ما يحلونها فيما بينهم وذلك للإيقاع بهم فى شراكه التى نصبها لهم هنا وهناك . الكثير والكثير من هذه المعلومات لدينا ولم أشأ أن أطيل على زائرنا العزيز .

- إستعنت بالله أولاً ثم إستعنت فى سرد هذه المعلومات بكتاب ( العربان ودورهم فى المجتمع المصرى ) فى النصف الأول من القرن التاسع عشر د . ايمان محمد عبد المنعم ، وقد إستعرضت د . ايمان فى كتابها ( منح الأراضى للعربان وبداية التوطن ، العربان فى خدمة السلطة ، الحياة الأجتماعية للعربان ) .
- نبحث لاحقاً عن الهنادى فى باقى الأقطار العربية ومن هذا المنبر أناشد كل هنداوى لديه معلومات موثقة أن يوافينا بها أو يدلنا عليها ونحن من جانبنا سنستمر .

الهنادى فى سوريا

* ذكر العلامة الكبير أحمد وصفى زكريا فى كتابه ( عشائر الشام الطبعة الأولى - 1945 ، 1947 م ) إن هؤلاء الهنادى نصف حضر من بقايا الأعراب المتطوعة فى جيش إبراهيم باشا حينما إستولى على حلب فى سنة ( 1248 هـ ، 1832 م ) وهؤلاء البقايا من عشائر مصرية مختلفة فى الأصول والمنابت ظلوا فى البلاد التى حلوها وتزوجوا وتناسلوا ، وألفوا عشيرة موحدة سميت بالهنادى نسبة إلى الهنادى الذين كانوا أكبرها وأقواها ، والموجود منهم فى شمالى الشام يقطنون قضاء الباب فى قرى الجبول وحقلة والجديدة وتل سبعين ، وهى قرى محيطة بمملحة الجبول ويقطنون فى قضاء منبج قريتى أبى قلقل وخربة العشرة وهما من أملاك الدولة ، وفى قضاء عين العرب فى قريتى قرة موخ ورسم الغزال التابعتين لناحية صرين ، وفي قضاء جسر الشغر فى قرية الزيادية ، وفى قضاء المعرة فى قرية خان شيخون ، إذ كان الهنادى فى الأصل بدواً رُحل ، من أعراب القطر المصرى ، لم تختلف عليهم البيئة فى هذه الديار الملآنة بالعشائر ، وهم بعاداتهم العشائرية يودون كل قسم لوحده ، حينما يقع قتل فى عشيرة غريبة عنهم ، فهنادى أبى قلقل يدفعون الدية لوحدهم ، وهنادى الجبول لوحدهم وهكذا ، إلا إنهم يتزوجون من بعضهم ومن العشائر المجاورة ، ومنهم قسم بادية رحل ، يعرفون بالبيايعة تحت راية إبن موينع ، رئيس إحدى فرق الإسبعة الأقمصة وعلاقة هؤلاء مع بقية الهنادى ثابتة ينجدونهم إذا ندبوهم للنائبات وعدد البيايعة ( 250 ) بيتا ، وعدد الهنادى الموجودين فى القرى المذكورة نحو ( 400 ) بيتاً وهم مجدون فى عملهم وحالتهم حسنة ، ولا يزال لجميعهم علاقات ومراسلات متواصلة مع أقاربهم الباقين فى القطر المصرى ويتزاورون ، وقد كنت أرى فى أبى قلقل بعض العائدين منهم من مصر حديثاً ، وفى لسانهم اللهجة المصرية ، فالذين فى خربة العشرة وأبى قلقل من دمنهور وكفر الدوار ورمل الإسكندرية والعريش وإسم أفخاذهم هنا الربيع والبشابشة ، وإسمهم فى مصر الجميعات وولد على وبنى عونة ، ورئيسهم هنا الشيخ إبراهيم الحسن الربيع ، وقد إنتخب أخيراً نائباً عن قضاء منبج وهو رجل عاقل رزين ووجيه فى عشيرته ومنطقته يقيم فى قرية أبى قلقل وله عدة أولاد أكبرهم الشيخ محمد ، أما الذين فى تل سبعين وحول مملحة الجبول فأصلهم من صعيد مصر ، ورؤساؤهم هنا جنيد الحاج موسى البطران وأسمهم هنا البطارين ، وأسمهم فى مصر الصفوية والبراعصة ، أما الذين فى قرة موخ وفى البادية مع الإسبعة فأسمهم أبو عتيقة والبيايعة ، وفى مصر الولد على ، ويذكر المعمرون أن الحاج بطران رئيس الهنادى كان حوالى سنة ( 1275 هـ ، 1864 م ) مكلفاً بتوطيد الأمن فى ناحية سفيره وأنحاء الجبول وتحت أمرته قوة كافية من فرسان عشيرته الهنادى وأنه كان صاحب حول وطول كبيرين فى ذلك العهد ومثله الشيخ ربيع العبد الله جد الشيخ إبراهيم الحسن الربيع كان متسلماً توطيد الأمن من دير الزور إلى عينتاب فى عهد يوسف باشا شريف متصرف لواء دير الزور ويوجد منهم فرقة فى قضاء أعزاز فى قرية مارغ فى مشيخة أحد أبناء بيت أبوعلى وهناك فرقة أخرى من الهنادى يقيمون مع أعراب المشهور ويقطنون في قرية رسم الغزال )


ابو شدوان الهنداوى

م. يرى الباحث الكبير شيخ العرب / محمد أحمد هنداوى ابو شدوان سليل الشيخ محمد على هنداوى المصرى(ابو على) المذكور فى عربان قبيلة الهنادى المصرية التى تعود لهند بن سلام ، فى حصرعام ( 1264هـ ، 1848 ) والذى كان ضمن حملة إبراهيم باشا على الشام وكان من سكان مديرية الفيوم يوضح :

أنه بمراجعة كتاب عشائر الشام للعلامة أحمد وصفى ذكريا فى ذكره للهنادى فى سوريا ـ لاحظ أنه يذكر هنادى اعزاز فى قرية مارع او مارغ والصحيح انها فى الأصل كلجبرين .
ـ ويستطرد باحثنا المحترم فى ذكر ما لم يذكره احمد وصفى ذكريا فى كتابه عشائر الشام عندما زار بادية منبج التى سكنها آل الربيع وبادية الباب التى سكنها آل بطران ولم يلتق بالهنادى الأصليين سلالة هند بن سلام ، لأنهم اقاموا فى حلب ومزارعها حيث اقام جدنا المصرى محمد على هنداوى ، وقد كان عسكرياً يحمل لقب باشا ومعه عبد يخدمه فى البداية فى حلب حارة ابن يعقوب ، وعمل فى مالية حلب مع متسلمها عبدالله بك البابنسى حتى عام 1850 ، ثم إنتقل إلى بلدة كلجبرين اعزاز ليصبح شيخ الهنادى فى شمال سوريا وغربها ، وهنادى أعزاز من عشيرة الهنادى المصرية الأصل التى هى جزء من القبيلة الأم الهنادى فى مصر ونسبتهم هنداوى ، وجاء معه إلى كلجبرين اخيه حمد وديبو هنداوى وخليفة هنداوى مع العلم أن آل هنداوى فى محافظة حلب وإدلب وحماه اقارب عصب جائوا من الفيوم. بالنسبة لمشايخ الهنادى الآن يوجد شيخان من البراعصة فى تل سبعين ومن يتبعهم وشيخ من الجميعات من آل الربيع فى ابى قلقل ومن يتبعهم ، اما الهنادى الأصليين آل هنداوى فليس لهم شيخ الآن لأن العشائرية ضعفت عندهم لدخولهم كافة مناحى الدولة .





#buttons=(قبول!) #days=(20)

موقعنا يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز) لتعزيز تجربتك. المزيد
Accept !