جديد ومفيد لأصحاب الخيل :
كتاب "كامل الصناعتين في البيطرة والزّردقة"
"عندما يحضر التراث تحضرالذاكرة محملة بعبق تاريخ الأجداد، تشدنا وتأخذنا إليها في رحلة عبر ماضً أنتجه الأجداد، ليخلقوا منه تواصلاً بين الماضي والحاضر والمستقبل، فتُمنَح الأصالة، وتتشكل الثقافة التي يترجمها الإنسان بأنماط سلوكية وعادات وقيّم".
إن الطبيب البيطري أبي بكر بن بدرالدين المتوفى عام (741 هـ ـ 1341م)، كان قد جمع مادة كتابه من ممارسته البيطرة وعن والده وعن ابن أخيه حزام كما ذكر، وما جمعه عن العرب والعجم وحكماء الهند أيضاً، وسماه (كامل الصناعتين في البيطرة والزّردقة، المعروف بالناصري) نسبة إلى جلالة السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وذلك في مخطوط ذهب إلى مائتي وعشرين صفحة مُزيّلاً بجزء عن الفيلسوف جنة الهندي وزير الملك كسرى أبرويز. وهذا الجزء الذي عن الفيلسوف الهندي قد يظهر في بعض النُسَح، وقد لا يظهر، وبعض النُسَخ تُزوّد بالرقوَات والتعاويذ وما قد يحتاجه صاحب الأنعام من هذا الشأن.
قراءة في كتاب "كامل الصناعتين البيطرة والزَردقة" لابن البيطار
أهدى أبي بكر البيطارالمخطوط إلى (خزانة ـ مكتبة) جلالة السلطان الناصر (684 ـ 741هـ) ـ (1285 ـ 1341)، فقد كان كبير بياطرته، منذ ذلك التاريخ عكف الناسخون على نسخ هذا المخطوط وبيعه وإهدائه حتى نهاية القرن التاسع عشر، حافظ هذا على تواجد هذا المنسوخ لدى الأوساط العربية وكافة المهتمين بالخيل حيث تخصُص الكتاب. بالتالي ظهرت نُسخ منه في الوطن العربي وكثير من المكتبات العالمية، ومنه نسخة في دار الكتب المصرية وأخرى في مكتبة الإسكندرية، ويختلف تاريخ النسخ واختلاف الناسخين أيضاً، وكم ناسخاً اشتركوا في نسخ مخطوط واحد، أي أكثر من ناسخ وأكثر من خط وطريقة نسخ وتاريخ مختلف، وأيضاً وجدنا عند عرب الطحاوية بالشرقية بمصر ثلاث نُسَخ منه ، وناسخهم واحد إسمه / عبدالله محمد حسونة، لم نتحقق من هويته بعد، وتعود هذه النُسَخ الأخيرة إلى أكثر من مائة وأربعون عاماً من تاريخ اليوم 2022م .
ثقافة تربية الخيول متوارثة عن الأجداد
المرحوم شيخ العرب / عبدالله سعود الطحاوى وحصانه جوهر كحيلان تامرى 1925
- استعرت أنا محدثكم نسختنا لجدي المغفور له بإذن الله تعالى شيخ العرب الحاج / عثمان عبدالله سعود الطحاوي، استعرتها من عمى لأصوّرها، وكان ذلك قبل عام 1980م، وكانت قد عادت إليه بعد وفاة جدي رحمة الله عليه عام 1971، وتم لي ذلك، وكان التصوير في ذلك التاريخ وجهاً واحداً، لذا تضاعفت صفحاته، فصرت أقرأ وأضع ملاحظاتي على الصفحات البيضاء بين تلك المصوّرة.
- وبما أنني كنت مُلماً بالخيل ممارساً وقارئاً واعياً في أمرها، وتربينا في مرابط عظيمة للخيل، لم تكًن مفردات الكتاب بغريبةً على، رغم أن جميعها مفردات ذلك العصرالمملوكى، والمخطوط يعتمد في علاجاته على الأعشاب والكي، فبت في حيرة من أمري!!
- كل ما بالمخطوط من ممارسات وطرق علاج وإنتاج نحن نمارسها تماماً؟ إذاً هل أخذ مادته عنّا! ونحن لم نكن كنّا قد دخلنا بر مصر بعد، وكنّا مازلنا في إقليم برقة، أم هذا الكتاب كان مقرراً علينا نحن عرب الطحاوية نذاكره ونمارس منه؟ وأثناء وجود المخطوط بيننا، قليلون منّا من كانوا يجيدون القراءة والكتابة، بل جُلهم يحملون أختام التواقيع، فكيف أتتنا هذه الثقافة؟
شيخ العرب العرب المغفورله الحاج /عثمان عبدالله سعود الطحاوى صاحب المخطوط
بدوالعرب هم أصل الخيل منذ عصرالمماليك
- بمراجعة تاريخ السلطان الناصر محمد بن قلاوون وجدت أنه هو الوحيد من سلاطين المماليك الذي كان مهتماً بالخيل أيما اهتمام (داخل الكتاب فصل عنه)، وكان يشتري الخيل من (البدو) ويجُزل لهم العطاء.
- إذاً ونحن؟
- من هم البدو الذين كان يشتري الخيل منهم إذاً؟
- ذكر: آل فضل وآل مهنّا، إذاً عليّ أن أتعقب هؤلاء البدو، فوجدت أنهم من قبيلة الموالي يعودون إلى قبيلة طيّيء وهم أصحاب خيل وإمارة وحكام أيضاً في حقب المماليك، وهم معروفون للآن بالفضول في بلاد الشام، إذاً هؤلاء هم العرب الذين نقل عنهم أبي بكر البيطار كما ذكر، بقاعهم مراح لنا فقد نقل إبن البيطار عن العرب عامة .
شيخ العرب المرحوم طلب راجح الطحاوى
علاقات بدو الطحاوية خارج مصر
- الشاهد أن: عرب الطحاوية منذ وصولهم إقليم الشرقية مع بداية عصر محمد علي والتحامهم بجيشه، ومن عقبه من ذُريته من حُكّام، وهم على هذا الحال مشاركون في كل حملاته خارج مصر، بدأً بالحجاز وانتهاء بسوريا، وتملكوا أرضاً في سوريا، وبنوا عليها دوراً، ومكثوا هناك سنين، واختلطوا بقبيلة عنزة وقبائل الجزيرة العربية والشام بشكل عام اختلاط وثيق قائم على الاحترام، ودامت العلاقة حتى عام 1956، أي أكثر من مائة عام وهناك جسر أشبه بطريق الحرير يحمل العديد من الثقافات، وزائر الموقع التاريخي لأسرة الطحاوية سيجد كل ذلك بالموقع.
تأثير الثقافات المختلفة على عرب الطحاوية
- إذاً نحن: عرب الطحاوية وأبي بكر البيطار كنا نغرف من معين واحد، إذاً لم يعد هناك حيرة في الأمر، ولكن نقول: نحن ثقافتنا المغاربية التي أتت معنا من شمال أفريقيا اختلطت بثقافة شرق مصر ثم ثقافة بادية الجزيرة العربية والشام.
- فكانت عاداتنا وموروثاتنا خليطاً من الثقافات، وليس ثقافة بادية الشام والجزيرة العربية فحسب، بل كل ثقافة أضفت على الأخرى من طيبها، فكان مزيجاً نضح بما هو طيب وسمين ونفيس، وأولىَ به أن يُسطّرّ بمداد من الذهب.
- وهذا شغلنا الشاغل في هذه الفترة، حيث بات من المؤكد لنا أن المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل أمور وقتيه، وستقف بعد وفاة صاحبها، وأن جميع زائريها للأسف الشديد لا يطبعون ما يعجبهم ويتركونه لأولادهم.
- فبالتالي مهمتنا القادمة هي التوثيق من خلال الكتب، فقد بدأنا بالفعل والتوفيق من الله -سبحانه وتعالى- في عمل موسوعة ضخمة شاملة التاريخ والتراث المادي واللا مادي والفلكلور، وصدر الجزء الأول بحمد الله تحت اسم / بدو الطحاوية في إقليم الشرقية تاريخ وثقافة.
موقع نيل وفرات : www.neelwafurat.com
محتوى مخطوط "كامل الصناعتين لابن البيطار" وعلاقة الطحاوية به
- هذا المخطوط لنا فيه شأن، حروف المخطوط بالريشة مكتوبة، مفرداته مملوكية صرف، أسماء الأعشاب باللغة الفارسية، لتحويل هذه الكلمات إلى لهجة تُقرأ بسهولة، وشرح معاني الكلمات وتفكيك المصطلحات، والحديث عن هذا الطبيب والسلطان وعصره، والخيل في مصر منذ عصر الفراعنة، وتحضير مخطوطات أخرى لعمل مقارنة، وعلاقة الطحاوية بالمخطوط وما الذي دفع المحقق لتحقيقه؟ ومقدمة وخاتمة و...، وأيضا عدد من الملاحق، كل هذا يسمى تحقيق ومراجعة، وهذا منهج علمي بحت.
د. سلوى بكر والدكتور/ أسامة السعدونى والأستاذ الفنان/ أحمد الجناينى أثناء مناقشة المخطوط والتعاقد وذلك فى سلسلة التراث الحضارى ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب
شكر واجب لشخصيات ساهمت في الحفاظ على تراث المخطوطة
- إذا أنت بحاجة فوراً إلى: تذكرة داوود الضرير الأنطاكي، وكماً كبيراً جداً من المعاجم، ولا ننسى أن نشير وبشكل كافً إلى هؤلاء الشيوخ من آلّ فضل وآلّ مهنّا، حيث إن من سبقنا بتحقيق المخطوط خارج مصر لم يشر إليهم فنحن نحدّث بما عرفنا، والله المعين.
- نحن أصحاب المخطوطة، وأصحاب خيل وتاريخ، وتاريخنا ملك لنا، نحن أولى بتحقيقها، وهذا أخيّر بكثير من باحث وجد مخطوطة على أرفف مكتبة الجامعة وذهب ليحققها، هناك تباين واضح، كل ذلك وأكثر على صفحات هذا الكتاب، فهو بحق ذُخره تاريخية علمية يجب أن تكون موجودة لدى كل هاوً للخيل.
- هكذا يمكن تحويل الميراث إلى موروث ثقافى، ثم العمل عليه بطريقة حضارية، أي بعث الروح فيه، وإتاحته بشكل راقً، لندفع به إلى مالانهاية، ليجده الأحفاد في المستقبل البعيد في إنتظارهم، من منجزات من سبقوهم، هي دعوة إلى القراءة والحفاظ على التراث، ووضعه المكان الأولىَ.
- (الناسخ: تم هذا الكتاب بعون الملك الوهاب في اثنتين وعشرين مضت من شهر ربيع الثانى، الذي هو من شهور سنة ألف مائتين وستة وتسعين هجرية، على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، على يد كاتبه الفقير إلى ربه القدير يرجى من الله العفو والمعاونة / عبدالله محمد حسونة، غفر الله له ولوالديه وللمسلمين مذهباً شافعي، طريقة أحمدى. (1296هـ، 1879م).
- الناشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب
- سلسة التراث الحضارى
- رئيس التحرير : الأستاذة / سلوى بكر
- مديرالتحرير : د / أسامة السعدونى جُميّل
- سكرتيرالتحرير : الأستاذ / طه حسين
- الفنان التشكيلى الجميل الأستاذ / أحمد الجناينى
- الباحث المحترم / عبدالله وجدى بركات